سلوك منسوب إلي حكماء الإنتخابات لا يمت للحكمة بصلة ويزرع الشك في قدرة الأشخاص "الحكماء" وعلاقتهم بالمفهوم ومدي التناقض بين أفعالهم ومقتضيات الحكمة المنسوبة إليهم؟ لقد جاءت إدارتهم للإنتخابات سيئة وعديمة المصداقية ومليئة بالأخطاء الفادحة
مما دفع النظام قبل المعارضة إلي التبرئ منهم واعتبار مسؤوليتهم عن الإنتخابات كاملة .... مرة أخري تتدخل لجنة من "الحكماء" هذه المرة من الصحافة لتقرر إخفاء الجريمة والتستر علي ملف رشوة و فساد لم توجد أصلا إلا من أجل كشفه وفضحه ونشره ...
أن يتوافق "حكماء الصحافة" علي إخفاء ملفاتها وتتسابق لنشر ملفات الآخرين هو أمر يفقدها المصداقية ،إذا كانت صحافتنا مهنية فلا معني للتراجع عن نشر لائحة يقول رياض أحمد الهادي إنها بحوزته وإلا فإن أحدا لن يقبل ماتنشره هذه الصحافة يوميا من غسيل الآخرين ووثائق مسربة للمؤيدين المعارضين (حقيقية ومفبركة ) ....
الحكمة تقتضي الوعي والمسؤولية وهي فضيلة لاتقبل بحال من الأحوال الإنحدار نحو التستر علي الرذيلة وطمس الحقيقة وإخفائها خلف شعارات مواثيق الشرف والإلتزام بالمبادئ . أي شرف وأية مبادئ تملي علي صاحبها خيانة الشعب وتضليله مقابل أموال يتلقاها من جيوب الفاسدين في أنظمة الإستبداد؟
شرف المهنة أنبل وأسمي من أن يتستر علي أفعال مشينة لأشخاص دخلاء علي مهنة نبيلة وسلطة هامة من سلط الدولة!
إن من أهم أسباب تراجع الوعي السياسي وانتشار ظواهر الأحزاب الكرتونية وصفقات بيع الضمائر وانتعاش القبلية والجهوية والفيئوية هو الفساد الذي يمخر جسم الصحافة الوطنية وظواهر البشمركة والإنتفاع داخل أطرها ومؤسساتها .
إن السلطة الرابعة في الدولة هي المسؤول الأول عن تنمية الوعي الديمقراطي وتطهير الساحة السياسية من التملق والمغالطة واالتضليل وإطلاع الرأي العام الوطني والدولي علي الحقائق الخاصة بالممارسة السياسية والإقتصادية .لكن صحافة تتستر علي فساد بعض أشخاصها ورشاهم وعمالتهم ليست جديرة بالمساهمة في نهضة المجتمع والدولة .
إن أمام الصحافة الوطنية فرصة للتمايز بين متسترين علي ملفات الفساد والتضليل وبين دعاة الحقيقة والمسؤولية والمصلحة الوطنية .
إن الدعم الحكومي المقدم للصحافة يجب أن يكون شفافا وأن يمنح وفق معايير مقبولة لا تطيح بالمصداقية والمهنية وإلا فإن هذا الدعم سيتحول إلي وسيلة لتركيع الصحافة وقمعها ومنعها من إظهار الحقيقة .
إن الحكمة -في نظري- تملي علي الجميع إنشاء صندوق مستقل لدعم الصحافة الوطنية تساهم في تمويله كل الأحزاب الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني الحريصة علي تنمية الوعي المهني لصحافة حرة وقوية وكذلك كل الأشخاص في الداخل والخارج من الوطنين المخلصين، إن هذا الصندوق من شأنه أن يضمن الإستقلالية التامة للصحافة المهنية ويدعم جهود الشرفاء والمهنيين من شبابنا الواعي والوطني. كما أن من شانه أن يدعم توجها جديدا لإنتزاع المكاسب من النظام وتصفية القطاع من كل الشوائب والقوي المتحكمة في مساره .