ردا على مقال : "اسرائيل تنتقم من موريتانيا " / أحمد ولد الســــالم

قبل أيام  لفت انتباهي  في احد المواقع  الوطنية  هذا العنوان  : "  اسرائيل تنتقم من موريتانيا ! "   بقلم  الكاتب :   بادو ولد محمد فال امصبوع ، لكني  لم  ألق له  بالا  وخطر  ببالي على الفور شيوع  وتفشي  نظرية المؤامرة  في  عالمنا العربي  وتحميل اسرائيل  مسؤولية كل كبيرة

 وصغيرة  تحدث في  بلداننا ، رغم  غطرسة اسرائيل وانغماسها  في  أدق تفاصيل  شؤون امتنا ، لكن  وللأمانة  لم  يخطر ببالي أبدا  أن  صاحب المقال  أراد  أن  يحمل  اسرائيل  هنا  بالتحديد   مسؤولية  ما تشهده  الساحة الوطنية  منذ بعض الوقت  من  حراك  سلمي  تقوده  نخب  تنتمي  لبعض  شرائح  المجتمع الموريتاني المكتوية  بنار الظلم  والتهميش  والاحتقار والازدراء ... وعلى  الرغم من عدم استبعاد  فرضية  رغبة  اسرائيل في  زعزعة  استقرار  هذا البلد  العربي  او الاسلامي  او ذاك  من  خلال  اللعب  على  الوتر  العرقي والطائفي  واستغلاله  بل وتجييره    لمصلحتها   كورقة  تبتز بها بعض   الانظمة  المتمنعة  على التطبيع  معها ،  على الرغم من كل  ذلك  يجب  ان   ندرك  هنا في موريتانيا تحديدا أن خصوصية و حميمية   العلاقات  التي نسجتها  الدبلوماسية الاسرائيلية  - خلال فترة التطبيع-  مع  النخب السياسية  والاقتصادية  وحتى الدينية    في موريتانيا  , تغنيها  عن  التسكع  في  احياء الصفيح - حيث العوز والفقر والتهميش - بحثا  عن  اصدقاء  وعملاء  بلا  حول ولا قوة ،  وعلى رأي  المثل الحساني القائل : " اللي اجبر أم  ما يرضع  جدات ُ " ،  فخلال مقابلة  نشرها  موقع  اسرائيلي  يدعى " والا " ،  تولى  ترجمتها  الى العربية موقع  " موريتانيا بلا حدود " بتاريخ  الأحد, 17 تموز/يوليو 2011 ، كشف  سفير الكيان الصهيوني السابق في نواكشوط بوعز بوسميث  خلال تلك المقابلة و بشكل  لا يدع  مجالا  للشك  أن  للدولة  العبرية  اصدقاء  وعملاء  من العيار الثقيل في  أرض  المنارة والرباط  وأن  هؤلاء الاصدقاء  أو العملاء  قدموا  لإسرائيل  كلما  تريد  وعرضوا  على سفيرها   فوق  ما يريد  حتى ان   بعضهم  عرض عليه الزواج  بإحدى بناته  وآخر  أهداه   قطيعا من الابل  وقدم   له  ولد الطايع  قطعة  ارضية  في العاصمة نواكشوط  ضن بها  على مواطنيه  وما خفى اعظم  ...وسنكتفي هنا بالتذكير بأهم  ما جاء  في مقابلة  سفير العدو .  

                          - فقد استهل السفير الاسرائيلي  المقابلة بقوله  : " أنه يكون سعيدا جدا عندما يتعلق الأمر بالحديث عن تلك الذكريات التي وصفها بالجميلة وهو بين اصدقائه ومعارفه في موريتانيا ، تلك البلاد التي لن انساها ما حييت ، وساعمل كل ما اتيحت لي الفرصة على العودة اليها سواء تعلق الامر بعملي كدبلوماسي او عبر زيارة غير رسمية يقول السفير" .

ولم  يكن  ولد الطايع  الوحيد  الذي  اسهم  في  توطيد  دعائم  تلك  العلاقات  بل  ازدادت قوة بعد رحيله  يقول بوعز بوسميث  : " وقد تبع ولد الطايع كل من الرئيسين اعل ولد محمد فال وسيدي ولد الشيخ عبد الله ، وهما الرئيسان الذان حاولا قدر الامكان المحافظة على السير بالعلاقات الثنائية بين موريتانيا واسرائيل في نفس الاتجاه ، وخاصة العقيد اعل ولد محمد فال الذي سرعان ما بادر الى اثبات حسن نيته اتجاه دولة اسرائيل ، وقد تطور ذلك ليصبح ولد محمد فال في مابعد من اهم اصدقائنا في المنطقة والعالم ."!! الدبلوماسي الصهيوني  في مقابلته تلك  ادلى بمعلومات  خطيرة  وفجر قنابل  من العيار الثقيل  حين  تطرق  الى  جوانب  مخجلة  من تطبيع  رجالات  دين  ومثقفين  وشخصيات نافذة  في المجتمع الموريتاني  مع  أن  أحدا  منهم  لم  يتعرض -  لحد الساعة - للمساءلة أو النبذ  أوالتخوين ! ،  يقول  سفير العدو :  "ان بعض مشاهير العلم ورجال الدين والفن والمال والسياسة كانوا يتسابقون دوما للحصول على بطاقة دعوة من اجل المشاركة في حفل السفارة السنوي المقام بمناسبة قيام دولة اسرائيل "!! ثم واصل  بوعز بوسميث   نشر غسيل  شخصيات مهمة  دون  ذكرها  بالاسم  حفاظا على خصوصية  علاقتهم باسرائيل قائلا :  " ان احد رجال الأعمال واعمدة الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي الحاكم سابقا خلال فترة ولد الطايع كثيرا ما حدثه عن بناته ، وعن عدم اعتراضه على فكرة ان تتزوج احداهن شخصا من غير محيطها الاجتماعي خاصة ما اذا كان هذا الشخص في منصب مرموق كمنصب سفير ، وسفير دولة يمكنها ان تقدم الكثير لمصلحة موريتانيا يقول السفير نقلا عن محدثه ."!! ولم  يقتصر  الامر على السياسيين وغيرهم ممن  اشاد بهم  السفير  بل تعداه   الى  ماهو اخطر من ذلك بكثير  يقول سفير العدو في ذات المقابلة   " إن بعض الاسر وحتى القبائل الموريتانية ـ الحسانية المشهورة ذات اصول يهودية , مشددا على ان بعض مشايخ هذه القبائل كان يحدثه عن اصوله اليهودية خلال بعض الاستقبالات التي كانت تجري في مبنى السفارة في العاصمة نواكشوط ."!!

وفي ختام  المقابلة  لم يفت السفير الصهيوني الاشادة بما اسماه "كرم  ضيافة الموريتانيين" مذكرا  بأنه : " يملك قطيعا ليس بالكبير من الابل كان هدية له من بعض الاصدقاء والوجهاء ، كما ان الرئيس السابق ولد الطايع اهدى له قطعة ارضية تبرع بها فيما بعد لمنظمة خيرية ."!!

كاتبنا  العزيز – أبادو- الآن وقد اطلعت  على  هذه المقابلة  واحسب انها ليست  المرة الاولى التي  يقع بصرك عليها  فلتسمح لي بالسؤال التالي :  هل اتسع صرك   و صفحك     كل  هذه  الشخصيات  والزعامات  الهامة  والتي توزعت – حسب السفير الاسرائيلي – بين رؤساء  دولة   وزعامات حزبية  وشيوخ  قبائل  و شخصيات  دينية  وثقافية وفنية  ومالية  مرموقة ...وقد  تهافتوا جميعا  على  مائدة  سفير اسرائيل  في قلب العاصمة نواكشوط  ما بين  مقبل  لحذائه  وساجد  تحت سارية  علم  دولته المغتصبة .. وهي الدولة التي تحتل مقدسات المسلمين وتوغل  في سفك  دماء  ابنائهم المرابطين على تلك الثغور...هل  اتسع  صدرك  وصفحك  عن كل  هؤلاء ، ولم  يتسع  صدرك  لإخوة  لك  في الدين والوطن  لا يختلف اثنان  على  وجاهة مطالبهم  وسلمية  نضالهم  مع ان السلاح  الوحيد  الذي  يستخدمونه   هو   سلاح   الكلمة والنقد الموضوعي  لأمراض المجتمع  وأخطاء السلطة  ، في زمن  ثورات الشعوب  التائقـــة  إلى  الحرية والعدالة والمساواة  والعيش الكريم ؟. وهل لا زلت  تحسن  الظن بأصدقاء اسرائيل الحقيقيين  وتسعى  لتبرئتهم  من  كونهم  اذنابها   وحراس مصالحها  في بلاد  شنقيط ، وتأخذ  بالمقابل   "لمعلمين " و"لحراطين "  بالشبه  فقط ، وكأنك  لم  تطلع من  قبل على  فحوى  تلك   المقابلة    رغم  انها  لا تزال  موجودة حتى هذه اللحظة  في  ارشيف  موقع  " موريتانيا بلاحدود " .؟!.

أتمنى أن تجد في ثنايا   مقابلة  سفير  اسرائيل السابق في نواكشوط  ما  ينير  لك  طريق  الحق  فتتبين  الحق من الباطل  و  المصلح من المفسد  . اما  بالنسبة  للرئيس محمد ولد عبد العزيز  فإننا  نقدر  له  عاليا  طرده   لسفير  العدو و  قطع   العلاقات مع اسرائيل  مع  انه   لم  يحرك ساكنا  لمساءلة   عملاء  اسرائيل وأصدقائها  ممن  باعوا ضمائرهم  بابخس الاثمان ، مع  ايماننا  في نفس  الوقت  بحقيقة  ان  هؤلاء   لا يمثلون  اهل   هذه  الارض التي  قد  نختلف  معهم - وهم  أهــلنا  في  كل  الاحوال - لكن ذلك  لا يمنعنا    من   قول الحقيقة   الناصعة  والمشرفة  وقد قال  جل من قائل : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم  على  ان لا تعدلوا  اعدلوا هو اقرب للتقوى ) ،  ففي موريتانيا  هناك ايضا  سياسيون شرفاء   وعلماء اتقياء  ومثقفون   اوفياء  لثقافتهم  وقضايا  أمتهم  المركزية  وفنانون  يحترمون انفسهم ... وتلك سنة الله  في خلقه و { لن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا} . بقلم : أحمد ولد الســــالم .     [email protected]

28. أكتوبر 2013 - 13:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا