إلى مرشحتي لكصر أهكذا تعدان الناخبين...! / السالمة الشيخ الولي

بعض المواقف تثير لدي تساؤلات عديدة غالبا ما اتجاهل الغوص فيها او إثارتها لتكون موضوعا أعرضه للنقاش مع رواد الصفحات الاجتماعية او أجرد قلمي لأتحدث عنه بصراحة ليس من عادتي أن أجامل أحدا أيا كان خصوصا حين يتعلق الأمر بمن يقدمون أنفسهم كقادة ويسعون الى تبوء المناصب العليا في الدولة.

 

ربما كموريتانيين فرضت علينا لفترة طويلة من الزمن قاعدة سياسية لم نخترها وانما جاءت بعقد ناقص الأركان عرضا لم يقابل بإيجاب من الطرف الآخر، فوجدنا أنفسنا بحكم الظروف التاريخية وتدني مستوى التعليم الحديث بيننا يتصدر البعض واجهتنا السياسية تدعمه في ذلك اعتبارات اجتماعية في أغلبها، الا من مجموعة صنعتها المؤسسة الامنية لحاجة في نفسها، فوصل أغلب من يقدمون لنا اليوم على أنهم أصحاب تاريخ سياسي بل ويوصفون بالرموز أحيانا رغم انني أعتقد أن رمزية الفرد وسام تمنحه الدراسات التاريخية اللاحقة عليه، و يحتاج لأساليب علمية منهجية يتم على أساسها تقييم الشخص تقييما حياديا بناءا على مواقف مشهودة احتفظت بها الذاكرة الجمعية او على الأقل أثبتت الوقائع لعبه لدور ريادي غير او ساعد في تغيير واقع معين، لذا فوجود الانسان في حد ذاته في حقبة معينة لا تكفي لتجعله رمزا فالتاريخ الذي يليه هو الذي يخلده أو لا يخلده ونزولا عند واقعنا الموريتاني نكتشف أن الغالبية العظمى ممن نصنفهم رموزا او قادة وصلوا بمحض الصدفة لا غير.

 

وقد انعكس ذلك سلبا على تطوير الخطاب السياسي عموما، وبقي السياسيون بقدرة قادر بعيدين جدا لأسباب ندركها جميعا عن الخطاب الثقافي حتى في توصيلهم لرسالتهم السياسية فالقلة القليلة فقط هي التي تترك أثرا وتقدم رأيا وتناقش القضايا الجوهرية مع المتلقي وتروج لطرحها بخطاب اعلامي تواجه من خلاله أسئلة المتابعين وتدافع عن مشروعها السياسي وكلها رجال...

 

أما النساء الموريتانيات اللائي عولنا عليهن كثيرا في الركب السياسي ،وأخذن لأنفسهن مساحة من الجغرافيا السياسية فقد حافظت أغلبهن على الابتعاد عن النقاش الفكري لتقديم رؤاهن السياسية ومشاريعهن التنموية قصورا او تجاهلا.

 

فصانعات القرار من الوزيرات تحرصن دائما على الظهور في كامل زينتهن في مجلس الوزراء او خلال تقديم الكلمة الافتتاحية للأنشطة السنوية التي تشرف عليها وزاراتهن والتي يتم اعدادها من طرف أكثر عمال الوزارة خطابة وتقدمها سيادتها بطريقة حدث عنها ولا حرج تنصب وترفع على قواعدها النحوية الخاصة...

 

ويجعلن بينهن وبين الاعلام حجابا مستورا فقد جرى العرف أن ينظر الوزير الى الجميع من برج عاجي ولا يجرؤ الاعلام _وأقصد هنا الاعلام المستقل في نسخته الثانية بعد النقلة التي شهدها _على استضافة وزير ليتحدث للمستمع او المشاهد ويواجه أسئلة الاعلاميين دون أن تمر على مقص الرقيب...

 

وهو الشيء الذي عجزت الطفرة الاعلامية والحرية عن تغييره فكان من الطبيعي في ظل الصمت المطبق وتهرب الوزراء من مسؤوليتهم في تقديم المعلومة للمتلقي أن تجد الشائعات مكانا فسيحا في عالم الاخبار اليومية المتداولة ربما هي مواقف نرفضها لكننا تعودنا عليها فالأبواب الزجاجية عصية على الاختراق والحديث عنها يطول لكنني الآن وما أثارني للحديث عنه اليوم هو تصامم السياسيين أيضا والمرشحين فحين يخرج الوزير من قلعته _ التي ورثها عن أبيه او قدمت له لسواد عيونه_ ليروج نفسه للناخبين الذين هم القاعدة العريضة من المواطنين أنفسهم الذين وقفوا أمام بوابات الوزارات طويلا وتجاهلتهم المصالح التابعة لها وطرقوا باب الوزير مرارا وقوبلوا بالصد ذاته، ولا يرى أن الاعلام والصحافة ولا المواطنين المطحونين قادرين أن يغيروا من قدره شيئا وأنه باق ما بقي ولاءه للحكام لذا هو غير معني بالرد على استفهاماتهم ولن يعكر صفوه بالحديث معهم، يصبح الوزير هنا صاحب حاجة ويكون أيضا معرضا لسهام أسئلة الصحافة بعد أن اختار بقناعة منه أو بتوجيه من مؤسسته السياسية ان يخوض هذا التحدي الصعب جدا والذي أثبتت التجربة الاولى من الانتخابات أن وقوف حزب سياسي كبير وراء المرشح وتوفير كل أسباب التفوق لم تعد هي الرهان الوحيد لحسمه وأعتقد ان بلديات نواكشوط كانت خيرشاهد على ذلك كمثال قريب...

