سطر في ما بين السطور / محمد محفوظ المختار

altبعد الشوط الأول من الانتخابات التي جرت يوم 23 نوفمبر الماضي وما شهده من خروقات واختلالات سواء من الناحية التنظيمية أو التأطيرية، وبعد تأجيل  الشوط الثاني منها إلى غاية 21 من ديسمبر الحالي والذي وصفه المجلس الدستوري بغير القانوني عبر فتوى

 دستورية أصدرها يوم 04/12/2013م، (أي قبل يومين من الشوط الثاني والذي كان من المفترض أن يجري يوم 07/12/2013 ) ومع عجز اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن مواكبة العملية الانتخابية ، سواء من خلال الحضور أو التأثير، وما تلا ذلك من فضائح تجسدت في رشاوي كان أعضاء بارزين لهذه اللجنة بمقاطعة كيهيدي مستفيدين منها.

 

ومع تدخل الإدارة بكل ثقلها ووسائلها المادية والمعنوية عبر استخدام أسلوبي الترغيب والترهيب من أجل التأثير على قناعة الناخب وتوجيهها لصالح أحد الأطراف المتنافسة على حساب الآخر، ومع غياب منسقية المعارضة التي قاطعت هذه الانتخابات وأثبتت الوقائع أن قرارها كان الأصوب والأكثر إقناعا والأجدر بالتقدير. فإن أسئلة عديدة تتعلق بمنسقية المعارضة الديمقراطية تتبادر إلى ذهن المراقب للساحة السياسية الوطنية حول وجود المنسقية على الأرض وتأثيرها في المشهد  ومدى تأثرها بتفاعلاته المتقلبة والمتسارعة، ولعل أبرز تلك الأسئلة هو: أين هي منسقية المعارضة أثناء سير الحملة الانتخابية وأثناء عملية الاقتراع؟ وأي تأثير لها في المشهد السياسي الذي ستفزره العملية السياسية الجارية حاليا؟.

ستأتي الإجابة على السؤال الأول في شكل إشادة بالمنسقية لا بد من ذكرها،  وهي التي تجسدت بسلمية الأنشطة التي نظمتها المنسقية خلال إجراء الحملة الانتخابية المحضرة للانتخابات، ثم بقدرتها على ضبط تحركات أنصارها وخاصة المتعصبين منهم، حيث استطاعت كبح جماحهم ومنعهم من إحداث أي نوع من الشغب أو الاحتكاك مع الأطراف المشاركة في العملية السياسية، وهو ما حصل بالفعل على مدى الحملة الانتخابية التي استمرت 15 يوما، حيث لم تحدث أي احتكاكات بين المقاطعين والمشاركين، كما لم تسجل أي حالة اعتداء في يوم الاقتراع الذي كان من المتوقع أن يكون يوما شاقا وطويلا.

أما في ما يتعلق بالسؤال الثاني فإنه يحسن التنبيه إلى أن منسقية المعارضة الديمقراطية كانت قد نظمت يوم 06/11/2013 مسيرة جماهيرية حاشدة برهنت على قوتها وحضورها البارز في المشهد السياسي، وأكدت من خلالها قدرتها الفائقة على حشد أنصارها كلما أرادت ذلك،  كما أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها رقم صعب في المعادلة السياسية رغم وجود كثير من المشككين.

أثبتت المنسقية أنها موجودة قبل الانتخابات وهي اليوم بحاجة إلى التأكيد على ذلك عبر نشاط جماهيري يثبت أن الانتخابات لم تنل من شعبيتها ولم تستطع أن تحد من تأثيرها... ننتظر أن تعلن منسقية المعارضة عن نشاط يثبت حضورها... لكن هذا النشاط المأمول  والمطلوب سياسيا، سيكون  - بدون شك – سلاحا  ذو حدين فإما أن تؤكد المنسقية أنها موجودة ونشطة  وقوية ولا تزال تحتفظ بقدرتها على الحشد.. وإما أن تفشل في ذلك ولكل من الاحتمالين ما بعده.

فإن أثبتت وجودها فسيكون لذلك تأثير على مراجعة الحسابات في الساحة السياسية ودخول أطراف داخلية وخارجية نافذة في المشهد السياسي،  من أجل الضغط باتجاه صيغة توافقية لا تقصي طرفا أثبت وجوده في الساحة السياسية قبل وبعد الانتخابات.. وإن فشلت في ذلك فإن خريطة المشهد السياسي الذي تشكل أو سيتشكل بعد الشوط الثاني من الانتخابات والذي سيجري يوم 21 ديسمبر الجاري، ستكون هي البوصلة التي ستوجه العملية السياسية في قادم الأيام، وبالتالي فإن المنسقية ستحال إلى التقاعد الإجباري مما  سيوفر لها مكان مناسبا في أحد رفوف الأرشيف السياسي الوطني.

 

[email protected]

 

9. ديسمبر 2013 - 23:11

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا