بغض النظر عن الجدل حول المشاركة من المقاطعة لانتخابات 23 نوفمبر إلا أنه بات من شبه المؤكد أن هذه الانتخابات من أسوء الانتخابات التي شهدتها موريتانيا على الإطلاق ، بل أنها أثبتت تفوقها من حيث سوء التنظيم و الفوضوية و البطء على انتخابات العهد الطائعي.
و إذا كنا في السنوات الأخيرة قد قطعنا أشواطا لا بأس بها من حيث الشفافية في الانتخابات، و القدرة على التنظيم المحكم نسبيا ، إلا أن هذه الانتخابات قد أعادتنا القهقرى لنستيقظ على وقع مهزلة توافرت فيها كل شروط المأساة الملهاة و البطل فيها لجنة "مستقلة" مستغلة ، تتوفر على كل الشروط إلا الحول و القوة .
لجنة تفوقت حتى على وزارة الداخلية أيام عنفوانها "التزويري" ، فقد صوت الأموات قبل الأحياء ، و زاد عدد المصوتين على عدد المسجلين ، و حولت مكاتب تصويت بأكملها ، و منع مراقبوا الأحزاب من أداء أدوارهم ، و استؤثِر بالمحاضر حتى لا تطالها يد المرشحين ، و صوت رؤساء المكاتب نيابة عن المصوتين .
ثم بعد أن انتهت عملية التصويت" ليليها" و" نهاريها" حبست الأنفاس، و شغلت العقول و القلوب ؛ بانتظار نتائج تشبه المزادات و المضاربات "البورصوية" ، فهذا الحزب يعلن نجاحه ، و ذلك المترشح يعلن تقدمه ، هذا يعتصم ، وهذا يتظاهر .
ثم يبدأ الإعلام اللامهني ممارسة التضليل و التلبيس ؛ مدفوعا في ذلك بالاستناد إلى مصادر حزبية ، تنشر في أحيان كثيرة ما تأمل لا ما تتأكد منه ، أما اللجنة المسكينة فلا أحد ينتظر منها النفي أو التأكيد ، و نبيت نحن الليالي أسارى لمواقع و تلفزيونات و إذاعات همها الوحيد مطالعتنا من حين لآخر بنتائج تباينها تباين الشمس و القمر .
كل هذا ينتج حالة فوضى كامنة الله وحده يعلم متى يشتعل أوارها ، وما ستؤول إليه ، حين يقرر كل فريق التمسك بما يراه نتائج صحيحة ، مستدعيا في ذلك نماذج إقليمية و قومية نجحت في مرات و أدخلت بلدانا فوضى عارمة في أكثر المرات .