قليلا من الإنصاف يرحمكم الله / محمد الهادي ولد حمادي

محمد الهادي ولد حماديبقدرة ربك تحول حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل في نظر بعض رفاق الدرب من حزب معارض وشريف ومناضل ، إلى حزب يسعى لإضفاء شرعية على الجنرال ، وناكث للعهد و غير ذلك من الصفات التي جاد بها رفاقنا في لحظة غضب غير سياسية، ملأت الأفق سبابا و اتهاما .

وبقدرة ربك أيضا تحول مشرعو الانقلابات و عباد العسكر ولاعقي أحذيتهم  - في لحظة نضالية نادرة- إلى دعاة للحرية يعظون الناس حول الحكم العسكري و الانقلابات و العهود و السلطة.

من المؤسف أن الذين يتبارون اليوم للهجوم على تواصل وقد ألقوا كل عداواتهم وخلافاتهم مع النظام ، واتخذوا من تواصل بديلا له، هم بعض ممن جمعنا معهم – ذات مساء- شيء من النضال كنا فيه رأس حربة ، وكانوا فيه من الزاهدين.

إن الذين يجترون اليوم معاني النضال و قيم البطولة و الشهامة هم أنفسهم الذين كنا نتفق معهم على الخروج ضد العسكر، حتى إذا التقى الجمعان  انصرفوا جميعا، فلا نحس منهم من أحد ولا نسمع لهم ركزا،و لا أذكر أحدا من المتحمسين اليوم للهجوم على تواصل كان قد جاد بنفسه ولو مرة لدخول المعتقل،بل كان كل المعتقلين في كل النزالات من تواصل،وقد اعتقل أغلب شبابه، و جاهد البعض الآخر في تنظيم المسيرات و المهرجانات ، وهو الذي تميز مناضلوه بقوة الحشد والتنظيم

كان بعض الناس أيام النضال أشحة على النضال وعلى الناس، حتى إذا ذهب الخوف سلقوهم بألسنة حداد أشحة على الخير، أولئك لم يؤمنوا بالنضال المشترك يوما، فأحبط الله أعمالهم وشتت جمعهم.

إن كفران العشيرة الذي هو أكثر ما يدخل النساء النار يوم القيامة، هو ميزة بعض الأحزاب السياسية التي  ترى حرية في أخذ قرارها بالمقاطعة، وتضن بتلك الحرية على غيرهم من الأحزاب، فإما أن تكون معهم فيما هم فيه ، أو أنت من المغضوب عليهم ومن "الضالين" أيضا. وإن تعجب فعجب قولهم إن المشاركة في الانتخابات يشرع النظام، و هذا – طبعا- على أساس أن الوقوف مع انقلاب 2008، وتنظيم المسيرات المؤيدة له ، كان عملا وطنيا يهدف إلى مناهضة الانقلابات و رفض تشريعهم.

وبالحديث عن تشريع النظام القائم، فإنه من الضروري تذكير الإخوة وهم مقبلون على إفشال الانتخابات أن ترخيص المسيرات و التحركات الاحتجاجية هو اعتراف بالنظام وتشريع له.

إن المشاركة بحد ذاتها ليست خطأ سياسيا، ولم تنشئ الأحزاب لأجل المقاطعة، ولا يصرفها عن المشاركة  إلا صارف من الحكم الكبير ، ولو نفترض جدلا أن المقاطعون للانتخابات كانوا على صواب في ماذهبوا إليه، فما هو البديل المقنع الذي سيفرض تغيير النظام ، و ينقذ البلاد من وحل الفوضى والخراب .؟ أهي البيانات ؟ أم المهرجانات ؟ أم المسيرات ؟

إن قرار المشاركة في الانتخابات كما هو قرار المقاطعة، هو خيار سياسي يخضع لقراءة الحزب للوضعية الراهنة،و تمليه الظرفية ويساعد في اتخاذه الضغط الجماهيري للحزب، وكلا الموقفين –المشاركة والمقاطعة- هو اجتهاد سياسي لا يعني الأول تشريعا لنظام قائم، ولا يعني الثاني عدم اعتراف به بالضرورة، و " المشاركة مع رفض قواعد اللعبة موقف مفهوم يمليه تشخيص الوضع السياسي الحالي و هو موقف ليس جديدا على المعارضات الجادة في ظل الاستبداد فلنفهم ذلك" كما كتب الأستاذ محمد جميل منصور على حسابه على تويتر. لم ينقض الحزب ميثاقه مع المنسقية، فالميثاق لم يتحدث عن المقاطعة لأنها موقف بحد ذاته، ولم يتحدث أيضا عن الشروط لأنه بانعدامها يتحدد موقف المقاطعة، بل ظل يؤكد لرفاقه في المنسقية أن خيار المشاركة هو خيار مطروح بشكل كبير.

إن التحامل الذي نشهده اليوم على تواصل - وقد أفقد البعض بقايا موضوعية كان يتمتع بها-  هو أمر مثير للاستغراب، والدهشة، وقد سال حبر كثير في هذا الموضوع أنصف البعض و تحامل البعض الآخر ، ولقد كان من الإنصاف أن يعطوا كل أمر حقه..فقليلا من الإنصاف يرحمكم الله.

30. أكتوبر 2013 - 22:29

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا