بالأمس استعرضنا معكم الحكامة الناجحة من حيث المفهوم والسياق والأبعاد، واليوم و بعجالة إليكم اهم الشروط الحاضرة او المفقودة للحصول على حكامة ناجحة وجيدة وراشدة ورشيدة كالآتي :
1/ الفعالية عند إقرار الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى، وفي تنفيذ الاستراتيجيات والخطط المنبثقة عن تلك الخيارات
2 /النزاهة في تدبير الشأن العام وفي التعامل مع إكراهاته
3/ العدل في توزيع الثروات، وفي ترتيب الحقوق والواجبات في ظل احترام سيادة القانون وخضوع جميع المكونات لمقتضياته، بعد سن هذه في إطار من التشاور والتوافق والتراضي بين الجميع
4/الشفافية والتخليق التامان للحياة العامة، عن طريق محاربة الفساد بمختلف أشكاله، والقضاء على آفة الرشوة والارتشاء، واتخاذ التدبيرات التشريعية والتنظيمية للحد من ظاهرة (النصب والإسترزاق السياسي..)
5/ الانفتاح على كافة التيارات الفكرية والعقائدية في إطار الحرص على صون الوحدة الوطنية، واحترام الثوابت الكبرى ومقدسات الأمة
6/ تحقيق المساواة في المجتمع وخاصة بين الجنسين عن طريق مقاربة موضوعية تتناول إمكانات كل طرف منهما، وطبيعة المهام المنوطة به في إطار معادلة التعارف والتزاوج، وليس النوعية، التي تروم تقسيماً مجرداً للأدوار والمسؤوليات بينهما
7/ اعتماد فهم متجدد وحداثي للدين بما يجعله باستمرار بمثابة المرجعية الأولى والثابتة لكل التشريعات والقوانين في البلد، بحيث تنتفي ظاهرة تعارض الدين مع السياسة، أو مع الحداثة. ليعلم الجميع بأن ذلك التعارض لا وجود لبذوره اطلاقا في الكتاب أو السنة كما يفهم بعض (المتأسلمين) أو (المتعصرنين) وإنما يقوم في الوعي المتخلف والإرادة المتهالكة لعدد كبير من المسؤولين،د ومن المثقفين أو أشباههم، من الذين لا تجتمع الأصالة والحداثة لديهم إلا على سبيل تطاحنهما وإقصاء إحداهما للأخرى. بينما هناك تجارب في غاية التألق والتفوق تثبت عمليا إمكانية التفنن في رعاية زيجة متناغمة بين العنصرين معاً، وما التجربة اليابانية بخافية في هذا المضمار على أحد من العالمين
8/ نبذ العنصرية والشرائحية والكراهية بين الناس انطلاقاً من الدين الذي تلح جميع نصوصه على عدم جواز المفاضلة بين الناس إلا بالتقوى والعمل الصالح فقط.
9/ تنمية الطاقات والكفاءات البشرية في البلد على مستوى كافة مكونات الدولة عامة، حتى تنبثق من اللحمة الوطنية المتعددة والمتنوعة، حكومة تجسد انسجام تلك اللحمة ووحدتها، وتمتلك بالتالي القدرة على خدمة المصلحة العامة في ظل احترام المقدسات والثوابت، التي يأتي في مقدمتها الدين، ثم الوطن بكافة أطرافه وفرقائه السياسيين
10/ العمل على تكريس مبدأي اللامركزية من أجل شراكة حقيقية على أبسط الأصعدة وأكثرها تفرعا واستقلالاً عن النواة المركزية لكافة السلطات الخدمية وغير الخدمية منها
11/ التفعيل الدؤوب لآليات المراقبة والمحاسبة صيانة للمصلحة العامة والمال العام، وعدم التساهل ولا المحاباة في صدد كل من يجرؤ على التبذير أو النهب
12/ تكريس حرية الرأي والتعدد والاختلاف، مع النأي بهذا المطلب عن التسبب وعن الاستعمال المغرض لهذا المبدأ في غير ما هو أهل له من الضبط والإحكام والتخليق
13/ التزام الحكومة بدور المنسق والموفق بين كافة الأطراف والفاعلين والشركاء، وتخليها عن دور الوصاية البائد والذي لا يزال عدد غير هين من المسؤولين يعتبرونه أساس (هيبة الدولة) والحال أن هذا الاعتبار قد ولى زمانه وانكسرت شوكته وأفل نجمه وذهبت ريحه إلى غير عودة، وبات بالتالي مجرد عائق في طريق التغيير، وفي وجه حكامة جيدة آتية لا محالة وسائدة في مستقبل الأزمنة حتماً كذلك، وآخذةٍ مكان جمع الصيغ العتيقة في تدبير شؤون البلاد والعباد طال الزمان أو قصر.