فخامة الرئيس نظامك في خطر / محمد ولد سيدي عبد الله

altتعمد استراتجيات الساسة والمنظرين إلى تجريب بعض الأقطاب السياسية المناهضين لجعلها أمام المحك في عالم معقد يحمل فيه الناخبون كثيرا من الأماني يعسر تحقيقها سيما في بلد فقير ومحكوم بأيادي خفية ليست بالضرورة من أملت انتخاب هؤلاء وهي الإستراتيجية التي دبرت

 مؤخرا ضد الحركات الإسلامية في العديد من البلدان العربية بتبني من جهات خارجية وأثبتت نجاعتها إذ أن جل هذه الشعوب التي توسمت في هؤلاء الخير وتعاطفت معهم توقا إلى غد أفضل ما فتئت أن ولت أعقابها منذرة ومتشائمة من حكم الجماعات الإسلامية الذي لم يحمل معه تلك الأحلام والأماني وذلك العالم الفاضل الذي تاقوا إليه وطالعوه في برامج هذه الجماعات وتوسموه في نهجهم وطلعتهم .

وهو البعد الذي كنت أتوقع بأن يطيح بمنتخبي هذه المجموعات في العديد من الدوائر التي سبق وأن تولوا فيها زمام الأمور بل إني كنت أذهب إلى أبعد من ذلك فقد اعتقدت في كثير من الأحيان أن السبيل إلى الخلاص من هذه الجماعات هو تجريبها في الرئاسة لتكون حقيقة أمام محك حقيقي قد يودي بها نهائيا

ولقد كانت هذه الانتخابات الأخيرة رغم تحفظي على عدم انسيابيتها وعدم الدقة في سيرها خصوصا في الشوط الأول مؤشرا حقيقيا إلى قراءات أخرى تجعل من إسلاميي موريتانيا شيئا آخر قد يكون أكثر قوة وجاهزية للتعاطي مع التحدي الذي يواجهوه في مأمورياتهم الانتخابية إن أسباب هذه القوة الخفية والعوامل التي ساعدت في تهيئها مبحث ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد لنستأنس بمقومات القبول التي يحظى بها هؤلاء .

إن خسارة حزب التجمع للإصلاح والتنمية لبلدية الطينطان دليل على البعد الأول الذي كنت أقرأ به الأمور إذ اتضح أن السكان هنالك لم يعودوا راغبين في ذلك العمدة الذي غرقت البلدية في فترته فأصبح أمام تحدي حقيقي في توزيع المساعدات وتقسيم القطع الأرضية ...

ورغم ذلك استطاع الحزب الاحتفاظ بنائبين عن المقاطعة رغم تدخل أهل السلطة والمال من قيادي وجنرالات الحزب الحاكم وهي نفس الحالة التي تم بها استرجاع بلدية كرو ولكن هذه المرة مع نائبين عن المقاطعة رغم نفس الضغوط والمؤثرات وكذا الحال بالنسبة لبلدية واد الناقة ونائبين عن مقاطعتها في البرلمان كما أحتفظ الحزب ببلدية عرفات ودار النعيم بولاية نواكشوط وبلى بلاء حسنا في مقاطعات جديدة في نواكشوط تفرغ زينة –تيارت-لكصر ويتضح من خلال نتائجه في اللوائح الوطنية حضوره اللافت في الخريطة الوطنية ما عدى المناطق الشمالية

صحيح أن الضعف التنظيمي للحزب الحاكم واعتماد الكثير من وزراءه على الأشكال دون المضامين ونهج معظمهم للكذب والتلفيق والأماني المضللة حتى على رئيس الجمهورية الذي أومأ إلي أحدهم أن أحد وزراء السيادة بحكومته الذي يفترض أن يكون ملما بالشأن الداخلي يوافيه ببعض المعلومات المغلوطة عن سير الحملة والانتخابات في بعض المقاطعات التي يفترض أن يكون الوزير مهتما بها .

حقيقة هذه أهم المؤشرات على ضعف الأنظمة قطب يحافظ على مقاعده ويسعى إلى تلميع صورته ويستأنس بالتجارب الناجحة ويواكب منتخبيه طيلة مأمورياتهم الانتخابية في تسيير أعمالهم وكبريات ملفاتهم وقطب آخر يعمد الكذب والتضليل يرخي العنان لمنتخبيه في مأمورياتهم يسرحون ويمرحون وهو ما يجعل قرينة تولي الإسلاميين زمام الأمر في موريتانيا أمر منشود في ظل حكومة معظم أفرادها بلا شعبية يخادعون الرئيس، وحزب حاكم قادته منغمسون بالشهوات واستراتيجيات مخلة مبنية على تحقيق مآرب مادية من خلال صفقات مشبوهة تغني الفقير وتفقر الغني وسياسات عرجاء تجعل من الجاهل مستشارا والزنديق شيخا والمنحرف بطلا والدال على الفاحشة الأفاك فلانا له مقامه وعلاقاته والسيئ المسيء بلسانه إنسانا يتقى ويخاف ومع ذلك نخاطب الناس بقاموس الإصلاح ومكافحة الفساد .

على الرئيس أن يستخلص الدروس من هذه الانتخابات وأن يؤشر على مواطن الخلل في منظومته الحاكمة وأن يفتح صفحة جديدة خالية من شرور الماضي وأن يسترشد بالمخلصين لمواجهة تفاقم الخطر الذي يهدد نظامه المهدد بفعل التوترات التي سببتها جهات هو من ساهم في خلقها وأن يسعى إلى أن تكون حكومته المقبلة متجانسة بينها هذا يساند هذا ويعمل معه على إنجاحه في مهامه منساقة كلها تحت أمرة الوزير الأول .

الأيام القليلة القادمة هي من سيحدد هل الرئيس فعلا على مستوى التحدي ام أن أحاجي الأفاكين ستغني من جديد ويغط في نومها الكاذب.

محمد ولد سيدي عبد الله      

[email protected]

23. ديسمبر 2013 - 17:06

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا