من متغيرات النزاع العربي الإسرائيلي اغتال صورة اسرائيل المدللة في الغرب / اسماعيل إياهي      

ما كان العرب في فلسطين – في نظر الغربيين- عموما إلا غزاة يستبيحون أرض اسرائيل "المسكينة" إلى أن تكشفت حقائق أرهبت الجميع وليظهرمعها الحقد الممنهج ليرى العالم وضعا شديد القساوة في غزة وفي الضفة الغربية التي استباحها المستوطنون تحت الحماية ومباشرة من قوات الأمن .
قد لا نتفق منهجيا للأسف ، مع بعض قرارات المنظمات العاملة في غزة وإن كان الواقع قد بلغ من القساوة اللانسانية ما لاعين رأت ولا أذن سمعت... ، 
فماذا ستكون عليه الأوضاع يا ترى في العام :2025 عندما تتولى الإدارة الجديدة في واشنطن عملها ؟ 
سؤال كبير يحتاج إلى فضاء واسع من المعطيات والتحليل وهو ما ليس بحوزتنا الآن ولكل حادث حديث كما يقال... ، والأحداث كثيرة ومتغيرة ولاتترك للسياسين أجندات ثابتة مبرمجة زمانا ومكانا ، إلا ما قل وندر ، والنادر لاحكم له كما هو معروف ...
ومن أهم الأحداث خلال الأسابيع الماضية انتخاب السيد/دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة للمرة الثانية . 
فماذا في ثنايا عداد الأشهر القادمة من أحداث على مستوى العالم وفلسطين على وجه الخصوص ؟ 
لعله من المعروف أن دونالد ترامب قد ميز ولايته الأولى بدعم غير مسبوق لاسرائيل خاصة على المستوى الدبلوماسي حيث أمر بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وهو أمر لم يقدم عليه أي واحد من الرؤساء الأمريكيين السابقين .
ومن جهة أخرى ، فماذا سيكون عليه نتنياهو المثقل بالأحداث عسكريا وأمنيا وسياسيا في اسرائيل وفي العالم خلال الولاية الجديدة للرئيس ترامب ؟ 
يقال إن العلاقة كانت أكثر حميمية بين الرئيس "بايدن ونتنياهو وذلك مالا يحبذه الرئيس ترامب يقينا" .
ومع ذلك فإننا نرى أن نتياهو سياسي لعوب يمرحل الحرب ليتفادى بها الأسوء لمستقبله الخاص وبالتالي يمكن له أن يستبله السلطة التنفيذية الأمريكية أيا كانت كما استبله قبلها السلطة التشريعية خلال زيارته الأخيرة لواشنطن .
ونعني بذلك تمظهره بجهل ما يعلمه حقيقة عن الدعم اللامشروط للولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل حيث قام بمرافعة طويلة استعطافية للمشرعين وكأنهم لايعلمون شيئا عن حقيقة الدعم الأمريكي لدولة اسرائيل . 
وهنا نورد النقاط التالية : 
أولا : لقد طالب بالدعم الأمريكي لدولة اسرائيل وكأنهم لايعلمون (أي المشرعون) شيئا عما تقدمه بلادهم بسخاء لإسرائيل أو كأنهم كذلك ليسوا هم المشرعون الذين يتحكمون في الكثير من القرارات السياسية والعسكرية والعلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ....ا
لم يذكر نتنياهو في ذلك الخطاب أو يتذكر أن القيادات الأمريكية المختلفة أعلنت مرارا وتكرارا وبرهنت على ذلك قولا وعملا دعمها الكامل لاسرائيل .
إن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بأمن اسرائيل ولعله نسي كذلك أن ثلاثا من حاملات الطائرات الأمريكية كانت في شرقي الأبيض المتوسط قريبة من اسرائيل خلال الأيام الأولى التي تلت (طوفان الأقصى) في  اكتوبر 2023 .
وذلك طبعا انسجاما مع ذلك الالتزام المعلن بصراحة لا لبس فيها .
بل كان يعلم كل ذلك. ويتعمد الاستعطاف من خلال إعطاء أمثلة ، العالم كله يعلم حقيقتها وأمريكا ليست آخر من يعلم .
فقد ذكر مثلا " الأطفال" الأبرياء الذين قتلهم "الوحوش" في السابع من اكتوبر ولم يذكر طبعا الأطفال الذين كانت ولادتهم سابقة لأوانها والذين ماتوا أو نقلوا من المشافي التي دمرتها اسرائيل على رؤوس المرضى والأطباء والمراجعين ... ولم يذكر طبعا قصف سيارات  الاسعاف بمن فيها من المرضى والمسعفين حسب وسائل الإعلام العربية والدولية .
فهذا كله استبلاه للشعب الأمريكي ومنتخبيه .
ثانيا : عدم الاهتمام بالرأي العام الدولي . ولعله من المفهوم بيسركذلك  لكل متتبع لقضايا النزاع العربي الاسرائيلي أن السياسة الاسرائيلية قائمة على الاستهزاء بالقانون الدولي والاستخفاف به . إلا أن الممارسات العسكرية في غزة قد اغتالت صورة وسمعة اسرائيل في العالم عامة وفي الغرب خاصة بحيث أصبحت دولة مدانة وقد كانت في ما مضى مدللة . وأفضل مثال على ذلك أن شوارع ابريطانيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية وأمريكا اللاتينية وفي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ظلت تموج بالجماهير الشعبية المساندة لفلسطين وشعبها المحطم بشرا وحجرا.
ولم يتحدث كذلك في ذلك الخطاب عن السلام كقيمة إنسانية نادى بها العرب خاصة في المبادرة العربية التي تقدم بها المرحوم الملك /عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عام 2002 في القمة العربية في بيروت .
ثالثا : الاغتيالات السياسية ليست حلا عند الأمركيين ولاغيرهم فاغتيال إسماعيل هنية رحمه الله وغيره ، واغتيال العلماء ماكان ولن يكون حلا بل يزرع روح الإنتقام والكراهية السائدتين منذ عشرات السنين وليست وليدة السابع من اكتوبر 2023 كما يعلم الجميع .
إن قضايا الشعوب لاتموت ... والحل في السلام والأرض مقابل السلام.
اسماعيل إياهي      
 

21. نوفمبر 2024 - 9:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا