اللجنة المستقلة للإنتخابات ومسيرة الإخفاقات المتكررة / مولاي إدريس ولد العربي

altكان من بين أهم القرارات التي اتخذت في الحوار الوطني الشامل الذي دعا له سيادة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في العام 2011 هو الإتفاق على تشكيل لجنة مستقلة للإنتخابات تشرف على العملية الإنتخابية البلدية التشريعية بدءا من إعداد اللائحة الإنتخابية وانتهاء بفرز النتائج والإعلان عنها رسميا.

   وفي هذا الصدد فقد تم تشكيل لجنة دائمة من الحكماء لمأمورية تدوم لخمس سنوات غير قابلة للتجديد، وتضم هذه اللجنة سبعة أفراد يفترض على أنهم من خيرة أبناء وطننا العزيز من حيث الإستقامة، والنزاهة، والقدرة على الحياد.  وقد تم اختيارهم من طرف جميع الأطراف المشاركة في الحوار من ائتلاف أحزاب الأغلبية المدعمة، و كتلة أحزاب المعارضة المشاركة.   وأذكر هنا على أن نتائج الحوار الوطني ـ المنظم من طرف ائتلاف أحزاب الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة نهاية العام 2011، والذي دام لمدة شهر كامل ـ كانت هامة جدا واستجابت لكل الآمال والتطلعات، وشملت مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية.   وما إن باشرت اللجنة المستقلة للإنتخابات عملها حتى بدأت تتكشف من حين لآخر بعض معالم الإخفاق، حيث بدأ الارتباك واضحا على أعضاء هذه اللجنة من خلال ربما عدم معرفتهم لخفايا وأسرار المهمة الصعبة التي أسندت لهم ويتضح ذالك جليا من خلال تفرجهم على المشهد السياسي وهو في تلك الفترة يشهد نوعا من التوتر صعودا وهبوطا من خلال شعارات الرحيل التي تحملها منسقية المعارضة المقاطعة، والتي أظهرت الأيام فشلها، وخسارة رهاناتها، وظهر الشعب الموريتاني قويا متماسكا عصيا على كل الأمواج، محافظا على سلمه الأهلي، وعلى سكينته وهدوئه و أمن بلده واستقراره.   وكان البعض من المتتبعين للشأن الوطني عموما والسياسي خصوصا ينتظر أن تتخذ هذه اللجنة خطوات جريئة من شأنها تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء السياسيين، وخلق جو من السكينة والهدوء لكل الأطراف الغاضبة وغيرها مما يحقق في النهاية توافق غير مسبوق لكل الطيف السياسي، والدخول في انتخابات شفافة ونزيهة تطمئن جميع اللوائح المشاركة فيها لنتائجها.    كما كان الجميع ينتظر كذلك على أن تكون اللجنة المستقلة بديلا حقيقيا لوزارة الداخلية والتي كان البعض هنا أو هنالك يحملها العديد من الأخطاء، ويتهمها بالعديد من الإتهامات كعدم الإستقلالية والتزوير، وغير ذلك.   ومن خلال تنظيم الاستحقاقات التشريعية والبلدية في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر الجاري، وبعد مرور أزيد من يومين على تاريخ تنظيمها ظهرت اللجنة المستقلة عاجزة عن الإعلان عن النتائج في الوقت المناسب مع أن الجميع ينتظرها على أحر من الجمر، وذلك بالرغم من ضخامة الوسائل التي تتوفر عليها اللجنة، وطول المدة التي حصلت عليها قبل الدخول في الإختبار الحقيقي.   ويبدو أنه مع أول امتحان للجنة المستقلة للانتخابات بدأت تظهر من حين لآخر العديد من الأخطاء المتكررة والفادحة انطلاقا من تأخير بدإ الاقتراع في اليوم الأول في العديد من مكاتب التصويت في الوطن، وعدم توفر بعض اللوازم والمعدات في مكاتب أخرى مثل صناديق الاقتراع وأحيانا اللوائح الانتخابية وحتى بطاقات التصويت، وغياب بعض الشعارات وعدم وضوح البعض الآخر وأحيانا استبدال البعض بالبعض الآخر، وفي بعض الأحايين تختفي بعض اللوائح الحزبية المترشحة مع أنها قد استلمت أوصالها، ونزلت للميدان للتحضير للمنافسة.    وقد اشتكى عدد من الناخبين بتغيير مكتب تصويته، في حين اشتكى البعض الآخر بعدم ظهور اسمه على اللائحة الإنتخابية مع أن لديه وصل الإحصاء الذي نظمته وأشرفت عليه اللجنة، وفي نفس الإطار فقد لوحظ  استبدال بعض بطاقات التصويت لبعض البلديات في إحدى المقاطعات ببطاقات أخرى لبلدية أخرى لمقاطعة أخرى، كما غابت المحاضر النهائية أحيانا عن بعض المكاتب من جهة، وعدم تسليم محاضر لممثلي اللوائح الانتخابية من جهة أخرى.   ولاشك أن هذه الأخطاء، وغيرها من الأخطاء الكبيرة يعيدها البعض إلى نقص الخبرة لدى اللجنة المستقلة للانتخابات، وانفرادها بالقرار، وكذلك إلى اكتتابها لكل من هب ودب من غير تجربة ولا خبرة، وإنما عن طريق مختلف الطرق الملتوية، وعلى أساس الوساطة والقرابة والزبونية، كما تم استبعاد أصحاب الخبرات، والتجارب وتبديلهم بأفراد جدد لا خبرة لديهم على أساس تلك المنافع والمزايا المادية التي تمنحها اللجنة لأعضاء المكاتب ورؤسائها.   ويبدو من كل ذلك على أن اللجنة المستقلة للانتخابات وقعت في ورطة حقيقية فلا هي أنجزت مهمتها على أكمل وجه، وقامت بما كان ينتظر منها، ولاهي شاركت الآخرين ممن لهم دراية، وخبرة بمثل هذه الممارسات الانتخابية للإستفادة من تجاربهم وخبراتهم، وبذلك فقد أصبحت هذه اللجنة في مرمى سهام الأصدقاء قبل الأعداء حيث أخفقت إخفاقات متكررة خلال كل مسيرتها العملية من التنصيب وحتى إعلان النتائج، فهل يا ترى من مخرج لهذه المعضلة؟، وأيهما أفضل وزارة الداخلية أم اللجنة المستقلة للانتخابات؟، وهل بالفعل يمكن القول على أن المتحاورين من خلال الحوار الوطني قد نصبوا فعلا لجنة حكماء أم لجنة أمراء؟!! أم  أنهم قد نصبوا لجنة من .......ء؟!!!.

26. نوفمبر 2013 - 13:16

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا