المادة والمادة المضادة؛ (خواطر حول الحكومة الجديدة) / أحمدو ولد الشيخ ولد أحمدو

خطر ببالي أن أسجل إنطباعاتي عن الكوكبة الجديدة القديمة التى آلَت ْ إليها مسؤولية تسيير شؤون البلاد والعباد،وليس هذا الطّرح تَقْيِيمًاولا تَقْوِيمًا بِقدرما أنّه بَوْحٌ  بإرهاصات قد تكون هادفة وصادقة وقد تكون نَقِيضًا من ذلك..!!!
على كل حال،ستبقى العبرة فى الخواتيم و فى حجم  المنجزات المأمولة بعد حِينٍ من الزمن..!
هل طغى جيل التكنوقراط على التشكلة؟ هل كان تراكم التّجارب فى العمل المؤسسي، معيارا للتّكليف؟ ماذا عن إعادة ظاهرة التّدوير فى المشهد السياسي وكأن المناصب قسمة محتومة بين أعوان القوم؟ هل غاب التّخصص فى المنصب عن المناصب؟ 
منذ نعومة أظافرنا ونحن نعيش على الأمل فى إيجاد المُنقذ الذى سيرسو بسفينة البلد  إلى برّ الأمان بعد تلاطم وهيجان الأمواج العاتية من الغبن وتدنى الخدمات وإنعدام البنيّة التحتية وسوء التّسيير وإختلاس المال العام ونهب الثروات وتدهور الأمن وإنتكاس المنظومة الأخلاقية وقائمة طويلة من التّحديات المُلِحّة….؟ 
لا نخفي أنّ جذوة الأمل تلك ،إنطفأت بعد تهجين أوجه جديدة بأخرى قديمة جاثية فى كل التّشكيلات ..متى  يستقيم الظّل والعود أعوج؟ لقد تعلمنا من مبادىء قوانين الفيزياء،أنّ المادة العادية والمادة المُضادة إذا إِلْتَقَتَا فإن كلاً منهما تُفْنِي الأخرى وتَتَحَوَلانِ الى طاقة…وقِيَاسًا على هذا فإننا لن نخرج من دائرة الإحتقان والتّحسر والبكاء على وطن مُنْتَكِس وأُمّة منكسرة آلَمَتْها الكَبَوَات فلم تصل بعد الى مرحلة الدّولة العصرية الحديثة على الأقل مستوى دولة الجوار -السنغال!!!!
كان على عُلِّيَة القوم أنّ يستحضروا أنّ فاقد الشيء لايعطيه وأنّ المرحلة حاسمة وتقتضى إجراءات ثورية وضخ دماء جديدة بالكامل ذات تجارب مشهودة فى العمل الحكومي وفى إدارة  المؤسسات ونظيفة من حيث التعاطي مع المال العام وبعيدة عن شبهة السّوابق والفساد ولاَ نَشْتَمُّ فيها رائحة الوِصَائِيَة الزّبونية والمحاصصة القبلية والجهوية والعلاقات الأسرية…يجب أن تبقى حَوْزَة المنصب والتّعيينات فى حُظْوة أصحاب الكفاءات والمهارات  ، وهل ذهب صرف يساويه بهرج ؟   !!!
على رئيس الجمهورية أن يزيح عن المشهد السياسي الأوجه القديمة ويُتيح الفرصة لأبناء الوطن فى الدّاخل والخارج ..إنّ تدوير المناصب مَرْتَعُهُ وَخِيمٌ وليس إلاّ تَرْوِيبًا مَرَدُّهُ لا محالة زبدة فاسدة ومشاريع مُتَخَمِّرة لا تنفع مع تحديات المستقبل وأجياله من الشباب الحالمة بمستقبل واعد!!! إنّ الرّاعي مسؤول عن رَعِّيَتِه والقَوامة تقتضي تأصيل مبدأ المحاسبة والعقاب (وحتى المكافأة لأصحاب الإستحقاق ) بَدَل التّدوير والتعيينات ولن يستقيم الناس إلاّ بتطبيق القانون فى العقاب والتسريح فيمن أُوكِلت اليهم مهام الشأن العام والخاص ولم يقوموا بها كما هي ، حتى نستشعر جميعا بالمسؤولية وهي لعمري خاصية نفتقدها فى بلدنا الجميل المُتَعَثِر!!!!!!
لقد ظهرت فى الكوكبة الجديدة أوجه ذات كفاءات وحماس،لكن الظّروف البيروقراطية والمصالح الخاصة والزّبونية الوِصَائية لن تسمح بإقلاع يناسب حجم التّحديات والإرتقاء المنشود على المستوى الإقتصادي والاجتماعي والسياسي حيث أنّ كل قطاعات الدولة تحتاج إسعافات عاجلة وجذرية وثورة حقيقية على المبادئ التى قامت عليها الإدارة الموريتانية منذ حكومات سابقة إلى يومنا هذا حيث كانت دوما -ونعنى الإدارة طبعا -كانت مؤسسة على خدمة الحاكم والقبيلة وتكريس حضور الدولة العميقة،الأمر الذى جعل كل المقاربات التنمويّة تؤول بالفشل إلاّ فى بعض الحالات التى يُراد منها الإستهلاك المحلي والخارجي…
وفى الختام نرجو أن تكون هذه الخواطر تحديّا للحكومة الجديدة وتثبت عكسها .

 

المهندس: أحمدو ولد الشيخ ولد أحمدو 
من العاصمة مدريد

 

 

19. أغسطس 2024 - 15:41

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا