اجتماع "الأحبــاب" السنّوي في نواكشوط..مالم تلتقطْـه الكاميرا / الطالب النّافع أفاه

في "سارية" قصيّة من المسجد..يجلس الثلاثيني "محمد بلال القادم من مدينة ازويرات أقصى الشمال الموريتاني للمشاركة_خصّيصًا_ في هذا الحدث السنوي الضخم الذي بات يستقطب كل عام الآلاف من رواد ومحبي جماعة الدعوة والتبليغ في موريتانيا..فالحدث بالنسبة لمحمد ورفاقه بمثابة محطة إيمانية تغسل القلوب من مشاغل الدنيا وتعيد بوصلتها نحو الآخرة.

"لدواع تنظيمية" يجلس محمد ضمن مجموعته في ذات "السارية"التي تجمع كل القادمين من مدينته وقد صحب كل منهم متاعه البسيط وأخذ "بطاقة" مشاركته في الاجتماع فور وصوله نواكشوط حيث ستسهّل تلك البطاقة انسيابية الدخول والخروج والحصول على كل المزايا الخاصة بالمشاركين أو "المؤتمرين" إذا صحّت العبارة وجاز لنا شيء من التحديث اليسير "لمسّميات" الجماعة وتقريب الصورة أكثر بعيون صحفيّة ..

ففي كل زاوية من زوايا المسجد النّابض بالرّوحانية والأجواء الإيمانيّة المهيبة..تجلس جماعة بجانب "ساريتها" التي تهتدي إليها من خلال رقمها المكتوب بخط عريض على السّارية..فحدثٌ كبير كهذا تشارك فيه وفود من دول عدة منها الهند وباكستان وبانكلادبش وجماعات من معظم مناطق البلاد يتطلب ضبطًا وتنظيمًا بأعلى درجات الدّقة والجودة إضافة إلى توفير "بطاقات" تساهم في مرونة التنظيم وانسيابيته ..

قد لا يختلف الأمر في هذه النقطة بالذات كثيراً عن "المؤتمرات" ذات الطابع الرسمي أو الحزبيّ والجمعوي مع_اختلاف الغرض والهدف والمنهج حتى_حيث تتطلب هذه المؤتمرات التي يشارك فيها "مناديب"من مختلف المناطق التي توجد فيها "تمثيليات" للجهة المنظمة وضيوف من دول وهيئات "صديقة" إجراءات تنظيمية غير بعيدة من الإجراءات آنفة الذكر..

بيد أن تنظيم "الأحباب" المحكم الذي يُعد نموذجًا للبساطة والانضباط ويتماشى مع روحانية الحدث يجعلك تتوقف طويلاً تقديرًا واحتراما لهذه الجماعة .

فرغم العدد الكبير من المشاركين القادمين من مختلف المناطق، يتميز الاجتماع بتنظيم مذهل غاية في الدقة والجودة ما يعكس روح الجماعة وتعاون أعضائها لتحقيق هدفها المتمثل في إحياء الدعوة إلى الله.

تشرف على تنظيم الاجتماع لجان يتم تعيينها باسم الشُّعَب جمع "شُعْبة" أي "لجنة" وكل "شعبة" تتولى جانب من جوانب الحدث للإشراف عليه فهناك مثلاً "شعبة النظافة" وهي لجنة تهتم بنظافة المكان وتتوزع على شكل فرق من المتطوعين لتنظيف الساحات والخيام بشكل دوري فيما تعكف "شعبة" أخرى على تنظيم الدخول والخروج إلى الموقع بشكل سلس، لتجنب الازدحام..

 

يحرص المنظمون على توفير جو آمن للحاضرين، مع وجود فرق تطوعية تتولى حل أي مشكلات تنشأ، مثل فقدان الأغراض أو الحاجات الطارئة..لكن العجب أنك بالكاد تسمع عن حوادث كهذه رغم الأعداد الهائلة للمجتمعين التي تزيد في الغالب عن 20 ألف شخص فضلاً عن الصورة المرسومة في أذهان كثيرين عن المنطقة التي يقع فيها "المركز "مكان الاجتماع"..

فليس سهلا أن تضبط بدقة لا متناهية كل هذه الأعداد وتحافظ على توفير هذه الأجواء "المثالية" طيلة الأيام الثلاثة للاجتماع.. لكنه الإخلاص حيثما يكون تكون المعجزات!

مشاهد أخرى "لم تلتقطها الكاميرا" ومنها مشهد صلاة الجماعة التي تُقام في أوقاتها بمشاركة الآلاف، مما يخلق مشهدًا مهيبًا يعزز الشعور بالوحدة الإيمانية والتمكين لهذا الدّين الخاتم..

وبعد الانتهاء من الصلاة عادة ما تبدأ فعاليات أخرى أبرزها "البيان" ويتضمن مواعظ وخطبا تُلقى من كبار الدعاة وتركز في الغالب على القرب من الله، وأهمية الدعوة، وإصلاح النفس هذا مع الالتزام الصارم بالوقت، حيث تبدأ الفعاليات وتنتهي بدقة وفق الجدول المحدد.

طيلة أيام الاجتماع يتم "تشكيل" وتأطير الجماعات التي "ستخرجُ" في أنحاء البلاد بعد الاجتماع حيث يتوقع أن يغادر المشاركون بروح معنوية عالية، عازمين على نقل ما تعلموه إلى مجتمعاتهم وأسرهم.

ويعتبر اجتماع نواكشوط السنوي واحدا من أبرز الاجتماعات التي تنظمها جماعة الدعوة والتبليغ بشكل سنوي في عدد من دول العالم ولعل أشهر هذه الاجتماعات وأكبرها الاجتماع الذي يطلق عليه "بيشوا اجتماع في (بنغلاديش) الذي يُقام على ضفاف نهر توراغ قرب العاصمة ويُعتبر أحد أكبر التجمعات الإسلامية في العالم بعد الحج بالإضافة إلى اجتماعات الهند وباكستان.

 

 

30. ديسمبر 2024 - 7:09

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا