من عرق عمال تازيازت إلى جدار القصر! / الشيخ ولد مزيد

altتحية طيبة فخامة الرئيس ..

سيدي الرئيس: يشقيني ان أكتب إليكَ في مثل هذه الظروف وأتمنى أن تعذر لغتي الركيكة فلم أعمر طويلاً في المدارس بسبب الفقر ونكد الحياة .

شاء الله سيدي أن أولد على هذه الأرض كما ولد أبي وأبوه وجده وأن أفترش أرضها وألتحف سمائها وأن أتعلق بحبات رملها وأعشق عجاجها ووجوه فقرائها التعيسة والشاحبة .

سيدي الرئيس والدي الكادح سال دمه في في احداث ازويرات الموجعة ومات كمداً لان الطغاة اغتصبوا أرضه وأكلوا رزقه ونهبوا باطن أرضه، مات أبي حسرة ومات كمدا ومات قهرا لكنهم قالوا لحظة الدفن أن الأرض للفقراء وأن الطغاة لزوال وأن التأميم أعاد الحقوق لأصحاب الأرض وأعاد لدم أبي الحياة ولدموع أمي زهو الكبرياء.

خرجت أنا من هذه الحالة مقتنعاً وفرحت وتجرعت ما سبقها من هزيمة وإنكسار واحتسبت أبي ورفاقه عند الله قرابيناً للنصر وقرابيناً لتاميم وقرابيناً الكرامة وهل من شرف أسمى من أن تعلق صورة والدكَ في صدر بيتك وتقول في وجه الزمن أبي مات من أجل الأرض والوطن.

سيدي الرئيس شاء الله أن تمر عقود وأن ألتحق وانا أبن العامل الشهيد بشركة تنقيب ..لا أخفيك سيدي الرئيس إن الانتقام إرث عربي وقد دخلت بحثا عن لقمة العيش وبحثا عن قتلة أبي ، إني أراهم يا سيدي في كل مكان تحت كل منجم وفي كل كت مكيف وأراهم في ظلم كل عامل وفي عرق كل مشحون بالمعاناة.

دخلت وانا أبن الأرض وابن المكان وابن الصحراء والأشياء، دخلت أجيراً حقيراً بلا حقوق وبلا ضمان وبلا قيمة إنسانية .. لقد كان العقد ينص في بنده الأصلي ان أتخلى عن إنسانيتي وأوقع تفويضا بموجبها تسقط عني تلك الميزة التي منحني إياها الله أين حماة العقيدة والمنتصرين للتوحيد كان العقد يقتضي ان أكون انا في الشمس وقاتل أبي تحت التكييف وفي ظل ظليل أن أكون في اللامكان وفي اللازمان وهو في قلب الذهب وفي قلب الحدث وفي قلب الفعل ومحل الفعل .. كان العقد يقول بصراحة أن له خير الأرض وله خير السماء وانه على أن احمل ملعقة الذهب بالطعام لفمه وان أمسح ما يتساقط على ياقة قميصه ، وان أسخن الماء والملح وأغسل رجليه كل صباح شتوي ..كان العقد يقتضي أن يذهب أولاده للصيف في جزر الكاريبي من الاموال التي جمع من باطن أرضي ويقتضي أن يتسرب أطفالي من المدرسة لعجزي عن تأمين حياتهم ..كان العقد يقتضي أن يزور هو ضريح أباه ويضع عند رأسه وردة وأن أنسى أنا أبي وقصته حتى لا أتهم بأني أسعى للبحث عن حقوق العمال وحقوق البشر في زمن أعداء البشر ومن بين براثن الديناصوات.

سيدي الرئيس الشمس لافحةٌ والثوب البلاستيكي ساخن ورائحة السم تعمر المكان والرئة ضعيفة والقلب ضعيف والروح أضعف ..أعرف انكَ مشغول بمعركة كرو وأن حكومتكَ مشغولة بضمان إعادة التوازن وأعرف أن الإعلام مشغول بالتخوين وهم كلهم خانوا الوطن وخانوا الأرض وتخلو عن قضية الإنسان وأعرف ان أشباه النخب عندنا مشغولين بالحجر على عقل الإنسان وإتهامه وأني وحدي أصرخ في واد وأن لقائي بوالدي قد ازف فقد أشتقت لأعانق الدماء التي لازالت ساخنة تنزف من جبينه الطاهر .

سأموت سيدي وستتراكم الأرصدة لك وللناهبين ولصحافة العار ولي رجاء قبل الموت ان لا ترسلوا لأبنائي أي تعويض عني فلا أريد لهم أن يأكلوا ثمن أبيهم على الأقل أسمحوا لي ان أحتفظ بثمني لألقى به ربي يوم الحساب واطلبه منكم بين يديه .

تحياتي

27. ديسمبر 2013 - 13:29

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا