لمن نكتب في المغرب العربي ؟ / إشيب ولد اباتي      

لعل الموضوع الذي يجمع عليه الرأي العربي، وأحرار العالم كله، هو ما وصلت إليه هذه الحرب الهمجية  من بشاعة، وقتل، وتدمير للحياة لأهلنا الأبرياء في غزة، وفلسطين، لكن هل هذا هو الذي يكتب  عنه على  الصفحات الزرقاء  في المواقع الافتراضية المغاربية؟ وماذا تعبر عنه تلك  الكتابات  من مضامين  خارجة عن الوعي العام، والتفكير المطلوب،؟ وهل هناك إمكانية لتأجيل المقاصد  الذاتية، والتركيز غير المبرر لتحييد القراء  في محاولة غير بريئة لتغييب " الوعي" الجمعي لجماهيرنا العربية في هذه الظروف الاستثنائية التي تتطلب التوعوية لمواجهة  التحديات  الخارجية..؟
وتأتي الأولوية، كما هو واضح  للضغط على أنظمة الخنوع التي تراهن على مواصلة الحرب الصهيونية الأمريكية على أهلنا في غزة هاشم..!
ولن تتوقف هذه الحرب الهمجية في تقديرهم إلا بالضغط  على قوى المقاومة العربية، واقصاء أي دور  لجماهير أمتنا  في كل الأقطار العربية..
بينما الواقع المخزي، هو توقف المظاهرات المساندة  التي يجب أن يضغط  بها الشارع  العربي، كما كان في الشهور الأولى خلافا لما يجري الآن، ومن  ورائه الأنظمة المتواطئة مع الكيان الصهيوني - الأمريكي  اللذين عملا من أجل أنحراف  بوصلة  الوعي العربي، وقد بدأت مؤشراته ب"الحياد السلبي" ظاهريا، بينما  التواطؤ مع الكيان الصهيوني، لا يخفى على أي مواطن عربي،، وكان الأحرى أن تكون هذه فرصة، لتصحيح  اخطاء الأنظمة العربية، والقوى السياسية المتواطئة، والمتحالفة معها، ولكنها فيما يظهر  لن تتراجع أي منهما  قيد أنملة، ولا أدل على ذلك من عزوف اصحاب المواقع الافتراضية عن نشر المقالات التي تتعلق بالجرائم الصهيونية التي، يرتكبها التحالف الأمريكي - الصهيوني  يوميا في كل مجزرة  تقشعر لها الأبدان..
كذلك غابت المقالات التي واكب كتابها انطلاقة طوفان الأقصى المبارك، وما عقبها من التظاهر ضد حرب الإبادة الجماعية، وكنا يومها قد استبشرنا خيرا باستعادة الوعي لدى الكتاب، وذلك استجابة لمطالب  الوعي  الجمعي لجماهير الأمة العربية، لكن ظهر فيما بعد  تناولهم الآثم  لقوى المقاومة، وتحميلها مسؤولية  هذه الحرب الإجرامية ،، وأكثر من ذلك توصيف  معركة " طوفان الأقصى"، كمبرر للحرب التدميرية التي لم تعرفها الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية…؟!
ومن ثم  بدأت  مواقع الإعلام الحر، ترفض نشر المقالات التي تتعلق بهذه الحرب الإجرامية..
وعوضت عنها بالكتابة عن حوادث السير، وانقطاع الانترنت، وامتحانات  شهادتي الإعدادية،  والثانوية العامة، والألعاب الأولمبية في فرنسا، ومهرجانات سباق الكلاب في بلاد الحرمين…!!
وهذه الكتابات غزت كل المواقع، وكأن ليس للأمة  قضية، قد تدفع إلى حرب إقليمية في الوطن العربي، والعالم الإسلامي، وهي تشكل تهديدا وجوديا، الأمر الذي يفرض على القوى الحية  في الأمة، وجماهيرها من المحيط إلى الخليج، أن  تواصل مظاهراتها التي يتصدرها عالميا طلاب الجامعات في كل أنحاء العالم عكس غياب دور المؤسسات العلمية في الوطن العربي..!
  وإنه لمن المخيب للظن، أن تخوض قوى المقاومة العربية حربا مصيرية في الوقت الذي نجد العواصم العربية، تستدعي من جديد  المكاتب الصهيونية لممارسة  نشاطها في " التطبيع" الخياني، وهذا  يحفز الكيان الصهيوني على الحرب المهجية الدائرة رحاها من أجل القضاء على مستقبل أجيال الأمة، وكذلك هزيمة  الوعي لدى حرار العالم الذين يساندون قضيتنا، ويتأملون النصر، كما نتأمله نحن بإذن الله تعالى، وبقوانا المقاومة في وحدة الساحات..
   وما أشرت إليه من رفض بعض اصحاب المواقع لنشر المقالات المتعلقة بقضية أمتنا، هو موقف  غريب للغاية، وقد استغربت من عدم نشر مقالاتي في مواقع، كانت تنشر لي سابقا منذ ٢٠٢٠م.
بينما  بدأ  رفضهم استقبال مقالاتي منذ ثلاثة أشهر على الأقل..!
 كذلك  نجد وقاحة زائدة  في لغة  خنفساء " الذباب الالكتروني" حين بدأ،  يوزع تحذيرات على الكتاب  لوعيهم القومي في المواقع الإلكترونية، وهذا له دلالته على النوايا المبيتة  التي قصر عنها  ذباب الدعاية قبل الخنفسائيين، حيث اقتصر دورالأول على طرح وجهات النظر النشاز في مداخلاته في  " رأي اليوم" على سبيل المثال..!
    ويجب  في المقابل على أصحاب الضمائر الحية في أمتنا من كتاب، واصحاب مواقع، ورأي وطني محلي، وقومي عام، أن ينصب  اهتمامهم العام على مواجهة  حرب الإبادة بالمشاركة في صدها في هذا الوقت العصيب من حاضر أمتنا العربية - وليس الأمة الموريتانية، او الأمة المغربية، أو الأمة الجزائرية، أو الأمة التونسية، أو الأمة الليبية -  التي تواجه امتحانا مصيريا  في: " أن تكون، أو لا تكون"،  لأن ما ينشر في المواقع صراحة، ويروج له الإعلام الحكومي، ويعبر عن التواطؤ المشترك المخزي بكل المقاييس  الوطنية، والقومية، والدينية، و الأخلاقية، والإنسانية، لأنه جعل من الكتاب، والمشرفين على الإعلام الحر، علاوة على الأنظمة المتآمرة الخيانية، وإعلامها التخديري، قوى خيانية، ظلامية مساندة لأعداء أمتنا..!
  ولا شك أنهم  اصبحوا أداة اعلامية يوجهها سفراء، وسفيرات الإمبريالية الأمريكية، والفرنسية على الأنظمة السياسية العربية، والمغاربية بأساليب ابتزازية، لم يكن  السكوت  مقبولا عنها  نظرا للدور الخياني في طمس  كل  مظاهر الانتماء الوطني، والقومي، واضعافهما عن مواجهتهما للإكراهات، والتعبير عن التطلعات، وانتظارات الجماهير العربية للنصر المؤزر، وهذا يؤكد دون  ريب، أن هناك هجمة اعلامية منظمة  تقودها " الحرة"، و " العربية" وغيرهما جنبا الى جنب مع  المشرفين على الإعلام الحر، وتوزيع الصوتيات لفقهاء الظل، وتناقضهم مع ما كانوا يدعون إليه بالأمس القريب  من الحث على الجهاد الداعشي، بينما هم الآن، يشنعون في التوصيف، ويكفرون قوى المقاومة ابتداء من المفتي السعودي في مكة المكرمة، وهو يتقيؤ هذا الكفر البواح، وينفث عفنه المدسوس سموما في فتواه  الظالمة، والظلامية…!
 وقد أكدت تلك الفتاوي  توظيف رجال الدين، كباقي " الممجدين" - على رأي الكواكيبي -  الذين لا يتورعون عن أن يوظفوا كأبواق فارغة، وصدى صوتي  لتلك " الفرمانات" العاكسة لواجهتي التخلف في فهم الدين - وليس للدين -  والسياسة معا ..!
  ولن نبالغ إذا ذكرنا القارئ بالحقيقة المأساوية للتراجع الملحوظ  في الوعي الوطني، والقومي، وانكسارهما أمام المحاولات البائسة في تجفيف الوعي المساند لقضية  الأمة في فلسطين ..!
ومن يوهمنا بعكس ذلك، كمن يوهم نفسه بامكانية  ملء الفراغ الحاصل بالكتابة التافهة  عن مستنقعات الامطار في الشوارع في بداية فصل الخريف، وعن سرقة الأسماك في الشواطئ  البحرية المغاربية من طرف أسطولي الصيد الأوروبي، و التركي  دون أن يذكر شيئا عن مفاعيل سياسة " الأتباعيين"، وسدنتهم   المتآمرين الذين قبضوا الثمن مسبقا من أجل ابرام  تلك الاتفاقيات التي سرقت بها ثروات  مجتمعاتنا ..!
 وليعلم كتابنا أنهم مطالبون أكثر من أي وقت مضى  بنشر آرائهم المعبرة عن هوية الكتاب: الوطنيين، والقوميين، وكذلك خياراتهم  الوطنية، والقومية،  والإسلامية العروبية،  وحاملها قضية الأمة ، والانحياز لطوفان الأقصى، وفرض نتائجها، والتفاعل الإيجابي مع قوى المقاومة العربية، والإسلامية..
وهذا هو الاتجاه الوطني، والقومي، والإسلامي الذي يقابله الاتجاه الأرتدادي  الذي يطنطن ذبابه في كتابات  بعض الحثالات من الكتاب الذين تماهوا في صفوف " الطوابير الخماسية" الملطخة بدماء الأطفال، والنساء، والأبرياء في غزة،  والضفة الغربية، وجنوب لبنان، واليمن، وسورية ..!
 كما ينطبق هذا التوصيف على الأنظمة الاستبدادية، والأحزاب المشتركة معها باعتبارها، أحبطت جماهير الأمة العربية  بتمويه، وتلميع حكامها، ومساندة لأنظمة فاسدة، وعميلة، لأن هذا الانصياع  " لا يدفع الاستبداد، وإنما يغير نوعه، وقد يكون عند الأتفاق، أضر من استبداد  الفرد " - على رأي عبد الرحمن الكواكبي  في طبائع الاستبداد -
  وليعلم الانهزاميون، أنهم لن يغيروا من النتائج  الأولية لطوفان الأقصى بما يشاهد  من  سقوط  الأنظمة المتواطئة مع الكيان الصهيوني، كما حصل  في بريطانيا، ووفرنسا، وغيرهما من الأحزاب الحاكمة في أوروبا، كما تشير استطلاعات الرأي  في ألمانيا .
كذلك ، ستسقط أنظمة الحكم في الأقطار العربية، وكل وكلاء الأمبريالية في الوطن العربي، ومن يستبعد ذلك، فعليه  أن  يراجع تداعيات الأحداث على الأنظمة المجاورة لفلسطين بعد النكبة سنة ٤٨..
  لذلك  فلينتظر الخيانيون، مصيرهم المحتوم خلال التغييرات العميقة التي  تحاول الأنظمة المتواطئة  دفعها عبثا، ولكن مهما كانت نتائج الحرب الصهيونية القائمة، فلن تجد الأنظمة المتصهينة مناصا من السقوط تحت ضربات  المغيرات التالية لطوفان الأقصى التي قضت على بنية النظام الصهيوني المهزوم، ومكانته الدولية… 
   لذلك على كتابنا في المغرب العربي، أن يشاركوا في التغيير المطلوب  الذي، يفرض على ابناء الأمة، التجاوب الإيجلبي الفعال، مع الوعي الجمعي لمجتمعات أمتنا العربية، ومن شروط  ذلك الانفصال عن الواقع السياسي المناهض لتطلعاتنا إلى النصر الحاسم، والتخلي عن المنطق التبريري، والانكفاء الذاتي، ورفع شعارات الحقوق المدنية للمواطن  التي وظفت إلى أقصى حد  في سبيل الأستنفاع، والسمسرة السياسية  من طرف الأحزاب القبلية، والجهوية، والشرائحية، والعرقية التي تدعي الدفاع عن حقوق الفرد، والأسرة، والطفل، وحقوق المرأة  في المجتمعات المغاربية..!
فكفى،استهتارا بعقول المواطنين،  يا أصحاب دكاكين السياسة الذين  رفعتم  الشعارات الجوفاء، وكان مبتغاكم،  الأسترخاء  تحت قبب البرلمانات، والأستئثار بميزانياتها، ورفع  المداخيل بهوية "المولاة"  مع الأنظمة  اللاديمقراطية التي راهنت على أحزاب  بلا برامج، وبدون جمهور، فهي أحزاب "مفرخة" بلقاح شراء ضمائر، والأستثمار  بالمكانة الاجتماعية القبلية، والإقليمية، والجهوية، والعرقية، والشرائحية، لذلك لا فرق بينكم، وبين البرلمانيين من رجال الأعمال،  أصحاب الصفقات المسيطرين على القطاع الخاص، وقد استحوذوا على البرلمانات المغاربية ..!
    ولعلي أتفق مع  العديد من القراء فى الملاحظات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي  عما يسمى  " الأمعات"  مهما أبدوا من اهتمام بالمستجدات، وإن كان التركيز عليها، الهدف منه إلهاء الجمهور العربي ب"الحالات" الهامشية، كظهور سوء" تكيف " لفتاة  بسبب سوء المعاملات الأسرية معها، لتعلن عن انتمائها للمثليين " الميم"، أو لتهور فرد للتعبير عن جهله، فاستنطقه   الإعلام  الحزبي ب"الإلحاد"، دون أن يكون عنده هدف من ذلك خلافا للإحزاب ذات الشعارات الكاذبة، والمرتشية، ولا يختلف الأمر عن  إلصاق التهم  بالتحرش الجنسي، وتوظيفه  لتصفية المعارضين للأنظمة، والزج بهم في السجون، كما حصل في بعض الأقطار المغاربية..  
وهذه دعوة لمراجعة  النفس، فهل من ضمير حي لمن يعنيهم الأمر للرجوع إلى القيم الوطنية، والقومية، والدينية، والاخلاقية  قبل فوات الأوان؟

 

 

 

21. أغسطس 2024 - 10:41

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا