الإسلاميون وحزب الله وسوريا / محمد عبدالله ولد لحبيب

altقبل عدة أشهر  ارتفعت عقيرة كثيرين بالحديث عن خذلان الإسلاميين لنظام الممانعة في سوريا، وذهب مناضلون قوميون في موريتانيا إلى حزب تواصل غدر بحزب البعث العربي السوري، بأن ألغى ميثاق تعاون كان يربطه به.

القوم طارئون على العلاقة بـ"الحزب الممانع"، قدموا إلى الفيحاء بعدما صوح نبت شركاء الشعار الحزبي، خصوم الأسد، في بغداد.!!.

كاتب موريتاني مرموق وحاصل على جوائز  يمم شطر الصحافة القريبة من حزب الله اللبناني يسوق هجاء لتواصل. نُشر المقال في موقع موريتاني قريب من البلاط العلوي، نبهت الزميل بأدب (على الفيس بوك) إلى أن أمير المؤمنين ضرة للولي الفقيه (فالولي الفقيه في إيران ينتظر أميرا علويا للمؤمنين ما يزال مختفيا، وأمير المؤمنين العلوي في المغرب لم يختف منذ أكثر من ثلاثة قرون)، وأن حب آل البيت في الضاحية غير حبهم في المشور السعيد.

أجْدَتِ النصيحة فاكتشفت مؤخرا (بواسطة رابط أحتفظ به)، أن المقال حذف من الموقع الذي يتغذى من ميزانية التشريفات والقصور الملكية في المغرب الأقصى، ويحمل اسما مشتقا من المادة اللغوية ذاتها.

باختصار، أعتقد أن المسألة مسألة مفاهيم؛ واقتطاعات من السياق،،، فموقف تواصل مما يحدث في العالم العربي، مما يسميه بعضهم، وأنا منهم "ربيعا عربيا" ويسميه آخرون "حروبا أهلية ومؤامرة كونية" قابل للاختلاف، والنقد والنقض، ما في هذا شك، وتبقى المسألة وجهة نظر في نهاية المطاف، عندما يحتكم إلى الشرع والمنطق. لكن عندما تقتطع الأمور من سياقاتها ويغيب العقل في النظر إلى الأشياء ونركن إلى الأحكام الجاهزة وقولبة الأشخاص والمواقف والتوجهات، ساعتها لا يمكن أن نفهم شيئا، ولا يمكن أن نحكم على شيء،،،  لأننا ببساطة لن نعثر على شيء للحكم عليه. الكل يناقش نفسه ويحكم على نفسه، في غياب نفسه، وغياب الآخرين بالطبع.

ويناقش الآخرين ويحكم عليهم في غيابهم أيضا... أغلب الذين يتحدثون الآن عن المقاومة والممانعة نظروا بريبة وتحفظ إلى ما قام به حزب الله في لبنان ضد إسرائيل ورآه بعضهم مشروعا صفويا "ضد الأمة العربية" تعطيه إسرائيل وأمريكا تمرينات ذات هدفين:

أحدهما تدريبه في ساحة القتال.  - والثاني إعطاؤه الشرعية  في مواجهة خصوم الداخل، وإضعاف الدولة اللبنانية حتى يقوى حزب الله، وينفذ الأجندة المتفق عليها سلفا بين الدولة الصفوية في طهران واليهود وأمريكا.  وهم الآن يرونه  حاميا لمعقل المقاومة والممانعة، ومدافعا عن محور المواجهة مع الغرب.

في السابق كان حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله يهدي نصره إلى الأمة الإسلامية، وإلى فلسطين وإلى لبنان، ويتهمونه بالتشيع والطائفية، واليوم يقف حسن نصر الله بشحمه ولحمه، وحزب الله براياته ومقاتليه وأنصاره، ويقول إنه يقاتل في القصير  مع النظام السوري، (لن أقف هنا عند ضد من يقاتل وإن كان الأمر يستحق!!) لحماية الطائفة الشيعية، ولأن سوريا هي العمق الاستراتيجي لشيعة لبنان، ولإيران، والعراق،(وهو الآن "عراق" إيراني أيضا) وهم يقولون إن الأمر لحماية الممانعة، ومجد الأمة العربية. ومن كان في هذه أعمى!!

الطريف أن إخواننا يدعمون نظام الأسد ويدافعون عن سحقه لمآت الآلاف من الشعب العربي السوري، بكل أنواع الأسلحة التي تشترى من خيرات أرض الشام، وينسون حديثهم السابق عن "إيران الصفوية" وعن "الخونة في العراق" وهاتان هما ركيزتا "نظام الممانعة" اليوم. لا ألومهم.

نظرة الإسلاميين، وأنا أرجو أن يحشرني الله معهم، لحزب الله لم تتغير، فحزب الله حزب لبناني ذو مرجعية شيعية تتبنى طرحا "مناقضا أيديولوجا" للرؤية التي تتبناها الحركات الإسلامية المصنفة ضمن مدرسة الإخوان المسلمين، وطموحاته، التي كان البعض يسميها أطماعا، نقيض استراتيجي لفكرة توحيد الوطن العربي، من منطلق قومي أو إسلامي. ما في هذا شك.

لكن كل مسلم، وعربي، يجد نفسه إلى جانب حزب الله عندما يقاتل ضد إسرائيل، وعندما يقف في وجه النفوذ الغربي في لبنان.

لصالح من يقاتل، ولمصلحة من يقف؟ هذه أسئلة من شأنها التأجيل أثناء المعارك، ومن الشأن غض الطرف عن نقاشها عندما يتحد العدو.

ومن شأنها التأجيل، بل والإلغاء أحيانا، عندما لا تستوي درجة العداوة، وعندما يكون أحد المتقاتلين أخا نقيضا، والآخر نقيضا عدوا.  والمعادلة سهلة للغاية؛ فلو خيرت بين زوال إسرائيل وإيران وحزب الله، وبين زوال إسرائيل وبقاء حزب الله وإيران لاخترت الثاني دون تردد. أما أن أقارن بين زوال إيران وحزب الله وزوال إسرائيل، فهذا ما أعتبر مجرد التفكير فيه رجسا، يصعب التطهر منه. وهذا الأخير للأسف ما كنا نسمعه ممن يهللون لـ"جهاد حزب الله اليوم في سوريا".

إن الوقوف في وجه حزب الله اليوم وأفعاله نصرة لجهاد أهلنا في سوريا وهم يخوضون معركة التحرر التي فرضت عليهم وهم لها كارهون، هو  صِنْوُ الموقف إلى جانب حزب الله وهو يدافع عن أهلنا في الضاحية الجنوبية، ويدك القرى والبلدات اليهودية في فلسطين المحتلة.

موقفَا صدق، ونصرة أخ مظلوم، يعتدي عليه عدو غاشم، هو اليوم في سوريا من بني الجلدة والدين، وبالأمس معتد غاصب.

إن تصوير الأمر على أنه تبدل أحلاف ونكث بمواثيق هو تنكر لحقائق الواقع، وتجميد لمواقف الأصل فيها الدوران مع عللها.  وانحياز إلى من يمثل المبدأ في ساعة وموقع محددين.

6. نوفمبر 2013 - 21:22

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا