تقرر أن تُعلَن الحكومة في وقت أبعد ما يكون عن أوقات العمل الرسمي ، لست أدري ماهو الطابع الاستعجالي في الموضوع خصوصا أنني قرأت مؤخرا للخبير الدستوري المرموق إدريس ولد حرمه ولد ببانه ما مفاده أن لا حدود زمنية في الدستور الموريتاني لتشكيل الحكومة .
سرعان ما تلاشت في ذهني فكرة الحكومة التي عُينت بليل حين بدأت أقرأ على مهل لائحة وزراء المأمورية الثانية .
كنت قد كتبت في مقال سابق بعنوان " أحاديث البسطاء " بعض الاقتراحات المتعلقة بتشكيل الحكومة منها الاحتفاظ بأصحاب وزارات الداخلية والخارجية والعدل والدفاع لضروات المرحلة وهو ما كان ، ومنها كذلك ما يتعلق بتعيين وزير للتعليم العالي له باع طويل في التدريس والبحث العلمي الرصين الجاد وهو ما اتفق مع تعيين الدكتور يعقوب ولد امين وفيما يخص ما اقترحته في ذات المقال بشأن اختيار وزاراء ( الصحة والتعليم والتجهيز والنقل والنفط والمياه ) من داخل قطاعاتهم فقد تم تعيين البروفسور عبد الله ولد وديه على رأس وزارة الصحة وهو المدير السابق للمستشفى الوطني واختيار الدكتورة هدى منت باباه القادمة من المعهد التربوي وزيرة للتربية ومحمد ولد خالد الذي كان مديرا للشركة الوطنية للمحروقات وتمت تسميته وزيرا للنفط والطاقة بالاضافة إلى أن وزير التجهيز والنقل أعلي ولد الفيرك ليس غريبا أبدا على قطاعه فهو مدير سابق لشركة صيانة الطرق .
وكان مما دعاني إلى إيراد هذه المقارنة رغم الاحتمال الوارد جدا بأن الوزير الأول لم يقرأ مقالي هو أن أظهر للعموم أن تقديم المقترحات وإبداء الرأي في الشأن العام ليس سفسطة أو تنظيرا عديم الجدوى ، فكل السياسيين و قادة الرأي في العالم يطالعون باهتمام شديد ما يُكتب يوميا في الصحف والجرائد الصادرة في بلدانهم ، حتى في انظمة الحزب الواحد ولنأخذ مثلا علاقة عبد الناصر بهيكل والعلاقة الدرماتيكيه بين السادات ويوسف أدريس ، و في تاريخنا القريب كان معاوية أحد القراء الأوفياء للراحل حبيب ولد محفوظ .
ما دمنا لم نقم البرهان على أن معالي الوزير الأول قرأ المقال السابق أم لم يقرأه فإننا سنفترض الاحتمال الثاني ونتمادى في إبداء ملاحظاتنا :
- ملاحظتنا الأولى : حول محاربة الفساد التي هي من أولويات هذه الحكومة وفي هذا الموضوع نقول لمعالي الوزير الأول إن الوزير ليس دوما رأس الحربة في الفساد فمعظم المشاريع التنموية الحالمة في البلد تم الاجهاز عليها من تحالف ثلاثي يتمثل في منسق المشروع من جهة و مكتب المراقبة من جهة أخرى بينما الجهة الثالثة تكون الشركة المنفذة التي ربما لم تكن
تدر في أكثر تخيلاتها فسادا بساطة وسهولة العروض المقدمة من طرف الجهتين آنفتي الذكر .
- ملاحظتنا الثانية : حول الفوضى الإدارية داخل بعض الوزارات وعدم احترام بعض الموظفين للسلم الاداري فلكل موظف من هؤلاء قريب أو صهر أو حليف يمكنه من تجاوز السلم الاداري وبالتالي تزاحم الملفات غير المهمة نظريتها الهامة على مكتب الوزير .
- ملاحظتنا الثالثة : حول تداخل الصلاحيات بين بعض إدارات وأجهزة الدولة وهو أمر معرقل لانسياب العمل الحكومي فماذا لو جمعت مثلا تآزر وتمكين ومفوضية الأمن الغذائي في وزارة أو مفوضية واحدة تُعنى بمكافحة الفقر والبطالة ؟
ملاحظتنا الخامسة : حول رقمنة المرور وذلك بتحويل الملفات الورقية مثل البطاقة الرمادية وغيرها من أوراق السيارة إلى ملف الكتروني تضاف إليه المخالفات المرورية و الفحص التقني للعربة وفي حالات تراكم معين لمخالفات صاحب السيارة أو تجاوز الفترة المحددة لإكمال أوراق سيارته ترسل له رسالة نصية عبر الهاتف للتذكير و عند التمادي يتم التعامل معه وفق الاجراءات المتبعة ، هذا التطبيق سيزيد من انسيابية المرور و يحسن الوجه الحضاري للعاصمة التي يمكن للمواطن أو المقيم أو السائح في أي لحظة أن يتعرض لايقاف وطلب للأوراق من أمن الطرق مما قد يضيع الوقت ، زد على ذلك أن هذا التطيبق سيحد بإذن الله من الحوادث الناجمة عن مطاردات الشرطة أو تفادي حواجزها .
ولنتفرض كذلك أن معالي الوزير لا زال يقرأ ملاحظاتنا ونختم له بأن كل الملاحظات غير مجدية مالم تجد أرضا خصبة بالعدل والحكامة الرشيدة وقديما قال بعض الحكماء : ( عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان )