كل عام وأنت ملحدة / علال ولد حالي

altسيدتي .. الملحدة، لقد اخترت الاسم الصحيح "فاطم" لكن لمتدينة لا ملحدة، وهو مألوف جدا رغم أنك تعزفين على غير المألوف سعيا إلى اللامألوف... فهنيئا لك المخالفة التي لن ينازعك عليها كثيرون رغم أنك لست وحدك في ..

 سيدتي .. الملحدة، لك الحق في أن تختاري طريقك ولن ننازعك إلحادك، ببساطة لأننا لا نهدي من نريد  حتى لا أقول من "نحب" .. لكن اخلعي اسمك واسم أبيك كاقتراح -أعترف بأنه غير ديمقراطي لكنه مجرد اقتراح- ولا أعتقدك تمانعيين في تسميتك ملحدة أو ترين ذلك تعريضا بك مادمت فخورة بصفتك هذه ولك الحق في ذلك.  أنت سمية متدينة حد القداسة، وابنة سمي الرحمة المهداة ولك أن تتخيلي كم سيكون من العار على ملحدة أن تحمل رمزين يربطانها بدين أو متدينين. ثم حين تنتهين من ذلك أي التخلص من الاسم و"النسبة" فحتما لاشيئ هنا له علاقة بالنسب، عبئي أبناء "جلدتك"، من ملحدي هذا الوطن وسنتعامل معكم بدكتاتورية الديمقراطية -الأكثرية تؤثر-  نحن نقر لكم حقكم في اعتناق ما تشاؤون كنوع من حماية الأقليات الذي هو مبدأ إسلامي عتيد.  كما نتوسم فيكم كملحدين "متحررين" وديمقراطيين أن تُقروا لنا حقنا في تديننا مبدئيا كواحد من مبادئ الديمقراطية والتعايش. وأتشرف بإسداءك خدمة متواضعة حقا كأخت في الوطن لك علي الحق كما هو لي عليك، أن أنبهك إلى أن حظك عاثر لأن إسلامية الدولة وإن كانت مجرد شعار يفتقر للتطبيق؛ فهي مُضمنة بالدستور وتغييرها يعني بالضرورة التوافق وربما الاستفتاء أيضا. فكري ثم قدري (...) كم ستحصدون في ذلك الاستفتاء إن كان هو الحل، مع أنه عليكم الأخذ في الاعتبار بإمكانية طيران النقاط والرموز في أي انتخابات أو استفتاءات تقام في هذا البلد وهي مشكلة يطالب غير الملحدين بحلها وقد نتحالف لحلها أولا قبل التفرغ للاستفتاء "المخلص". ولا أكتمك سرا أنني متحرر إلا من عقيدتي الإسلامية التي أُشربت حبها والتي هي أكثر عقائد الأرض تقدمية وتكريما للإنسان، رغم أخطاء الكثير من المدعين أنهم يمثلون الإسلام   والذي جعل الآخر يربط الإسلام بالرجعية وهي قراءة مغلوطة -طبعا من وجهة نظري وأنت لا تشاطرينني إياها- رغم أنه كان بإمكانك أن تكوني كذلك فأنت من لعبت الأوزار في صغرك مع صبايا موريتانيا اللاتي ولدن وتتربين وهن مسلمات. أنا أيضا يا ملحدة بلدي أقاسمك حبك لهذا الوطن بكل ألوانه وأعراقه، وأصبو لأن يتحقق فيه كل شيئ يعزز كرامة الإنسان ويصون عرضه أي إنسان. والإنسانية وطن جميل يسع الجميع، لكنها بالنسبة للمتدينين هي الشفقة عليك وعلى الملحدين مما يتهددهم، فيما إنسانيتكم معشر الملحدين هي أن تزاحموا الرجعيين في نهجهم فتهاجمون غير الملحدين وتسفهوا أحلامهم، أو هكذا أفهم أنا المتدين وإياك أن تحاولي مصادرة رأيي ك "متدين" فذلك أيضا حقي في التعبير. وقبل أن أغلق الباب الذي فتحته، أتوسل إليك أن لا تنسي أنك ملحدة واحدة وواحدة فقط لا تمثلين الملحدين. وهو ما لا تحتاجين لطلبه مني، فأنا ورغم انتصاري للتدين أعترف أني لا أمثل غير نفسي من المتدينين وإنما أدافع عن حقي في التدين كما تدافعين عن حقك في الإلحاد، وهو ما يحقق حسب اعتقادي أنه لي ديني حقا ولك إلحادك... كل عام وأنت ملحدة وأنا متدين، والوطن بخير ...  

30. نوفمبر 2013 - 4:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا