واجه حزب الاتحاد من اجل الجمهورية هزيمة نكراء في بلدية معدن العرفان (بولاية آدرار) أمام منافسه حزب الوئام بعد اعلان النتائج الاولية للشوط الثاني من الانتخابات، و بالرغم من كون هذه النتيجة كانت موقعة عند الاوساط المحلية فإن حزب الاتحاد ذاقها بمرارة مع ما يصاحبها من رسائل لها اكثر من دلالة بلغة السياسة.
و لكي نحلل خلفية هذا الفشل الكبير الذي لحق بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية في هذه البلدية يجب أن نقرأ الأمر في سياقه العام حيث أن مقاطعة أوجفت تضم كتلتين سياسيتين هما جماعة النائب السابق والحالي لأوجفت السيد محمد المختار ولد الزامل و الشيخ الحالي للمقاطعة السيد يحي ولد عبد القهار و الكتلة الثانية هي (مجموعة التضامن من أجل التنمية و الغيير في اوجفت) برئاسة السيد محمد لامين ولد مولاي الزين وهي مجموعة أطر ورجال أعمال، و كان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية قد أقصى مجموعة التضامن من ترشيحاته الأخيرة للبلديات و النيابيات في أوجفت بينما حظيت الجماعة الأخرى بثقة الحزب و حازت كل الترشيحات على مستوى اوجفت.
و لأن قرار حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في الترشيحات جاء في اللحظات الأخيرة قبل انتهاء آجال استقبال الملفات، و لأنه ايضا جاء بحمل بعير من الاحباط وخارج التوقعات بالنسبة للكثيرين من اهالي اوجفت، فقد فتح الباب بمصراعيه (للعصيان السياسي) و مهد لدخول أحزاب لم تكن لها جذور في المقاطعة الى حلبة الصراع.
تصرف حزب الاتحاد في اوجفت لم يكن موفقا حيث ادى الى تصدع عميق في صفوف جماهيره في المقاطعة المشهود لهم أصلا بالولاء و التماسك و الاالتزام، و ردا على تصرف الحزب اتخذت مجموعة التضامن قرارا بتجميد انشطتها في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية على مستوى مقاطعة أوجفت كتعبير عن رفضها لمرشحي الحزب إذ لا ترى في أغلبيتهم ذاتها و لا حلهما في التنمية المحلية لأوجفت.
مجريات الحملة الانتخابية على مستوى مقاطعة أوجفت شابها الكثير من التصرفات الغير مرضية قام بها ناشطون من حزب الاتحاد حيث اشتروا الذمم في ضحى النهار و استخدموا النفوذ و الضغط على المواطن بكل الوسائل و بشكل غير لائق و الغريب في الأمر أن المبالغ التي قدموا مقابل بطاقة التعريف لكل شخص كانت تنقص عن ثمن (جدي المعز) فقد اشتروا البطاقات ب 10000 للواحدة بينما يباع (جديان الماعز) باكثر من ذلك و هذه للأسف عادة سيئة و تحمل في طياتها ما تحمل من اهانة للمواطن المسكين و دهسا لكرامته و تربيته السليمة.
صحيح أن حزب الاتحاد حسم بلدية اوجفت باغلبية مريحة و يرجع الأمر الى عاملين أساسيين أولهما أن مرشحه الدكتور محمد ولد جدو مؤهل لأن يكون ساعد تنمية لأوجفت و العامل الثاني انشغال منافسه الأكبر العمدة السابق ولد أحمين أعمر في النيابيات حيث كان مرشح حزب الوئام لنائب أوجفت.
اما في بلدية المداح فإن حزب الاتحاد من اجل الجمهورية كاد أن يهزم امام منافسه الحراك الشبابي و ظل مهددا بشوط ثاني اعلنت عنه اللجنة المستقلة للانتخابات (ضمن فضائحها) و لكنها رجعت عنه بعد ذلك لتعلن عن نجاح الاتحاد بأقل من 51% و هي نسبة (مع تحفظي عليها) لم يكن الاتحاد ليحصل عليها لو لا استخدامه لأساليب الترهيب والترغيب و شراء الذمم خارجا عن اللياقة و حدود المعقول و متجاهلا أن النجاح في حد ذاته ليس هدفا و لا غاية بقدر ما يجب ان يظل المواطن هو الهدف الذي انشأت من اجله الانتخابات كما ان تجذير الممارسة الديمقراطية و حريات الفرد يجب ان تظل مصانة و محترمة.
بلدية انتيركنت هي الأخرى لم تكن لقمة صائغة لحزب الاتحاد مع انها نقطة ثقل النائب محمد المختار ولد الزامل فقد حصل هذا الحزب على سبعة مستشارين من اصل 11 و هي البلدية التي لم ينافس فيها هذا الحزب من قبل لكنه هذه المرة لم يوفق في حصد مستشار بالرغم مما انفق من امكانيات و يعود ذلك الى عدم رغبة المواطن (المرغوم) في مرشح الاتحاد صاحب تجربة مأموريتين فاشلتين حسب ما ادلى به الكثير من مواطني انتيركنت.
اما النيابيات فكان الصراع فيها شديدا بين الاتحاد و الحراك الشبابي و الوئام و التحالف و خرج الاتحاد بنتيجة 51.80% بعد أن باتت هزيمته على الأبواب حيث كان يحضر في كواليسه لشوط ثاني بينه وبين الحراك الشبابي لولا الكثير من التجاوزات التي حدثت في بعض مكاتب اوجفت المدينة و مكتب تونكاد.
هذا بخصوص الشوط الأول أما الشوط الثاني فكان من حظ بلدية معدن العرفان و حدها على مستوى مقاطعة اوجفت وقد شكل هذا الشوط لغزا ما زال حزب الاتحاد من اجل الجمهورية يحاول فكه و تحليل حيثياته، و أشير قبل الدخول في تفاصيل هزيمة حزب الاتحاد امام حزب الوئام أشير الى أن هذا الأخير كان الأجدر بالنجاح في الشوط الأول (لو انصفت لجنة الانتخابات) حيث تم تأخير الاعلان عن نتائج بلدية المعدن بتسعة ايام كاملة بدون أي مبرر منطقي لم يقرأ منها الا البحث عن منفذ يدخل الاتحاد الى الشوط الثاني ... لكن لجنة الانتخابات ليست موفقة فقد جنت على الاتحاد و كلفته هزيمة و فضيحة كشفت عن هزالته و ضعف نفوذه في المنطقة. لكن اخيرا طلعت تلك النتائج و بخجل شديد على النحو التالي (حزب الوئام 50.00% ـ حزب الاتحاد 36.91% ـ والبقية لحزبي الحراك و التحالف).
منطقيا وبعد حسم الاتحاد لثلاث بلديات من اصل اربعة في المقاطعة اضافة الى منصب النائب تكون الحسابات واضحة اذا كنا على منطق و اساس سياسي سليم و بالتالي يجب ان يحسم هذا الحزب البلدية المتبقية و بأغلبية مريحة ايضا لكن للأسف هذا الحزب يعتمد في اوجفت على معايير و مناهج غير مألوفة و لا تخضع للمنطق السليم في مجال حسابات السياسة و تحليلاتها.
الاتحاد ألقى بوزنه كاملا على كافة الحيز الترابي لبلدية المعدن و لم يدخر جهدا معنويا و لا ماديا الا و بذله صاعين فقد تمركز النائب محمد المختار ولد الزامل و الشيخ يحي ولد عبد القهار في قرى البلدية من شرقها الى غربها و شمالها الى اقصى جنوبها و ابدعا في خطاباتهم المشبوعة بألأبهات و استملاك السلطة و الترهيب والترغيب الى غير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره .... فهل أن الاتحاد انشغل في افراح الشوط الأول و لم يهمه الشوط الثاني؟ أم أن الأمر يعود الى أن الأهمية التي منحت للشوط الأول كانت لحصد منصب النائب (بيت القصيد)؟ أو أن القضية تتعلق بأشياء اخرى اكثر تعقيدا؟
النجاح الباهظ الذي حققه حزب الوئام في الشوط الثاني في بلدية المعدن إذ حصد حسب النتائج الأولية 10 مستشارين من اصل 17 يفسره البعض بعدة أمور من أهمها:
الدعم الغير مباشر الذي قدمته مجموعة التضامن من أجل التنمية و التغيير في أوجفت لمرشح الوئام في المعدن: مع أن هذه المجموعة جمدت انشطتها في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية في اوجفت و دعمت بشكل مباشر لوائح الحراك في البلديات و النيابيات في اوجفت فإن جماهير هذه المبادرة دعموا مرشح الوئام في المعدن و مع أن المجموعة بحجمها الرسمي ممثلة برئيسها السيد محمد لامين ولد مولاي الزين انشغلت في دعم حزب الاتحاد على مستوى انواكشوط و حققت نتائج معتبرة هناك، فإن بعض فاعليها كان لهم الفضل الكبير في تحقيق الانتصار الباهظ الذي حققه مرشح الوئام المهندس الشيخاني ولد سيدينا في المعدن رغم انف حزب الاتحاد و جهوده المكثفة.
يفسر البعض هزيمة الاتحاد في المعدن بكون مرشحه لا يمثل خيارا للشعب في البلدية و خاصة في محيطه الضيق (واد أمحيرث) و هو اهم مخزون انتخابي في البلدية، مقابل العمدة السابق للمعدن عمو ولد الدهاه المحرك الأساسي لناخبي امحيرث و مرشح حزب الحراك لنيابيات اوجفت و الذي حل في المرتبة الثانية بعد حزب الاتحاد، و هذا السيد عضو مجموعة التضامن و صاحب سمعة جيدة في البلدية بشكل عام ومن الداعمين لمرشح الوئام، ويقول المعتدون بهذا الرأي أن مرشح الاتحاد ليست له مؤهلات علمية ولا تجربة مقارنة بمرشح الوئام المهندس الزراعي، و صاحب الخبرة الزراعية الكبيرة و التجربة الادارية المعروفة.
يرجع الكثيرون هزيمة الاتحاد ف المعدن الى كشف ممارساته في حشد الناخبين في الشوط الأول حيث عمل مناصري الوئام الى الحذر منها و فضحا امام المواطنين و هكذا لم يعد سلاح الاتحاد من اجل الجمهورية نافعا في الشوط الثاني بقدر ما خدع الناس في الشوط الأول. مرحلة هامة من الانتخابات حسمت مع هذا الشوط و هي البلديات و النائب لتبقى انظار ساكني اوجفت مشدودة صوب منصب شيخ المقاطعة، نظرة محفوفة بالكثير من التعقيد ذلك أن منصب الشيخ يحسم بالمستشارين البلديين و مع أن كتلة النائب والشيخ الحالي للمقاطعة يحصلون على فارق طفيف جدا في المستشارين (ثلاثة مستشارين فقط) فإنهم باتوا مهددين بخسارتهم للمنصب الذي أقيمت الدنيا و أقعدت من اجله.
عبدي ولد البشير ولد امحيحم
قانوني و خبير في قضايا التنمية
46907260