مقدمة:
إن ولاية الحوض الشرقي، باعتبارها من أكبر ولايات موريتانيا مساحة وسكانًا، تواجه تحديات تنموية متعددة تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة. يعتبر التخطيط التنموي التشاركي من أبرز الأدوات لتحقيق التنمية المستدامة في هذه المنطقة، حيث يعتمد على إشراك جميع الفاعلين المحليين لضمان التوزيع العادل للموارد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
تهدف هذه الدراسة إلى وضع لبنة والإدلاء بدلو في إطار الجهود البطولة و الاهتمام الحالي في تحديد أولويات التنمية بولاية الحوض الشرقي دون الدخول في التفاصيل المتعلقة بالمقاطعات، وذلك مسايرة وتزامنا مع بعثات الحكومة الراهنة التي تسعى لتحديد أولويات التنمية التشاركية التي تجسد مطالب السكان وتحقق أهداف برنامج “طموحي للوطن” لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يضع تحسين ظروف حياة المواطن الموريتاني في صميم اهتماماته.
إن تحرك حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي وجهوده الملحوظه لتسريع وتيرة المشاريع التنموية وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، كل ذلك يتطلب من النخبة والساسة التشجيع والمشاركة الفعالة حتى نصل به ومعه إلى ترجمة الطموحات والآمال إلى أفعال ملموسة، طبقاً لتوجيهات فخامة الرئيس.
ونؤكد في هذا السياق أنه يجب تسريع العمل في المشاريع التي انطلقت سابقًا وتم الإعلان عنها مثل طريق آمرج عدل بقرو ومشروع مياه ولاته ومشروع الألبان في النعمة وشركة المنتوجات الحيوانية..
أولاً: مفهوم التخطيط التنموي التشاركي
1. تعريف التخطيط التنموي التشاركي:
• عملية تخطيط تُشرك جميع الجهات المعنية، بما في ذلك السكان المحليين، الهيئات الحكومية، منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، في تحديد الأولويات ووضع السياسات التنموية.
2. أهداف التخطيط التنموي التشاركي:
• ضمان مشاركة السكان المحليين في اتخاذ القرارات.
• تعزيز الشفافية والمساءلة في تنفيذ المشاريع.
• تحقيق تنمية مستدامة وشاملة تلبي احتياجات السكان.
3. أهمية التخطيط التشاركي في السياق الموريتاني:
• تقليص الفجوات التنموية بين الولايات.
• الاستفادة من المعرفة المحلية للسكان في صياغة الحلول.
• بناء الثقة بين السكان والجهات الحكومية.
ثانيًا: خصائص الولاية والتحديات التنموية
1. الخصائص الجغرافية والديموغرافية:
• الموقع: تقع في شرق موريتانيا وتشترك في الحدود مع جمهورية مالي.
• السكان: الولاية ذات طابع ريفي، مع غالبية السكان يعملون في الزراعة والرعي.
• المناخ: مناخ شبه جاف يؤثر على الأنشطة الزراعية والرعوية.
2. التحديات التنموية:
• البنية التحتية: ضعف الطرق وشبكات المياه والكهرباء.
• الفقر: ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين السكان.
• التعليم: نقص المدارس والمعلمين خاصة في المناطق الريفية.
• الصحة: محدودية المرافق الصحية وضعف الخدمات المقدمة.
• البيئة: التصحر وضعف الموارد المائية.
ثالثًا: التخطيط التنموي التشاركي
1. مقومات التخطيط التشاركي في الحوض الشرقي:
• الموارد الطبيعية: الأراضي الصالحة للزراعة والمراعي.
• المجتمع المحلي: معرفة السكان المحليين ببيئتهم واحتياجاتهم.
• المنظمات المحلية: الجمعيات الأهلية والتعاونيات الزراعية.
2. آليات التخطيط التشاركي:
• التشاور المجتمعي:
• عقد اجتماعات وورش عمل تضم السكان المحليين لتحديد الأولويات التنموية.
• جمع البيانات المحلية:
• الاعتماد على الإحصائيات والمعلومات الميدانية لفهم الاحتياجات.
• إشراك الفاعلين المحليين:
• تضمين ممثلي القبائل والجمعيات المدنية والقطاع الخاص في عملية التخطيط.
• التقييم المستمر:
• مراجعة المشاريع التنموية بشكل دوري لضمان تحقيق الأهداف.
3. مجالات التخطيط التنموي التشاركي في الحوض الشرقي:
• الزراعة
• الرعي
• التعليم
• الصحة:
• البنية التحتية:.
• التنمية البيئية:
رابعًا: التحديات التي تواجه التخطيط التشاركي في الحوض الشرقي
• ضعف الموارد المالية:
• قلة الميزانيات المخصصة للتنمية المحلية.
• قلة الوعي المجتمعي:
• ضعف مشاركة بعض الفئات بسبب الجهل بأهمية التخطيط التشاركي.
• الصراعات الاجتماعية:
• تأثير الانقسامات القبلية والعرقية على اتخاذ القرارات.
• ضعف التنسيق المؤسسي:
• تداخل الأدوار بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني.
• التغيرات المناخية:
• تأثير التصحر وقلة الأمطار على الأنشطة الاقتصادية.
خامسًا: الحلول لتعزيز التخطيط التنموي التشاركي
• زيادة الوعي المجتمعي:
• تنظيم حملات توعية حول أهمية المشاركة في التخطيط التنموي.
• تعزيز التعاون بين الجهات المختلفة:
• إنشاء لجان محلية تضم ممثلين عن الحكومة، المجتمع المدني، والسكان.
• توفير الدعم المالي والفني:
• تخصيص ميزانيات إضافية للمشاريع التنموية في الولاية.
• التركيز على بناء القدرات:
• تدريب السكان المحليين على تقنيات التخطيط وإدارة المشاريع.
سادسًا: دراسات حالة ناجحة للتخطيط التشاركي في الحوض الشرقي
• مشروع المياه في القرى النائية:
• تمويل إنشاء آبار بالتعاون مع السكان المحليين.
• مشروع المدارس المجتمعية:
• بناء مدارس بمشاركة السكان من خلال تقديم المواد أو العمل.
• مشروع تحسين الزراعة:
• توزيع بذور محسنة وتقديم دورات تدريبية للمزارعين بالتنسيق مع المنظمات المحلية.
يمثل التخطيط التنموي التشاركي أداة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة في ولاية الحوض الشرقي. إن تجاوز التحديات يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المحلي والجهات المانحة لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة السكان. من خلال تنفيذ مشاريع تشاركية تراعي احتياجات السكان المحليين، يمكن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تُسهم في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
إن ولاية الحوض الشرقي، بموقعها الاستراتيجي ومواردها الطبيعية، تواجه تحديات تنموية كبيرة تتطلب وضع أولويات واضحة لضمان تحقيق تنمية مستدامة وشاملة. يعتمد التخطيط التشاركي في المنطقة على تحديد الاحتياجات الأساسية للسكان وإشراكهم في صياغة السياسات وتنفيذ المشاريع. فيما يلي مقترح حول أبرز الأولويات:
1. تعزيز البنية التحتية الأساسية
أ. الطرق والنقل:
• تحسين شبكات الطرق بين القرى والمدن لضمان سهولة التنقل والوصول إلى الأسواق والخدمات.
• إنشاء طرق تربط الحوض الشرقي بالمناطق الأخرى لتحفيز التنمية الاقتصادية.
ب. المياه والكهرباء:
• تطوير شبكات المياه لتلبية احتياجات السكان، خاصة في المناطق الريفية النائية.
• التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة (مثل الطاقة الشمسية) لتوفير الكهرباء للقرى.
2. دعم القطاع الزراعي والرعوي
أ. تحسين الإنتاج الزراعي:
• توفير بذور محسنة ومعدات زراعية حديثة.
• تدريب المزارعين على تقنيات الزراعة المستدامة.
ب. دعم الثروة الحيوانية:
• إنشاء مراكز صحية بيطرية لتقديم الرعاية الصحية للحيوانات.
• بناء آبار وسدود صغيرة لتوفير المياه للماشية.
ج. مكافحة التصحر:
• تنفيذ مشاريع التشجير ومكافحة التعرية.
• تعزيز إدارة الموارد الطبيعية لتحسين التوازن البيئي.
3. تحسين جودة التعليم
أ. بناء المدارس:
• إنشاء مدارس ابتدائية وإعدادية في القرى النائية.
• تطوير المرافق التعليمية في المدن الكبرى بالولاية ( إنشاء مدرسة عليا للفلاحة والبيطرة).
ب. تدريب المعلمين:
• تقديم برامج تدريب للمعلمين لتحسين جودة التعليم.
• توفير حوافز لتشجيع المعلمين على العمل في المناطق الريفية.
• إنشاء حضانات ومراكز للخدمات في الثانويات
ج. محو الأمية:
• إطلاق حملات محو الأمية للكبار، خاصة للنساء.
4. تعزيز القطاع الصحي
أ. إنشاء مراكز صحية:
• بناء مراكز صحية في المناطق النائية وتجهيزها بالمعدات الطبية.
ب. توفير الأدوية والكوادر الطبية:
• تحسين الوصول إلى الأدوية الأساسية.
• جذب أطباء وممرضين للعمل في الولاية.
ج. التوعية الصحية:
• تنظيم حملات توعية حول الوقاية من الأمراض مثل الملاريا وسوء التغذية.
5. تحسين الأوضاع الاقتصادية
أ. دعم المشاريع الصغيرة:
• تقديم قروض صغيرة وتشجيع النساء والشباب على بدء مشاريعهم الخاصة.
• توفير برامج تدريب على ريادة الأعمال.
ب. تعزيز الأسواق المحلية:
• إنشاء أسواق دائمة أو متنقلة لدعم التجارة المحلية.
• تحسين البنية التحتية للأسواق مثل التخزين والنقل.
6. تعزيز المشاركة المجتمعية
أ. إشراك السكان في صنع القرار:
• تنظيم ورش عمل واستبيانات لتحديد احتياجات السكان وأولوياتهم.
• إنشاء لجان محلية للتنمية تضم ممثلين عن جميع فئات المجتمع.
ب. تعزيز دور المرأة والشباب:
• دعم مشاركة المرأة في التخطيط والتنفيذ.
• تقديم برامج تدريبية للشباب لتطوير مهاراتهم والمساهمة في التنمية.
7. تعزيز البيئة والتنمية المستدامة
أ. إدارة الموارد المائية:
• إنشاء سدود وآبار صغيرة لتخزين المياه خلال فترات الجفاف.
• تطوير تقنيات الري الحديثة.
ب. حماية البيئة:
• تشجيع الزراعة المستدامة وإعادة التشجير لمكافحة التصحر.
• تعزيز استخدام الطاقة النظيفة للحد من التلوث.
8. تحسين الحكامة والتنظيم المحلي
أ. تعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة:
• توحيد الجهود بين الحكومة المحلية، منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص.
• إنشاء آليات تنسيق فعالة لتنفيذ المشاريع.
ب. تحسين الشفافية والمساءلة:
• مراقبة تنفيذ المشاريع لضمان استخدامها الأمثل للموارد.
• تعزيز ثقة السكان في المؤسسات من خلال إشراكهم في المتابعة والتقييم.
9. تطوير السياحة والتنمية الثقافية
أ. استغلال التراث الثقافي:
• تعزيز السياحة الثقافية والبيئية من خلال الترويج للتراث المحلي.
• بناء مرافق سياحية صغيرة تدعم المجتمعات المحلية.
ب. دعم الأنشطة الثقافية:
• تنظيم مهرجانات ومعارض لتعزيز الهوية الثقافية.
• إنشاء مراكز ثقافية لتعليم الحرف التقليدية.
10. مواجهة التحديات المناخية والجفاف
أ. استراتيجيات للتكيف مع المناخ:
• آنشاء حطط استعجالية للتعامل مع الجفاف والأحوال الطارئة.
• تحسين إدارة الموارد الطبيعية لتخفيف آثار التغير المناخي.
ب. دعم المجتمعات المتضررة:
• توفير مساعدات طارئة للمجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية.
• تطوير خطط طويلة الأمد لتعزيز المرونة المناخية
• .
خاتمة:
إن التخطيط التنموي التشاركي في ولاية الحوض الشرقي هو المفتاح لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. من خلال تحديد الأولويات وإشراك جميع الفئات، يمكن التغلب على التحديات وضمان تحسين جودة الحياة للسكان. التركيز على التعليم، الصحة، الزراعة، والبنية التحتية يمثل الركائز الأساسية لتحقيق هذا الهدف.