 

وربما تجربتي الشخصية مع مرشحات إحدى بلديات نواكشوط هي الدافع لكتابة هذا الموضوع..

 

فلم يكن من حسن حظي أن أكون صحفية تؤمن بالديمقراطية وتعتبر أن شخص المرشح ملزم بالدفاع عما يروجه للناخب وعن قناعة تامة لا أصوت لأي كان الا على أساس خطاب ونقاش أستطيع من خلاله أن أحدد مستوى إيمانه بالفكرة التي يحملها ولذلك سعيت الى برنامج يضع المرشحين على المحك ويحاول ان يتلمس وجود مشاريع تنموية حقيقية يحملها المرشحون، لا مشاريع سياسية فقط تنضاف الى أرصدة احزابهم السياسية..

 

عرضت الفكرة على مدير مؤسستي وتقبلها بسعة صدر _كما عودني دائما على ذلك_ وفعلا سعى معي الى تحقيق ذلك لم نرد أن نكرر تجربة التلفزيون الوطني الذي قدم طاولة مستديرة استبقت الاحداث للبحث في خيارات الاحزاب لترأس المجموعة الحضرية متجاهلة بذلك البرامج الاساسية للبلديات المنهكة التي تنتظر مشاريع تنموية وتحتاج ليمنحها من يتنافسون عليها الاولوية دون اعتبارها ممرا للوصول لرتبة اخرى..

 

وقع الخيار على أن تخصص الحلقة الاولى لبلدية لكصر وفعلا بدأنا رحلة اتصالات للوصول الى المرشحات اتصلت بفاطمة بنت الميداح مرشحة حزب الاصلاح والتنمية تواصل وعرضت عليها ان تقدم للمستمع من خلال منبر اعلامي حر مشروعها لقيادة بلدية لكصر فوافقت على اللقاء وطلبت ان نعاود الاتصال عليها لتأكيد موعد البرنامج وأخبرناها طبعا ان الحلقة هي مناظرة بينها ومنافستها ثم اتصلت بعدها بوزيرة الوظيفة العمومية المرشحة لمنصب عمدة البلدية والساعية الى التربع على عرش المجموعة الحضرية وهذا الحلم الاخير هو مالم يكن موضوعا لنقاشي ولم أعره اهتماما في حلقتي باختصار لأن المرحلة الاولى هي بلدية لكصر والمسعى الثاني هو مرحلة نضال ثان غير مضمون، بنت حمادي كانت لبقة في حديثها لكنها رمت بالكرة سريعا في مرمى حزبها السياسي وأحالت اليه الكلمة الفصل في توجيهها وشددت على أنها مستعدة لكنها لاتملك اتخاذ قرار دون اذن او توجيه من حزبها رغم يقيني انه مجرد عذر الا انني قطعت الطريق على استخلاصي وسعيت لطلب الإذن من الحزب وبعد اتصال بشخصيات سامية في الحزب الحاكم رجع الاعتذار منها ووعد الحزب بإيفاد محاورين آخرين غيرها للبرنامج وما هي الا ساعات ايضا لتعتذر منافستها في الطرف الآخر عن اللقاء وتبخرت الوعود العرقوبية باعتذار السيدتين وبقيت أسئلتي معلقة دون ان تجد من يرد عليها في بلد يتشدق سياسيوه بالديمقراطية وتروج أحزابه لبرامج من وحي الخيال وخرجت بنتيجة واحدة أن مرشحا لا يقدر ان يجلس على طاولة منبر حر لا يعترف بالقيد او الاسئلة الجاهزة ويدافع عن مشروعه ان وجد أصلا لا يستحق أن يمنح أصوات الشارع الذي يتطلع الى تنمية حقيقية ولم تعد تنطلي عليه كثرة الصور وأيقنت ان سيداتنا لازلن يدرن في فلك الصورة الاجمل ويروجن انفسهن بالمكياج أكثر مما يقدمن خطابا سياسيا مقنعا يصدر منهن شخصيا دون الاستعانة بمن يتحدث عنهن.

14. ديسمبر 2013 - 21:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا