السياسة.. المصطلح المشوه / محمدُّ سالم ابن جدُّ

altتُعَرّف السياسة بأنها "فن تسيير المجتمع" بكل ما يعنيه ذلك ويستلزمه من تضحية وحصافة وحكمة وتبصر؛ وأصلها من سياسة الخيل، وهي القيام على سقيها وإطعامها ونظافتها وسلامتها.

لكن أن تكون السياسة مصطلحا تكتنز بداخله دلالات سلبية جمة من قبيل النفعية والزبونية والحرباوية والمكيافيلية وانعدام الضمير وعدم الوفاء.. إلخ؛ فهذا ما لا قائل به خارج الحدود الترابية لبلادنا، في حد علمي على الأقل.

حين تسمع كلمة "سياسي" فتأكد أن الأمر يتعلق بشخص إلا من رحم ربك جاهل أو لا يستفيد من علمه، شخص رَكَنَ مبادئه و"قناعته" على الرصيف.. أو لم يقسم له منهما حظ أصلا، شخص لم يعرف الخجل ولا الحياء طريقا إلى شعوره.. ولذا لا يجد السياسي –بالطبعة الموريتانية- غضاضة في مناقضة نفسه بنفسه! باستثناء أفراد معدودين دائما.

السياسي –عندنا- غالبا "رجل" قلبه معلق بالكراسي ولذا لا يجد غضاضة أن يقف مع فلان حتى إذا أفل نجمه قال: لا أحب الآفلين وتحول إلى من صعد نجمه فقال شيئا آخر؛ لكن من النادر –حتى لا أقول المستحيل- أن يقف ضد مصدر الخوف والطمع، أو أن يرى سيئات الحاكم ما دام على كرسيه؛ كما لا يرى حسناته بعد زوال حكمه..

بيد أن الأغرب ثقة الحكام في قوم تتالت عليهم كل عهود الدولة الموريتانية على حالهم، دون أن يعينوا حاكما على خير أو يثبطوه عن سوء، أو يرعوا له إلا ولا ذمة بعد انصرافه عن الشأن العام..

أعقمت بلادنا بحيث لا تنبت إلا الخمط والأثل..؟ أم دعت الحاجة إلى قرناء السوء؟ أم خفيت على الحكام شمس الظهيرة..؟ أم ضعفوا أمام الحصار المضروب على كل من يقود هذا الشعب الذي ابتلي بـهذه الفئة التي أخطأت مجالها الحقيقي فمارسته من مجال الشأن العام؟

الله أعلم.

20. نوفمبر 2013 - 21:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا