المجتمع المدني أصبح اليوم ضرورة في ظل تنامي المجتمعات الحضرية العصرية التي تتطور باستمرار وتسعى جاهدة للنمو الذي يتسارع بوتيرة مذهلة.
فالمجتمعات التي تواكب العصر وتشيع فيها الثقافة الديمقراطية والحرية الفردية والجماعية بحاجة ماسة إلى مثل هذه المؤسسات المدنية التي فرضها الواقع كضرورة قصوى ومحرك أساسي لتطوره وازدهاره.
لكن أي مجتمع علينا اختياره؟ لكيما نخطئ في هذا الخيار الاستراتيجي
إن الخطأ في مثل هذه الخيارات مسألة لا تغتفر ولذا فإنه لزاما علينا أن نتريث وأن نكون يقظين بالدرجة الكافية.
لسنا هنا بصدد وضع معايير محددة وقياسات معلومة الحجم والكيف وإنما نتلمس الطريق الأمثل لمعرفة ما يجب أن تكون عليه هذه المؤسسة المجتمعية ذات المكانة الحساسة والفعالة في تحديد مستقبل نطمئن له جميعا.
إن المجتمع المدني يجب أن يكون مؤهلا لاستيعاب متطلبات إثبات الهوية التأسيسية التي سيتشكل عليها والتي تشكل القاعدة الصلبة لقيامه.
من أهم هذه العناصر هو استيعاب الثقافة الديمقراطية المرتكزة على قيم الكرامة الإنسانية ومقومات المواطنة الحقة والمتجذرة، وكلما ارتفعت نسبة هذه العناصر فيه كلما تجذرت فيه القيمة الإضافية في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي، وهذا هو المطلب الأهم الذي بمقدور المجتمع المدني أن يكون فيه ضمن سقف الأداء والرفع من مستوى المجتمع والدولة.
وهذا يعتبر أحد أهم المحركات لعجلة التطور والنماء التي تتوسع فيها دائرة المجتمع العصري الذي نسعى جاهدين إلى غرسه.
لقد أصبح لزاما علينا والحال هذه أن نبني مؤسسات مجتمع مدني واع بمسؤولياته الجسام، قادر على لعب دوره المنوط به على أكمل وجه، مستعد لمواكبة تطور الحضارة البشرية السائرة على وتيرة تتجاوز سرعتها السرعة العادية بحكم تطور العلم والمعرفة الخارق.
هذا العلم والمعرفة هو مربط الفرس في تحقيق الطموح المشروع الذي يحدو كل موريتاني، كما أنه شرط أساسي في بلوغ مؤسسات مجتمعنا المدني سقف طموحات الشعب المرتفع بحكم حاجتنا الماسة الي تحقيق نماء مطرد وسريع يجعلنا في مصاف الأمم المتقدمة.
وحين يعي المجتمع المدني هذه الحقائق ويعي أن العبء الأكبر يقع عليها فيما يخص المساهمة في التطور المجتمعي ويعي كذلك أن سقف هذا المجتمع أصبح كبيرا وأنه مطالب بالصمود لبلوغ هذه المطالب نكون قد ربحنا أحد أهم تحديات العصر.