منذ أيام وموقع ( فيسبوك) يخزني ويشعرني أن أحدهم يقترح علي الاعجاب بصفحة المرشح الفلاني،أو أن أحد الأصدقاء أدخلني مجموعة لدعم الحزب العلاني، ولا تتوقف عني رسائل الأصدقاء التي تطلب مني التصويت لهم شخصيا أو لأقاربهم أو معارفهم .
يحدث هذا معي، رغم أني أعلنت منذ أشهر مقاطعتي للانتخابات العسكرية الهزلية ودعوت مراراً إلى ضرورة إفشالها ورفضها، وأني رفعت منذ زمن شعار الدولة المدنية وسقوط حكم العسكر وضرورة الثورة على الظلم في وطننا، ومازلت أعمل على تحقيق ذلك الطموح والهدف.
لم يفهم من يقترحون علي دعم المترشحون في الانتخابات العسكرية الهزلية أنهم يزعجونني أيما إزعاج بل يجرحونني ويهينوني بكل وقاحة وصفاقة، فكيف لي أن أشارك في انتخابات تنظم من أجل الاستمرار في سحق حلمنا بدولة ديمقراطية تصان فيها كرامة المواطن ؟، وكيف لي أن أدعم مرشح يشارك في انتخابات ترسخ حكم من قفز ذات غفلة من التاريخ ووئد ديمقراطيتنا الوليدة وخرق القانون وتلذذ بإهانة الدستور والقضاء ودفن أي مقومات للدولة المدنية وشرع في تذكية النعرات القبلية والعرقية؟،كيف لي أن أشارك في انتخابات تهدف إلى تقويض الدولة ودعم القبيلة وزعمائها؟.
لم يفهم أصدقائي" المزعجين" أن مقاطعتي هي تصويت على دولة مدنية دستورية بها مؤسسات تحترم الإنسان وإرادته،دولة لا يبترز فيها الجنرالات المواطن البسيط من أجل أن يدعم مرشح النظام ويحارب في رزقه كل من يعارض الفساد ويرفضه ولا يشترط فيها الولاء للحاكم كبند أساسي للحصول على الوظائف والعيش كمواطن كامل الحقوق.
دولة يجد فيها الشهيد المشظوفي حقه ولايقتل بدم بارد عند الخروج مع رفاقه من العمال مطالبين بالعيش بكرامة ورافضين لهيمنة الشركات الأجنبية على مقدرات البلد ونهبها لعرق الكادحين .
دولة لا يلاقى شخص فيها حتفه بسبب أن النظام قمع مسيرة احتجاجية مرت من أمام حانوت أحد أقاربه ولايفتح تحقيق ولا يعاقب أحد ،مثل ما حدث مع المواطن (الشيخ ولد المعلى ).
دولة لا يكون القتل بالرصاص مصير شاب خرج رافضاً للتمييز كقصة الشاب لمين مانغان، دولة تقوم الدنيا فيها ولا تقعد حين تتكرر حوادث سقوط الطائرات العسكرية بسبب الإهمال..دولة تسهر فيها الحكومة على راحة المواطن وحمايته بدل قتله واحتقاره .
لم يفهم المزعجون أن مقاطعتي هي إنتصار للمهمشين والكادحين وحقهم في وطن يحتضنهم لا يلفظهم،ولم يفهموا أنهم بنظري كالسائر على جثة الديمقراطية والمؤسسات في وطننا،وأنهم يغدرون بالدولة المدنية و يطعنونها بكل وحشية،وأن دعواتهم تشعرني بالاشمئزاز والغثيان.لم يفهموا أن وطننا يحتاج لثورة وعصيان و رفض للواقع المزري وليس إلى برلمان قبلي من تفصيل العسكر وحسب مزاجهم المريض.