كشف الرئيس مسعود في لقائه مع قناة الوطنية عن فضيحة كبرى، ولو تأملنا قليلا في تلك الفضيحة لأدركنا بأننا حقا أمام مهزلة انتخابية لا يليق بالعقلاء، ولا حتى بالسذج من الناس أن يشاركوا فيها.
ولو تأملنا فيما قاله الرئيس مسعود بعفويته المعهودة، وبصراحته المزعجة لأدركنا حجم المهزلة، ولأدركنا أيضا بأن الحكماء السبعة ما هم بالحكماء، وبأن الكل قد كذب علينا وخدعنا، بدءا برئيس الدولة، وانتهاءً بالمعاهدة، ومرورا بالمصيبة المستقلة للانتخابات.
دعونا نطرح هذا السؤال:
من الذي حدد موعد 23 من نوفمبر كموعد "مقدس" للانتخابات البلدية والتشريعية؟ لو كانت الأمور في هذا البلد يحكمها أي منطق لأجبتكم بتلقائية بأن هذا الموعد قد حددته اللجنة المستقلة للانتخابات، وأنها من قبل تحديده قامت بدراسة كل الأمور الفنية المرتبطة بالموعد، وكذلك بالظروف السياسية المتعلقة بتحديد الموعد.
لقد قال الرئيس محمد ولد عبد العزيز بأن اللجنة المستقلة هي التي تملك صلاحية تحديد موعد للانتخابات، وهو قول أكده المشاركون في الحوار الذي جاءت من بعده هذه المصيبة المستقلة للانتخابات.
ولأن الأمور في هذا البلد لا تخضع لأي منطق، فدعونا نستمع لهذه المكالمة الهاتفية القصيرة جدا:
الوزير الأول متصلا برئيس الجمعية الوطنية:
ـ آلو ( آن غايب لك)
رئيس الجمعية الوطنية:
ـ تفضل
ـ أنا أريد تقديم موعد الانتخابات إلى 16 نوفمبر.
تفاجأ قليلا رئيس الجمعية الوطنية من هذا الطلب، وذلك لأن الاتفاق بين المعاهدة والأغلبية كان قد حدد موعدا للشوط الأول من الانتخابات في نهاية ديسمبر، وبداية العام القادم للشوط الثاني.
المهم أن رئيس الجمعية الوطنية قد رفض بشكل قاطع موعد السادس عشر من نوفمبر.
فما كان من الوزير الأول إلا أن قال من قبل أن يقطع المكالمة:
ـ وما رأيك بالثالث والعشرين من نوفمبر؟
رئيس الجمعية الوطنية (لا يريد أن يحرج الرجل أكثر، وهذا ما قاله هو في قناة الوطنية):
ـ لا بأس بهذا الموعد (ولقد اعترف رئيس الجمعية الوطنية بأنه كان قد أخطأ بهذه الإجابة)
هكذا تم تحديد هذا الموعد من خلال مكالمة قصيرة، لم تصحبها أي دراسة فنية ولا سياسية لهذا الموعد، ولم تستشر فيها حتى الأحزاب المشاركة في الحوار.. مجرد مكالمة قصيرة بين رجلين، أحدهما لم يكن يريد أن يحرج الآخر، انتهت بتحديد موعد 23 من نوفمبر.
فأين كان "الحكماء السبعة" وقت المكالمة؟
وأين كانت الأحزاب المشاركة في الحوار؟
وأين كانت اللجان الفنية والسياسية؟ وأين؟ وأين؟
فيا أيها الناس، احترموا أنفسكم، ولا تشاركوا في مثل هذه المهزلة التي حددوا لها موعد الثالث والعشرين من نوفمبر من خلال مكالمة هاتفية قصيرة. حفظ الله موريتانيا..