إنعاشا للذاكرة، فإليكم مقارنة بين أكبر محاكمتين شهدهما حكم الرئيسين السابق والحالي، فحكم الرئيس السابق شهد العديد من المحاكمات، ولكننا سنختار منها محاكمة الشيوخ، أما الرئيس الحالي فقد شهد حكمه أكبر محاكمة في تاريخ البلد، وهي محاكمة المشمولين في ملف العشرية.
بخصوص محاكمة الشيوخ في عهد الرئيس السابق، فالتهمة لم تكن واضحة، وكان سبب المحاكمة هو تصويت الشيوخ بلا على التعديلات الدستورية، وهو تصويت فاجأ النظام حينها وأربكه وجعله يحاسب الشيوخ بقسوة على تصويتهم.
أختطف النظام الحاكم حينها الشيخ محمد غدة من أمام منزله وأمضى أياما لا أحد يعرف أين مكانه، وكانوا يحاولون في محطات المحاكمة إجباره للذهاب إلى المحكمة مكبلا بسلاسل الحديد.
وفي مطلع العام 2018 أقتيد شيخ مقاطعة بابابي ينجه ولد أحمد شلل رحمه الله وهو شيخ طاعن في السن من مقاطعته التي انتخبته إلى قصر العدل دون ذنب سوى أنه صوت بلا على تعديلات دستورية يرفضها أغلب الشعب الموريتاني.
عانى شيخ بابابي من المرض، وحاول أن يسافر إلى الخارج للعلاج، وأصدر القاضي قرارا بتسليمه جواز سفره للذهاب إلى الخارج للعلاج، ولكن الرئيس السابق السجين حاليا محمد ولد عبد العزيز أمر بأن لا يسلم الشيخ المريض جواز سفره، فنفذت النيابة العامة تلك الأوامر.
وتم اقتياد الشيخة الفنانة المعلومة منت الميداح إلى قسم التحقيق في الجرائم الاقتصادية يوم العيد وطالبت النيابة العامة بإيداعها في السجن، ولكن قاضي التحقيق رفض ذلك واكتفى بقرار يمنعها من السفر.
كان الرئيس السابق غارقا في هذا الملف ويتدخل في عمل القضاء، وفي كل التفاصيل، وكان يتهم الشيوخ في خطاباته المتكررة بأخذ الرشوة ويصفهم بالسفهاء.
أما في محاكمة العشرية فمن الملاحظ أن الرئيس الحالي نأى بنفسه عن المحاكمة، ولم يتحدث عن المشمولين فيها بسوء، كما يُلاحظ أن المحاكمة أخذت مسارا قانونيا وقضائيا غير مسبوق في تاريخ البلد، بدأ بلجنة برلمانية تضم نوابا من الموالاة والمعارضة، ثم بعد ذلك أحيل الملف إلى التحقيق من قبل أن يصل إلى المحكمة في مسار طويل جدا، امتد لسنوات، وكان يتم فيه إشعار الرئيس السابق في كل المحطات بالمواعيد، ويستدعى إلى المحكمة دون أي إساءة أو إهانة.
ولما تفاقمت حالته الصحية سُمح له بالذهاب إلى الخارج، والآن تم تشكيل فريق طبي ليحدد وضعيته الصحية، وليعرف ما إن كان يحتاج للعلاج في الخارج أم لا.
هناك فرق كبير بين المحاكمات في عهد الرئيس السابق والرئيس الحالي، ولكننا شعب ضعيف الذاكرة، وبدأ البعض منا ينسى ما كان يحدث من إهانة للقضاء وإساءة للخصوم السياسيين في العهد السابق.