منذ اكثر من اربعة اشهر توجهت الى مصرفي الذي اتعامل معه منذ سنوات البنك الموريتاني للتجارة الخارجية فرع تفرغ زينة للتقدم بطلب لبطاقة ائتمانية...
كان الاستقبال حافلا ، شرحوا لي بابتسامات عريضة كل المطلوب و سألت عن نسبة الاقتطاع من العمليات الشرائية.
زادت الابتسامات اشراقا و زاد الشرح غموضا و لكنني فهمت ان سعر العملة الصعبة عند استخدام البطاقة يختلف عن سعره المعلن في نشرات البنك المركزي و ان نسبة الاقتطاع اعلى بكثير من المتعارف عليه عالميا ورغم ذلك وقعت على الأوراق المطلوبة رغم ادراكي لعملية السلخ التي سأتعرض لها عن كل عملية شراء .
بدأت المواعيد ، كل مرة اتوجه للمصرف يقابلني شاب بابتسامة عريضة و يقول لي لم يصلنا أي شيئ ، و لا داعي للقدوم مجددا سنتصل بك هاتفيا و نرسل لك بريدا الكترونيا.
بعد فترة قصيرة عدت من جديد ليستقبلني الشاب بنفس الابتسامة الزائفة و يخبرني بنفس الأغنية و لزيادة الاطمئنان يعرض علي من شاشة حاسوبه رقم هاتفي و بريدي الالكتروني ورقم حسابي و صورتي.
اصبح التوجه الى المصرف روتينا يوميا و تلقي الوعود الزائفة طقسا لا استطيع الفكاك منه.
احيانا اجده يدخن في مدخل البنك و أحينا اخرى اطارده في ردهات المكاتب لاتلقى جرعتي اليومية من الأكاذيب .
بعد شهرين بالتمام و الكمال قررت التأكد من سر المشكلة و توجهت الى المديرة العامة للفرع و خلال دقائق تأكدت ان الطلب لم يرسل اصلا ووعدتني بتصحيح الخطأ و طالبتني بالعودة خلال ايام لاستلام بطاقتي المنتظرة.
بعد اسبوع رجعت لمكتب المديرة أسأل عن البطاقة ، أخبروني انها في عطلة و سألت عن المسؤول فوجهوني من جديد للشاب المبتسم
يبدو انه تضايق هذه المرة و لم يعد يطق صبرا و قال لي بنبرة مهددة :
ألم نخبرك ان تجلس في بيتك حتى نتصل بك عبر الهاتف و الإيميل .
اخبرته ان البطاقة لم ترسل اصلا و شرحت له القصة بأكملها.
هل تعرفون ما كان جوابه ؟
اجلس في بيتك و سنتصل بك عبر الهاتف و البريد الإلكتروني و ادار لي جهاز الكومبيوتر ليريني مرة اخرى صورتي و بريدي الإلكتروني ورقم هاتفي و حسابي .
توجهت له بطلب ، ان يعطني رقم هاتفه لأتصل به بدل الرحلة اليومية ...
ابتسم الشاب ابتسامته العريضة و سجل لي على قصاصة ورقة رقم هاتفه المحمول 22384309.
من ذلك اليوم اصبح عندي طقسان ... الاتصال بالهاتف الذي لا يرد ابدا و الذهاب الى مصرفي لتلقي جرعتي اليومية من الأكاذيب و عرض رقم هاتفي و حسابي و بريدي الالكتروني وصورتي على جهاز الموظف الشاب .
أنا الآن في شهري الرابع و الكارثة ان أعمالي تحتاج للبطاقة اللعينة إلا انني لم اعد استطيع الفكاك من طقس الاتصال على الرقم الذي لم يجاوب مرة واحدة و من ثم التوجه الى البنك و مشاهدة و رقم هاتفي و بريدي الإلكتروني و صورتي على شاشة جهاز الموظف و تلقي نصيبي من الوعود الكاذبة.
انها عاقبة الإصرار على التعامل من المصارف الموريتانية ، كان بإمكاني من اليوم الأول التعامل مع بنك أجنبي و الحصول على خدمة محترمة و اسعار معقولة و بطاقة ائتمانية في يوم واحد .
إنها المثاليات الفارغة و الغباء المزمن..