هل أن السلطة :" شر" لا بد منه...؟ / الحاج ولد المصطفي

(لا يكـون للحرية وجود في العالم طالما لم يصبح العالم الذي صنعه الإنسان مسرحا للفعـل والقـول،و هو ما يلاحظ في الجماعات المحكومة استبداديا و التي تعزل رعاياها داخل الحدود الضيقة للبيت مانعة بذلك نشأة حياة عمومية (.........) إن الحرية بما هي واقعة قابلة للإثبات تتطابق مع السياسة.كلاهما في نسبة إلى الآخر و كأنهما وجهان لشيء واحد.) حنـا آرنت: أزمة الثقافة.

كانت الحياة الإجتماعية لسكان الأرض الموريتانية -  فبل قيام الدولة الحديثة -  تتسم بالعفوية وغياب السلطة حتي عرفت البلاد تاريخيا "بأرض السيبه" .

وقد شرع بعضهم دخول المستعمر الفرنسي للقضاء علي الفوضي والتصدي لظواهر الظلم والحرب وسواء قبلنا تلك المبررات  - التي أثارت جدلا علميا وسياسيا واسعا  أو لم نقبلها - فإن الواقع حينها كان لا يحتمل ، فقد انتشر الظلم بين القبائل ودارت دائرة الحرب علي الأبرياء ومورست أبشع صور الإستعباد  وسادت ثقافة ( الحياة للأقوي والضعيف لا يعيش).

دخل المستعمر الفرنسي بجيوشه وقادته ومستشرقيه وأقام نظام حكمه الذي أنقسم الناس حوله :

من يعترف للفرنسيين باحترام البلد وثقافته وقيمه ومساعدته في وقت كان في أمس الحاجة لهم وأنهم هم من أعان موريتانيا علي النهوض ككيان مستقل واختار لها الزعامة التي تناسبها من شعبها ، ويستدلون علي ذلك بماقدمه الفرنسيون للأستاذ المختار ولد داداه لكي يتم تكوينه في مدارسهم وعلي نفقتهم ثم ليتمكن بعد ذلك من حكم البلاد . وقد دعموه بالمال والرجال حتي أرسي دعائم السيادة والإستقلال.

وعلي مستوي الممارسة السلطوية يحن الكثير ممن عاصروا الإستعمار للحكام الفرنسيين الذين يصفون عهودهم باحترام المظلوم والضعيف ويقول هؤلاء إن الحكام الذين جاؤوا بعد قيام الدولة المستقلة  أشاعوا الظلم والجور وقوضوا علي العدل وطبقوا قوانين" لتفتار". وبين من قاوم العدو الصليبي الذي جاء غازيا لأرضنا وهاتكا لعرضنا وناهبا لثرواتنا ومسلطا علينا من لايرحمنا من كل من هب ودب ويري هولاء أن دخول الإستعمار كان خدعة كبيرة وأن كل إدعاء أو مبرر في ذلك الإتجاه هو عمالة وجبن وعار علي أصحابه ويعتقد أنصار هذا الرأي أن بطش القبيلة أهون علينا وأشرف فينا من عدل المستعمر وعلومه وحتي استقلاله المزيف

كما يؤسس هؤلاء رأيهم علي أن الدولة الحديثة ظلت تابعة للنظم الإستعمارية وأنها لم تحد قط عن أسلوب المستعمر ومفردات حكمه .

في الحالتين السلطويتين(القبلية والإستعمارية) برزت عدة مفاهيم:

الأمن، السلطة    في مقابل :    الحرية ، العدالة .

فقد كانت ولاتزال الحرية تنتزع لضرورات أمنية والعدالة بيد السلطة "تمنحها لمن تشاء وتمنعها عن من تشاء "

إن ما نحتاجه اليوم هو دولة مدنية موريتانية ، ديمقراطية من شأنها -عندما تنشأ -أن تتجاوز الحالتين السلطويتين القديمتين والمتخلفتين.

إن الحرية السياسية هي مفهوم مدني يعني ممارسة الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والإنتخابية التي يكفلها الدستور وينظمها القانون وتشرف عليها دولة المؤسسات ، دولة العدل تلك الدولة التي لابد من تأسيسها أولا كشرط أساسي لقيام الديمقراطية الحقيقية .

[email protected]

13. نوفمبر 2013 - 14:33

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا