(الصيد) بين تواصل والاتحاد (رد) / د.علي بن محفوظ

altلقد قرأت ما سطره المدعو محمد فاضل – والحمد والفضل لله أولا وأخيرا - ولم يفاجئني ما وقع فيه من سباب في ثوب نقد أو ربما (ترشيد) بزعمهم... فذكرت نابغة ذبيان إذ يقول:

فإن يك عامر قد قال جهلا *** فإن مظنة الجهل الشبــــاب

فكن كأبيك أو كأبي بــراء *** توافقك الحكومة والصــــواب

ولا تذهب بعقلك طاميات *** من الخيلاء ليس لهن بـــــاب

فإنك سوف تحلم أو تناهى *** إذا ما شبت أو شاب الغراب

لا أطلب الإنصاف الذي يظهر أن طلبه طلب لمستحيل إذا كان المقام فيه روح (ما)...لكن أطالبهم بشيء من التعقل والاعتناء بالحق والحقيقة، وترك التلبيس والتدليس... والاستهتار بعقول القراء الكرام.

أبدأ بالعنوان الذي استبطن النظرة المادية (الصيدية) في شأن ينبغي أن يكون مرتفعا في النفوس على الأقل عن ذلك...

وسام شرف لتواصل أن يفخر بمجد الإسلام الذي يحق لكل مسلم صادق الاعتزاز به ... فهو من المفاخر أو على الأقل ليس من (المخاطر)، (وذلك أضعف الإيمان)... ولست أدري هل كان ذلك الوصف شعوريا أو لا شعوريا...

زعم أن تواصل لا زال لم يرشد بعد ... ولا أرى حاجة لنفي هذا أو تأكيده فإنما هو رأي لصاحبه لا أقل ولا أكثر، لكن اللوم ذي الطابع السبابي الذي تفضل به صاحبنا (الفاضل) قد يدل – في أحسن الأحوال - على نوع من تحميل المسؤولية لا ينبغي أن يواجه به من لم يرشد بعد... ثم أعود فأقول: لقد دخل تواصل المعركة الانتخابية وهو على وعي تام بخياره... واحترم لقوم آخرين خيارهم... وأعتقد أن هذا من آثار النضج والرشد كمساعدة للسيد الفاضل في الإجابة، وهو رأي آخر ...لقد صاح أهل المنسقية صيحة واحدة أيام كان تواصل محركا أساسيا فيهم أن لا مشاركة حتى تتأجل الانتخابات ... فلما أجلت بدأت الاجتماعات في كل جانب وظهرت الخيارات من كل الجوانب... فعقل يحترم خيار غيره وآخر لا يرى خيارا...

رغم أن تواصل كإطار حزبي جديد على المواطن لكنه بفكرته ضارب في المجتمع، تواصل الحزب الوحيد الذي يحقق التواصل بين كل الأعراق والجهات في الوطن،  ولا يرتبط بشخص معين مهما كانت رمزيته، وذلك ما كفلته له مرجعيته الإسلامية، فلا هو ينحاز لجهة ولا قومية ولا هو مرتبط بشخص معين يتلاشى بزواله... لقد فهمها الغربيون فقرروا إغراء قوم به فاندفعوا سادرين عن حسن نية أحيانا ...

أما ظن السوء والتدخل في نيات الآخرين والتطلع إلى مقاصدهم واستصحاب مفردات القاموس المادي الضيق ... بكعكاته وحلوياته واستشعارها والاستلهام بها فأربأ بكل نبيل عن الانزلاق في مستنقعاته (الراشحة بما فيها)... ومن المصائب أن قوما لا يفهمون الممارسة السياسية إلا في السياق النفعي الباهت، ولا تدرك أبصارهم الخيارات السياسية إلا وهي مفعمة بالبراغماتية المادية الضحلة مجردة عن كل مبدإ خطأ كان أو صوابا ... لست ألومهم على ذلك وإن كنت لا أرضى به... لأنه قد استقر في أذهان الكثيرين من نخبنا اليوم مع الأسف عد السياسة وسيلة من وسائل الكسب مثلها مثل (الصيد) والحدادة والنجارة والتجارة والزراعة... والأدهى من ذلك - لا أقول فصلها عن الدين كما هي عبارة الغربيين ... لكن أقول - فصلها عن الإسلام بل فصل الدولة كلها عن الإسلام ... أقول هذا وعيا مني بضرورة استشعار الحمولة الدلالية لكل من "الدين" ومن "الإسلام" لا سيما في سياق كهذا ... ولست هنا بصدد إثبات ذلك ولا نفيه...

وأما قضية التوكيل والوكالة فقد انتهى - ولله الفضل والحمد - ذلك العهد الذي كان فيه تواصل يتواصل مع أحزاب أخرى فينفخ فيها من روحه على رأي وتمنحه هي من (رشدها) على رأي آخر ليترشح من خلالها... أيام كان الظلم والظلام يطاردان إنشاء إطار سياسي يعمل من خلاله...

أما قضية الجيوش والترهيب بـ(الاتحاد) طورا وبـ(التفريق) حينا آخر...فإن تواصل كان على وعي تام بطبيعة هذا المجتمع الذي لا زال أكثره لا يفهم معنى الانتخابات ولا استقلال الأحزاب عن السلطة...وربما كان له بعض العذر لأنه واقع يجسد كل يوم... لكن ما كان لتواصل – وهو يواجه الفساد بكل وسيلة - أن يقبل السلبية في الحياة ... وما كانت قواعد الشرع الإسلامي الحكيم الذي هو مرجعيته الوحيدة لتنأى عن قرارت تواصل وخياراته ... يؤمن تواصل بمغالبة الباطل ... وتقليل الفساد ... وارتكاب أخف الأضرار ... يؤمن تواصل بعدم ترك الساحة خالية لمن لا يراهم مؤهلين للمهمة... لا يوافق تواصل المنسقية على إخلاء الساحة من صوت الحق... فهل ظلمها...؟؟!!... قد لا تروق هذه القواعد لكثيرين عزلوا الفقه عن السياسة، بل حاولو عزل الإسلام كله عن السياسة... فلا الإنسان مخاطب في الدنيا ولا في الآخرة بخياراته ولا نياته...وتولد عن ذلك الفهم المنحرف للسياسة على أنها لعبة وفي أحسن الأحوال وسيلة لالتقام "الكعكات" والتلذذ بـ"الحلويات"...

وأما تواصل فلن يندم إن شاء الله تعالى على خيار المشاركة لأنه يدرك جيدا - ولو أنه صبي على رأي- أن لكل حال مقتضاه، وربما أدرك الصبي ما عجز عنه الكهول... لكنني أخاف ندم قوم آخرين...

أخاف أن يكون هذا المقال المحترم مع ما فيه من الألفاظ المفتقرة إلى السكينة أثرا من تلك الآثار...

وفي انتظار "بلوغ الرشد" يبقى المجال مفتوحا لكل الشطحات الصبيانية التي تؤمن لهم الحصول على "الحلوى"...

نرجو للجميع التوفيق والسداد... 

[email protected]  

 

رد على المقال:

تواصل .. صيد الإتحاد الثمين / محمد فاضل عبد الرحمن

4. ديسمبر 2013 - 22:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا