تعتبر المنظمات الغير ربحية (Organisations à but non-lucratif) قاطرة تنمية، حيث تقدم خدمات إنسانية في مجالات شتى منها المساعدات الغذائية، الطبية، المالية وحتى التحسيسية.
في القانون الموريتاني رقم 004-2021 تعرف هذه المنظمات أو الجمعيات أنها أي جمعية "بموجبها يقوم خمسة أشخاص على الأقل بتجميع معارفهم أو أنشطتهم بشكل دائم، لغرض غير ربحي." نفس القانون أيضا يلزم هذه المؤسسات بتحديد مجال تدخل رئيسي واحد على الأقل. يجب أن تصب أنشطتها في المصلحة العامة وعلى أن لا تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في القوانين.
كل منظمة يجب أن تمتلك إدارة وأن تعوض عمالها ماديا وفقا لقانون الشغل الموريتاني (le Code de Travail). إذن القانون الموريتاني مهم جدا ودقيق وقد وضع إطارا قانونيا لهذه المنظمات، لكن ما المشكلة؟ ولماذا رواد العمل الخيري من أنفسهم يريدون إطارا أكثر تنظيمًا لحماية مجالهم؟ كيف يمكن للدولة الموريتانية البناء على المكتسبات القانونية وملأ النواقص من أجل عمل خيري أكثر تنظيم، أكثر فاعلية وأكثر قيمة؟
بحكم تخصصي وتجربتي في الولايات المتحدة الامريكية في حقل إدارة المنظمات الحكومية والغير حكومية، لاحظت أن هذا القطاع يضم أكثر من 12 مليون عامل أمريكي حسب مكتب إحصاءات العمل الأمريكي(Bureau of Labor Statistics)، ونفس الأمر ينطبق على عديد الدول، وإرتأيت أن أقدم عصارة هذه التجربة المتواضعة لمساعدة دولتي، من منظور النقد البناء. الخطة التالية قد تسهم في تنظيم هذا القطاع:
1. تقسيم هذه المنظمات إلى أصناف مثلا: المنظمات الغير ربحية في مجال الصحة، مجال الخدمات الانسانية (الغذاء، السكن، الخ).
2. أن تكون هذه المنظمات خاضعة للمديرية العامة للضرائب، وأن تنشأ الأخيرة منصة تخول للمنظمات من تقديم تقرير سنوي يشمل: التبرعات، المصروفات، المصروفات الثابتة (أجور، كهرباء، الخ). صحيح أن معظم هذه المنظمات معفية من الضرائب لكن هذه الخطوة ستعزز الشفافية وهي الموجودة في أغلب دول العالم، ومن خلالها ستلزم الدولة المنظمات بالقانون.
3. المنظمات التي يتجاوز دخلها السنوي 5,000,00 أوقية جديدة يجب أن تدفع جزءً بسيطا للضرائب.
4. المنظمات الغير ربحية أو الحقوقية ذات الطابع السياسي يجب أيضا أن تدفع جزءا بسيطا للضرائب خاصة إن كانت تتلقى دعم خارجي.
5. إلزام هذه المنظمات بإتباع طرق سليمة وشفافة للاكتتاب من خلال ترويج فرص العمل على المواقع، الخ..
6. كل عامل يجب أن يحظى بعقد عمل يحمي له حقوقه ويحمي المنظمة أيضا.
7. تحفيز رجال الاعمال والقطاع الخاص على التبرع لهذه المنظمات.
8. المنظمات التي تلتزم بالقوانين والشفافية يجب أن تحفزها الدولة من خلال عقود شراكة، مثلا إذا أظهرت منظمة غير ربحية في مجال الصحة عملا ممتازا وشفافية يمكن لوزارة الصحة أن تتعاقد معها لتقديم خدمات.
في الختام هذه الخطة ستعزز الثقة بين المواطن وهذه المنظمات، وستتمكن هذه المنظمات من إستقطاب المتبرعين الذين كانوا يتخوفون من عدم الشفافية، حيث سيتم نشر كل المعلومات حول تبرعاتهم وسبل إنفاقها.
أيضا لنكن صريحين لايمكن للأفراد العمل بدون مقابل مما يعني أن كل العاملين في العمل الخيري يجب أن تكفل لهم حقوقهم ويجب أن يعوضوا عن جهدهم.
إذا تمكنت الدولة من فرض هذه الخطة المتواضعة-والتي يمكن تحسينها- سيتم مص جزء كبير من البطالة وسيتم تنظيم قطاع العمل الخيري، هي إذن خطة رابحة لكلا الطرفين (win-win).
بقلم محمد محمود الداده - خريج تخصص إدارة المنظمات الحكومية والغير حكومية، جامعة ميزوري الامريكية.