إننا نـُـقـْـبـِل على مرحلة الانتخابات و الحوار و كذا النقاشات البعيدة كل البعد عن الإشكالية الأساسية ألا وهي اللامركزية،و الجدل يبقى قائما حول مركزة القرار إذ أن الآليات السياسية فيما يبدو تخدم الجهاز التنفيذي على حساب التشريعي و القضائي.
إن مجلس الشيوخ الذي بدأ البعض يشك في جدوائيته أصبح تجسيدا لفشل المنظومة السياسية في البلد و يعتبر هذا المجلس الغرفة العليا ، المنتخبة من طرف المستشارين البلديين، والتي لا يمكن حلها من طرف الجهاز التنفيذي، الضمان الوحيد لتوازن القوى بين أجهزة الدولة ، و من المفارقة أن هذا المجلس لم يسبق حسب علمي أن تقدم بأي مشروع ، لا هو و لا مجلس النواب،و من باب أحرى أن يدعم أو يقترح مشروعا قانونيا من أجل التنمية المحلية ، على العكس من ذلك يهدف إلى إجهاض و تقليص دور المنتخبين المحليين و الدليل على ذلك هو المشروع القانوني الذي سحب بساط "التهيئة الطرقية " من البلديات تحت ذريعة الموارد المالية و البشرية.
إن اتخاذ القرار في المنظومة الديمقراطية لا يبتعد كل البعد عن الآليات السليمة التي تهتم بالشأن المحلي و لأنه من الجدير التنويه أن البعد المحلي هو البعد المتبع في الدول ذات النظام الاشتراكي ، كالصين و روسيا على غرار الدول الغربية ذات الباع الطويل في ترسيخ الديمقراطية و من المفارقة كذلك أننا ننهج نهجا ديمقراطيا بدون اتخاذ آليات ذات جدوائية تجسد فعالية القرار،حيث أن الطبقة السياسية معارضة كانت أو أغلبية لترتكز في نقاشاتها على المكاسب السياسية المـَحـْضـَة بدل من المكاسب التي تمكن الدولة و منظومتها من حل إشكالات "سياسة القرب من المواطن" التي تعتبر حسب المتخصصين انجع الوسائل للتنمية الكلية.
و لتقريب المقاربة إليكم مثالا مبسطا لفهم ضرورة لامركزية القرار، هل يمكن لرئيس شركة مكونة من 100 ألف عامل أن يهتم بكل صغيرة و كبيرة لاتخاذ أي قرار متعلق بقطاعات شركته؟ و هل على رئيس الجمهورية اتخاذ قرار خاص بحـَـيٍّ من أحياء عرفات، و إن كان باستطاعته ذلك: حيث أنه من أجل متابعة تنفيذه يجب المرور بمسطرة مطولة،ولو حصل قد يستلزم ذلك شهرا أو شهريين لكي يطلع عليها ذو الشأن الأول المعني؟ و إلا فالحل هو المظاهرات أمام القصر الرمادي و هو ما هو كائن، وعلى الكـُل شـَدُّ الأحزمة من أجل ذلك ! .....