من سنوات الطفولة و انا ادمن قراءة كتب التاريخ بما فيه من سير العظماء و الابطال و خسائس ضعاف الانفس و دسائس اهل الغدر و الخيانة.
سؤال شغل بالي طويلا ، لماذا يتقاعس البعض عن الحق و الخير و المجد و لماذا يفوتون فرصة الخلود الأبدي في سجل التاريخ الناصع.
اغبى الأغبياء يعرف ان الموت قادم لا محالة ، هلك الجبناء و مات المترددون ، البعض نجى من الموت في معركة ليدركه الشيب و الهرم و فقدان الصحة و الأحبة و الخلان وفي خاتمة المطاف تنتهي الرحلة بالموت الذي ضحينا بأغلى ما نملك للهروب من مواجهته، بالكرامة واحترام النفس.
البعض احترف الخسة و النذالة و الغدر و حصل على بعض المكاسب الآنية ، بينما حصل آخرون على الخير العميم بشرف و نزاهة.
ترى ما سر الخيارات الرديئة .
فكرت في الامر طويلا و خرجت بنظرية واحدة بعد تقليب الافكار على كل الوجوه .
اكتشفت أن الخسائس كلها تعود لأصل واحد .... البخل خوف من الفقر واللؤم خوف من الشعور بالامتنان للآخرين و الكذب خوف من الحقيقية والغدر خوف من المواجهة و الديكتاتورية خوف من مكابدة الحياة بدون سلطة و الانقياد الأعمى للتقاليد و العادات و البشر و الطغاة و الأفكار خوف من تحمل مسؤولية التفكير و اتخاذ القرار.
تأكدت ان الجبن رأس الخسائس و اساس كل رذيلة و سبب انحطاط الشعوب و الأمم.
هذا الاكتشاف مكنني من استيعاب أمر اشد عمقا .
الفهم لغاية التوحيد في الاسلام واستيعاب الآية التي طالما شغلت نفسي {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء }
الاشراك احيانا يكون مجرد فكرة ، فكيف تكون عقوبة الفكرة اشد هولا من أشنع الأفعال من قتل النفس البريئة؟.
ما توصلت اليه ان التوحيد هو الوصفة الأكثر نجاعة للقضاء على اس المصائب الاخلاقية ..... الجبن و الخوف.
المؤمن على ثقة ان الضر و النفع بيد الله وحده.
هذا هو السبب في مواجهة الحفاة العراة اقوى امبراطوريات العالم والسر في روح عصر الاسلام الذهبي و الندية التي امتلكها المسلمون الأوائل في مواجهة حكامهم.
لم يكن الصحابة يتهيبون محاسبة شخصيات بوزن عمر و ابي بكر .... لم يتردد سلمان الفارسي في مسائلة الفاروق عن مصدر الثوب الذي يرتديه لأنه على ثقة انه بشر و انه لا نافع و لا ضار الا الله.
لم يتردد عمر في تبيان الحقيقة و الدفاع عن نفسه لأنه مؤمن بأنه مجرد انسان مهما علت مكانته و ان القدسية لله الواحد الجبار.
فقدان التوحيد هو التفسير للانحطاط المذهل الذي وصلنا اليه اليوم بعد أن تمكن الجبن من قلوب مجتمعات بأكملها.
كان عمر بن الخطاب يحاسب على كلمة و موقف و درهم من أموال المسلمين و الآن ترى التردد و الخوف من مواجهة رجل دين تتجمع فيه كل صفات النفاق.
العوام يخافون من القدسية الزائفة التي يحاول هؤلاء اضفائها على انفسهم لإرعاب الناس و يعفون عقولهم من التفكير في التناقض الواضح بين قيم الاسلام و تصرفات هؤلاء لأنهم يخافون تحمل مسؤولية التفكير ليصبحوا مجرد اغنام تساق بدون وعي و لا بصيرة.
اما الحاكم الظالم فتضفى عليه صفات الربوبية بشكل واضح وجلي...
يطلبون منك السكوت عن موبقاته لتطعم أطفالك، أن تتجنب مواجهته لتسلم من شروره ...
ترى ماذا تركوا لرب العالمين ؟ ماذا تركوا للرازق و الحافظ؟
لا اله الا الله لا نعبد الا اياه .