السياسة هي فن المستحيل وصاحبها غالبا مايكون يسعى الى سراب اوهام في مخليته لذا فإنه يتفنن كل وسائل التحايل والتلاعب لتجسيد ذلك الخيال على ارض الواقع وهنا ، تنبلج له اشكالية " الضمير والإنسان " والسياسة في موريتانيا هي اكثر ماتكون حرفة
من كونها فن او هواية فغالبية المجتمع تحترف السياسة وإن اختلفت طرقها ولعل هذا ماجعل غالبيتهم تعشق التملق والتصفيق والخفت في الأذن، وللحديث عن السياسة في موريتانيا
قد يتبادر الى ذهنك عزيزي القارئ للوهلة الأولى مدى دلالة هذا العنوان وارتباطه الشديد بمجتمعنا السياسي فالسياسة عند الشناقطة الجدد هي هواية الجميع لا سبق فيها لأحد فالكل في وازرتها على حد سواء. ومع ان طبيعة السياسة القاتمة القائمة على فن التحايل تتنافى وتقاليد المجتمع النبيلة إلا انها قد تغلغلت وتجذرت بفعل ممارسات جهوية وقبلية لا تحصى عبر حقب جاحفة في عمق الوسط إلاجتماعي حتى بات مسلم بها في ابسط الأمور. اليوم موريتانيا لايتجاوز مجمل قاطنتها الاربعة ملايين نسمة وتناهز نسبة الفقر والأمية بها حدود50% هذا بالرغم من وجود ما يربو او يقارب 70 حزبا سياسيا كان من المفترض ان يشكلوا ظاهرة صحية على المجتمع كون التعددية الحزبية وتعدد الآراء واختلافها تعتبر وعاء لديقراطية هذا إذا ما استثنينا موريتانيا من دول العالم الثالث.
هكذا يبدو ويبدو ان الواقع هنا اكثر تعقيد حيث بدت تجليات السياسة تنعكس نحو الاسوأ لعدة اسباب اهما ان جل هذه الاحزاب إلا من رحم ربك لاتسعى سوى من اجل مصالحتها الشخصية لاغير غير مبالية بمصلحة الوطن والمواطن بل تجعل من ذلك وسيلة وغطاء للحصول على مبتغياتها واهدافها ولعل هذا ما اضفى عليها صفة التحايل والتلاعب وبالتالي باتت نزاهتها ومصدقيتها عند الشعب محل شك وهو آخر ماترمى به لأنها وكما يقول المثل (فاقد الشيئ لايعطيه). ولقد د أب المواطن منذ عقود التفرج على صراع الحكومة والمعارضة المزيف المتكرر الذي هو اشبه مايكون بصراع (توم وجيري ) المزدرى، اليوم كان من المتوفع والمفترض في ظل التحولات ان يكسب المعركة جيري المعارضة نظرا لدخول الكرة ملعبه الصغير اوالكبير (الثورات والربيع العربي), ولكن فطنة توم الحكومة ويقظتها استبقت الاحداث فاستشعرت بالمخططات الماكرة التي تحدق بها فلجئت الى استخدام اسلوب التعامي والتخويف مماجعلها تمضي قدما في عمليتي التقييد والاحصاء الانتخابي وإنشاء لجنة غير مستقلة كانت السبب في تعقيد كل المجريات السياسية كل هذا بهدف جر الكورة المسحوبة نسبيا الى ملعبها ،وحتى تتمكن من بسط سيطرتها التشريعية والبلدية واملا في فرض السيطرة التنفيذية العام القادم عبر انتخابات الرئاسة هنا يحق لنا ان نتساءل مامصير شعب شاءت الأقدار ان يكون مجرد كرة بين منافسين آخر همهم الوطن؟
يقول قارئ للحال ،وهل يعقل ان تظل الازمة السياسية في موريتانيا عالقة دون حل؟ يصيح مراقب آخر، اين حنكتكم وفطنتكم وحلمكم ابناء شنقيط؟ ام انه انه حين يتعلق الامر بالمصالح "صالح لاتصالح" هنا كان حرى بمنسقية المعارضة وشبابها الصامدين ان يتواجدو في الميدان ليس بالضرورة ان يصالحوا ولكن لا ان يقطاعوا فهذه فرصتهم حتى يثبتوا ويحققوا ماعجز عنه الاسلاف الذين دأبوا على,تطبيق سياسات الضحك على الذقون ، فالتغيير هو خياركم وخيار موريتانيا للخلاص .