قبل أن أخوض في بقية هذا المقال ، هناك مبدأ أنطلق منه وهو أن الإنتخابات في ظل أي نظام عسكري تعد نوعا من الضحك على الذقون، هذا أولا، ثانيا ، إذا سلمنا جدلا أن بعض الأحزاب ذهبت الى تبريرات تخصها للمشاركة في هذه المهزلة،
إلا أنها عليها أن تدرك أنها غلبت المصلحة الذاتية على الوطنية واختارت المشاركة بدعاوي واهية أبرزها إيصال صوت المواطن الذي أصبحت وسائل ايصاله أكثر من أن تحصى، هذه الأحزاب التي كانت في فترة من الفترات تقود المطالبين برحيل النظام، فما بالك بمشاركته مهزلته ، هذا في حد ذاته يثبت أنها لا تطلب الا مصالحها الضيقة.
هنا دعونا ندع كل هذا ورائنا ولنتجاوز الى نقطة أهم ، ألا وهي الدعاية الانتخابية التي انتهجت هذه المرة خطوطا غريبة نوعا ما، فالممارسة الديمقراطية تقتضي أن تحاول إقناع المواطن ببرامج ستنفذها له مستقبلا، تقنعه ببرامج في استطاعتك أن تكسبه بها على ابعد مدى.
لكن يبدو أن الأحزاب أو الحركات الإسلامية الإخوانية والسلفية وغيرها اكتشفت اللعبة التي لعبها تواصل فتجاوزته بخطوات في تطبيقها، فإذا كان الحزب الحاكم يكسب المواطنين بالترغيب والترهيب ومن ضمن ذلك التعيينات السياسية التي عمل عليها النظام منذ الانقلاب الى قبل المهزلة بقليل، فإن هذه الأحزاب انتهجت خطا غريبا على هذا المجتمع المسالم الخانع ميِّتِ الضمير.
يقول نشيد تواصل في هذا الإطار (صوتك أمانه وأعطيه لمولانه)، إذا الله سبحانه وتعلى نزل من عليائه وصار لعبة في أيدي تواصل، أليس هذا أحد التفاسير الممكنة لهذ النشيد؟ ألا يمكن أن يكون المصوت لغير تواصل قد أعطى صوته لغير الله وبذلك يكون قد عصى واختار غير الله "حاشاه"؟
حزب آخر هو "الفضيلة" بزعامة عثمان ولد الشيخ أبي المعالي، اختار للائحته الوطنية العنوان التالي" صوتوا للائحة العلماء" ومعه على رأس اللائحة الفقيه محمد فاضل ولد محمد الأمين، إذا العلماء ورثة الانبياء ويجب التمسك بهم وعدم الحياد عنهم ، أليس هذا هو منطقهم؟ من صوت لغيرهم يكون قد عمل بعكس ظاهر الحديث "...العلماء ورثة الأنبياء" ، ألن يضعوا المواطن بين نارين؟، تبا لهذا النوع من السطحية في الطرح وضيق الأفق .
الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث إلينا سفراء في سنة 2013 وعلينا اتباعهم، تلك هي رسالة حزب يدعى"الحزب الموريتاني للتجديد والوئام" ، أنتم أيها المواطنون عليكم أن تتبعوا سفراء الرسول(ص) والويل لكم إن حدتم عن الطريق. كيف وصلنا إلى هذا المستوى من السطحية ، من الصفاقة، فبدل اجتذاب المواطن بالبرامج والوعود الاصلاحية ، يتم اجتذابه بالدين لأن المواطن ليس لديه من الوعي ما يمكن أن يقول لهم لا وليس عنده من الفهم ما يميز به بين المتاجرين بالدين وغيرهم، اذا هم تجاوزوا حزب تواصل بخطوات.
اسم هذا البلد المنكوب بأنظمته المنكوب بأحزابه الكرتونية المنكوب بجنرالاته وبوزرائه وبمنظماته هو "الجمهورية الاسلامية الموريتانية" ونحن غيورين على الدين وفي الصف الأول للدفاع عنه، لكن بهذه الكيفية نحن نهزأ منه ، بل ندعوا الآخرين لعمل نفس الشيء.
المواطن البسيط ليس بحاجة لمستواك العلمي كنت فقيها أو عالما أو سفيرا ، المواطن كذلك أقدس من أن يخدع حين يقال له صوتك أمانة إعطه لله"حاشاه"، تلك محاولات مفضوحة، اقنعوا الشعب ببرامجكم السطحية أو دعوه وشأنه، لا أكثر ولا أقل، وإن عجزتكم وأنتم كذلك، فانزاحوا عن كواهله ودعوه يتنفس بحرية و باطمأنان.
أمام هذا الكم الهائل من خداع المواطن ليس له من الحل إلا مقاطعة هذه المهزلة نهائيا فهي لا تستحق أن تتعب نفسك فيها و من أجل من ؟، رجل أعمال سيجلس على كاهلك غدا ويخنقك على كل حبة رزق تحاول أن تزدردها، رجل أعمالٍ سيعمل على إفقارك ما أوتي لذلك من قوة، فالقاعدة المعروفة تقول أن رجل الأعمال والمواطن عدوان، فهو سيحاول ألا تستفيد إلا بالنزر القليل مقابل أموال سيكدسها على حسابك، إذا فلتقاطع قبل أن تقطعا إربا إربا بسبب الفقر والجوع والمرض.