المهزلة الكبرى (قسمة لصوص) / حمزه ولد محفوظ المبارك

كثر هم من يتكلمون اليوم و يرفعون الصوت بشأن المهزلة الوطنية الكبرى التي يسمونها وقاحة بالإنتخابات تماما كما يرفعون الصوت و يتحدثون عن النجاحات الباهرة لهذا الحزب أو ذاك و التي لا تعدو كونها نتائج آنية و حتمية و قسمة لصوص لمسروق أو مغتصب .

فإذا ما أردنا قراءة الأشياء بشكل جدي فحري بنا أن لا نجتزئ الاحداث بل علينا أن نعي التراكمات التي أوصلت الوضع لما هو عليه بتواطؤ من جميع الأطراف سواء منها تلك التي تمارس التلصص الإنتخابي اليوم أو تلك التي آثرت الجلوس على قارعة الطريق , تلك الأحداث و التراكمات التي بدأت بإنقضاض المجلس العسكري على سلطة الرئيس "معاوية ولد سيد أحمد الطايع" الذي مجده القاصي و الداني أيام عزه و منعته , ذلك المجلس الذي سايرته القوى السياسية في نهبه لثروات البلاد متقمصا شخصية اللص الشريف , ليكون الرئيس "سيد محمد ولد الشيخ عبد الله" جديرا بلعب دور الفلاح المصري المجلوب لإستلام العرش في العصور القديمة , لكن القبة الحديدية في البرلمان أو من يوصفون بالكتيبة إلى جانب بعض الحالمين من الذين لم تشفع عندهم صلاة الرجل في مسجد القصر إنقضوا عليه بقيادة "الجنرال المنتفض" على إقالته من منصبه الذي ضخمه الفلاح المصري.

 

و لأن الفلاح المصري العتيق كان من حشمه من يمارسون التزلف و التملق في القصر الرمادي المغتصب , فقد طارت عقولهم و ضاقت عليهم الأرض بما رحبت و راحوا يسلكون الفجاج منذرين بطاحونة كلمات منفوخة أن لا مناص من عودة المبتلى و إرجاع وزرائهم إلى القصر و صلب الجنرال على جذع نخلة من حقل الفلاح.

 

و ما زال القوم في الكر و الفر و إبتلاع الغصص حتى أذن مؤذنهم أن هلموا إلى "دكار" و من هناك رجعوا بأمهات خيباتهم لمَّا خذلوا هذا الشعب المسكين , و دخلوا مع الجنرال المنتفض في مهزلة أشرف حشم الفلاح المصري عليها فما كان إلا ما أراد الجنرال , و لم يكن من سبيل أمامهم إلا أن سجدوا له شكرا و تزلفا و غازلوا فيه نصيبهم من قسمة اللصوص , لكن الملك الجديد الذي خلع بذلته القديمة على وقع التمجيد و التعظيم , أوصد تلك الأبواب في وجوههم , بل و لعنهم لما رأى منهم من ذل و هوان.

 

و لما لم يكن لحشم الملك الفلاح ما أرادوا , و أحسوا الخيبة و الخسران , قرعوا باب الجنرال من جديد و توددوا و ما كاد الجنرال يفتح لهم الباب حتى قتل شقي نفسه في تونس , فحمل حشم الفلاح حجارة الكلمات و عصي الأحلام و راموا سحل الجنرال و صلبه من جديد على جذع النخلة التي حملت هي الأخرى فتيل فتنة لا تبقي و لا تذر , و دعا أصحابها لحمل السلاح و إسقاط النظام , لكن خاب سعيهم و خسروا ككل مرة و علموا أن الأحوال في هذه البلاد تختلف تمام الإختلاف عنها في ليبيا و سورية و مصر و حتى في تونس النادمة.

 

و لأن ما عرف بمنسقية المعارضة التي إستظلت بظل النخلة ردحا من الزمن تقاذفت سهامها الجنرال الممدد على سرير العمليات في مستشفى "برسي" و غلظت الإيمان بزواله و إنقراض سلالته , فقد خسرت معركة البقاء التي إنتصر فيها الجنرال بإنتفاضة أوجبت على خصومه كفارات الأيمان و المجالس التي أفرطوا فيها أيما إفراط.

 

و لأن اللصوص لا يعرفون طريق الحق فقد كان لزاما عليهم أن يشتركوا طريق الباطل , و بدأ الذين كذبوا على الفلاح المصري , و خدعوا الشعب الموريتاني , و أرهقوا أجساد رفاقهم الشيوخ المنسقين بصولات الثورة الزائفة , بدأوا الإرتماء في حضن الجنرال المنتفض , ليخرجوا على الجميع بخطاب جديد و لغة جديدة خلاصتها , الجنرال منا آل نخلة , و المناصب و المقاعد حبال وصال لا يجوز إنقطاعها و لو كلفنا ذلك أن نكون في نظر رفاق الامس ناقضي عهود و مواثيق ,

 

أما و قد أوصلنا اللصوص لمسرح المهزلة الكبرى , فقد إكتشفنا أننا أمام برمائيات سياسية ذات جلد مكشوف قادرة على التذبذب في العيش بين يابسة المعارضة و قيعان التسكع العسكرية , و على مدرج (الإنتحابات) نفذ المتواطؤون جريمة نكراء شهد القاصي و الداني على بشاعتها , لكنهم لا يزالون مصرين على قسمة اللصوص لغنائمهم التي إغتصبوها من ماء وجوه المستضعفين و المغلوبين , و لا تزال فصول أخرى من الجريمة قيد التنفيذ.

7. ديسمبر 2013 - 20:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا