لاشك أن مبادرة نداء الرابع من دجمبر الوليدة والموجه بحسب القائمين عليها إلى المعارضة حصرا بمحتوى عام يخاطب مختلف أطيافها قد ملكت من مقومات النجاح ومن الروعة ما يكفي لجعلها أنسب المحاولات السياسية قبولا واستجابة للمساهمة في حل معضلة غدت بدورها
ألأكثر إرباك لمشهد سياسي شاركت كل التشكيلات المعني به في خلق مختلف عناصر تعقيداتها عبر مواقفها الفضفاضة حينا والحر بائية أحيانا والفوضوية أخرى، حتى غدا أهم متطلبات تجاوزها موضوعيا أن تأتي المحاولة من جهات حيادية، ليس لها يد في ما تقدم، ولا هي محسوبة على أي من الأطراف المستهدفة ألأمر الذي قد يؤهلها لأن تحظي بقبول يجعلها على أقل تقدير محرجة لا يوجد سبب وجيه أو مستساغ يمنع من التفاعل ألإيجابي معها وبالتالي يُسمح للقائمين عليها بالدخول على خط الوساطة بين ألإخوة الأعداء أو الحلفاء المفترضين لعل وعسى أن تنجح في دفع سفينة المعارضة إلى بر أمان يبدو بعيدا وبحاجة إلى إبداعات وخيارات تكون بالضرورة توافقية حيادية ترغم الجميع على أن يرسوا على شاطئها.
في المقابل ومع الرغم من كل ما تقدم فالمبادرة تبدو وكأنها حملت لحظة الميلاد مكونات القضاء عليها ممثلة في أهم مقومات نجاحها ألا وهو الحياد فرغم أهميته التي أشرت إليها والتي يُفترض أن تجعل منها محاولة ذا فاعلية استثنائية تحرك مياه تبدو للمتابع وكأنها وجدت لتظل راكدة فإنها ولسبب أغرب ستكون دافعا أكثر من قوي يدفع (السياسيين) إلى إجهاضها فأي منهم و ببساطة لم يعتد، ولا يريد أن يعتاد على رؤية أي نجاح لأي جهة مهما كانت، و أيًا يكن جمال وروعة طرحها، ولا حتى عظمُ أو جَلال مهمتها، ما لم يضمن أن يسجل نجاحها، كله لا جزء منه لهذه الجهة أو تلك التي ينتمي إليها بداية بالقبيلة مرورا بالجهة غير بعيد عن الإيديلوجية أو التنظيم الحركي أو الحزبي و من ألأكيد انه بمقدار ما تتسع هذه الإنتمآت يضيق هامش احتمال التحرر منها مجتمعة أو منفردة . فكم من فكرة ورغبة صادقة في العطاء المجاني لأجل إعلاء شأن هذا الوطن الذي يستحقها بحق قُتلت في مهدها لأنها وبشكل عفوي حالم حاولت أن تنبت في بيئة طاردة أي هاهنا حيث يرى الجميع إلا قليلا أن أول متطلبات المساهمة في إنجاح أو حتى محاولة ترجيح كفة أي تصور أو مشروع ذا طابع تنموي أو سياسي ظرفي أو إستراتيجي يستوجب بالضرورة أن يكون التأييد حصرا لمن نتفق معه بنسبة 100% في الفكرة أو ألانتماء حتى بات من المسلم به أن يكون الهم الأول لأي إعلامي أو سياسي إزاء أي مستجد مجاله الشأن العام أن يقوم وجوبا بتصنيف أصحابه من النشطاء والفاعلين بحسب المسافة بينه و إياهم تنظيميا وليس بحسب ما يجمعنا فكريا بينما الأخيرة أولى نعم هي أولى و بالمنطق المجرد حيث يمكن وبشكل بديهي أن يتفق معك أحدهم في الانتماء إلى الوطن أو حتى في الفكرة دون أن يرتبط معك داخل نفس ألإطار الذي نستظل به طوعا أو كرها و ترى فيه مخطئا أو مصيبا الوسيلة ألأنسب لتحقيق نفس الهدف الذي لا يعني بالضرورة عدم التواجد داخل إطارك رفضه ولا حتى أي موقف ذا علاقة به,
في الختام نشير من باب التذكير وتقرير الواقع أن المثقف والفاعل المستقل وغير المنضوي تحت أي لواء تنظيمي يتصرف في كثير من الأحيان بقصد أو بدون على هذه الشاكلة ، حيث تجده وبشكل عفوي أسمح لنفسي بوصفه بالساذج يفضل التفاعل مع من يتماها ويتفق بشكل مطلق مع أفكاره وهو ما يساهم في ألإبقاء على ثقافة ستظل دائما بالمرصاد لأي مبادرة مهما كانت روعتها حتى ولو كانت لحاجة نبيلة كالتي أرادتها مبادرة الرابع من دجمبر.
إبراهيم مختار ولد عبد الله
مراقب وناشط مدني