شكرا لهذه الصفحة "ضيوف لا مشردون" على النخوة، و تلبية نداء الضمير الإنساني في تعاطفها اللامحدود مع الإخوة السوريين، و لِمَد يَد العون لفقرائهم و مساكينهم.. شكرا للكتاب و المثقفين الذين أعلنوها حربا ضروسا ضد البخل.. و اعلونها نصرا للإيثار، و الشعور بالمسؤولية..
شكرا للمدون السعد ولد بيه على تدوينته "السوريون في موريتانيا: ضيوف لا مشردون".. و هي نموذج للوطنية الحقة، و الكرم و السخاء، و هي أيضا نموذج للمعدن الأصيل.. غير أنه أستوقفتني تلك اللهجة الصادقة التي كتب بها تدوينته، و تلك الفكرة الفريدة التي من خلالها استطاع وضع خطة متكاملة لمساعدة الإخوة السوريين الوافدين على منكبنا، و الذين ظهروا فجأة في ملتقيات طرقنا، و في شوارعنا ممتهنين التسول مستنجدين بسوريتهم و بأطفالهم و غير ذلك من وسائل التأثير..
و هي خطة ــ في الحقيقة ــ نحتاجها وطنيا لرأب الصدع، و لِــلَمِّ شمل الموريتانيين، و لتوطيد اللحمة الأجتماعية، و الوحدة الوطنية...
نحن يا كاتبنا نعيش في وطن هش، في تكوينه و في تصوره للمعضلات الكبرى، مليء بالمشاكل الطاحنة التي تهدد تماسكه و وحدته و أمْنَه..
و لست ــ طبعا ــ في حاجة للتذكير بها، و لا بالقواسم المشتركة بين جميع مكونات شعبنا غنيا كان أو فقيرا.. مع أن الفقر أحد أبرز هذه القواسم المشتركة..
و لست ــ طبعا ــ بحاجة للتذكير أن وضعية اللاجئين السوريين ليست من تلك المشاكل الأجتماعية و الأقتصادية و السياسية...
مع أن كل الفقراء سواء كانوا لاجئين أو غيرهم ــ في جميع مناكب الأرض ــ يحتاجون تضامنا، و إيمانا بقضاياهم، و مساعدةً فورية وَ مدروسة، طبقا لخطة الأخ سعد التي وردت في تدوينته...
أنا هنا أريد أن ألفت أنتباه المسؤولين، و أصحاب القرار، و الكتَّاب، و المثقفين، و كل الخيرين من أبناء هذا الوطن، إلى حاجة إخوتهم من فقراء منكبنا ــ قبل غيرهم ــ فحاجتهم الماسة تستحق علينا أن نتذكرها و أن نضع الخطط لمساعدتهم فإن لم يكن لقرابتهم في النسب، فلقرابتهم في الدين.. و الوطن.. فحاجتهم لا يمكن نسيانها و لا تناسيها، أمام أي خطب مهما كان جَللاً..
كما أريد أن أدعو للأستفادة من خطة الأخ سعد اللامعة و ذلك من أجل القضاء على الفقر، و العبودية، و الإرث الإنساني... و تدعيم العمل الإنساني، و الوحدة الوطنية، و اللحمة الأجتماعية... إن درجة المواطنة الحقيقية تقاس بالعطاء الوطني، و المحافظة على الكرامة الوطنية، و الحماس و الأستعداد لخدمة الوطن و المواطن.. لا بما نقدمه للأجانب مهما كانت أحتياجاتهم..
إن الهبة و اللفتة الكريمة التي قوبل بها اللاجؤون السوريون هي عمل إنساني بأمتياز، و هي أيضا أقل ما يمكن أن يتم به دعمهم.. و لا شك أننا قد أدينا ما لهم علينا من حق..
و لكن ينبغي أن لا ننسى فقراءنا، و ضعفاءنا.. فهم أيضا بحاجة لأضعاف هذه الأموال التي صُرفت في تأمين عيش كريم للاجئين السوريين، فمن حقهم علينا جميعا ــ خاصة علماءنا و كتابنا و سياسيينا... ــ أن ننبه الرأي العام الوطني على حقهم في العيش بصفة كريمة.. و حقهم.. في الملبس.. و المأكل.. و المشرب.. و المسكن اللائق... فإن لم يكن كمواطنين مشردين في وطنهم، فكضيوف في وطنهم.. و ذلك أضعف الإيمان.. أوردها سعد.. و سعد مشتمل *** ما هكذا يا سعد تورد الإبل