في المؤتمر الصحفي المشترك بينه ونتنياهو،طلع علينا ترامب بأفكار وتصريحات تكشف عن مخطط خبيث يهدف إلى تهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة، وفرض الوصاية على القطاع، لجعله منتجعا سياحيا لجني الأرباح منه، ضاربا عرض الحائط بكل ما أجمع عليه المجتمع الدولى منذ اغتصاب فلسطين واحتلالها، وقد اقرت القرارات الدولية بضرورة قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وهو الحل الذي استجابت له حركة منظمة التحرير الفلسطينية وقتها، وصار أساسا للتفاوض في كل المحافل الدولية لإنهاء الصراع في المنطقة على أساس فصل الدولتين، كان هذا هو الناظم العام للتعاطي الدولي مع الصراع، وإن كان غير مرحب به من طرف القوى العربية الثورية في الوطن العربي، وبعض الفصائل الفلسطينية كحماس والجهاد وغيرهم..فقد اعتبره بعض المفاوضين والدول العربية الحل الأمثل لإنهاء الصراع، وترامب تبناه ودولته تبنته كذلك، ورغم ذلك تعرض الشعب الفلسطيني لحرب إبادة جماعية وخاصة في قطاع غزة
وتواصل الكفاح الفلسطيني المعاصر والدفاع عن الأرض والمقدسات، ودفعت المقاومة الفلسطينية والشعب ثمنه بالأرواح والأنفس تحت القصف المتواصل أكثر من عام راح ضيحتها الآلاف من الشهداء والأطفال والشيوخ والنساء وقضت على كامل البنية التحتية وهدمت كل المؤسسات الخدمية للشعب في غزة، عجز في النهاية الكيان الصهيوني والقوى الداعمة له وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، عن دحر المقاومة وإسكات مدافعها وكسر إرادتها
ليضطر الإحتلال الصهيوني لتوقيف الحرب من طرف واحد بعد التشفع لترامب للتدخل لوقفها لكي يتلافى الكيان الصهيوني الوضع الهيستيري والانهيار النفسي والمعنوي الذي يعيشونه، بسبب قوة ضربات المجاهدين
الصامدين في خنادق العزة، وبتدخل ترامب توقف القتال بين الطرفين بانتصار تاريخي للمقاومة الباسلة
وخرج الكيان الصهيوني يترنح في قمة الانهيار
النفسي، و يأتي ترامب لجني ثمار توقيف الحرب بمشروع تهجير المنتصر من أرضه لصالح مهزوم بلا أرض اصلا! حتى يصمد لانتزاعها، فيصرح باتخاذ أرض غزة منتجعا سياحيا يدر عليه بالأرباح!؟
فاي تفكير هذا الذي يقدمه ترامب ؟
ألم يصب الرجل بالذهان؟
أم ضعفت قدرته العقلية، وفقد الإتصال بالواقع، ولم يعد بوسعه التمييز بين ما هو حقيقي وبين الهلاوس التي يسمعها في رأسه أو الأوهام التي يشعر بها بسبب تخدير ناتنياهو له في المؤتمر الصحفي المشترك بينهما مؤخرا؟
ألم يسقط ترامب في أوهام خطيرة، في ضلالات سياسية غير محسوبة العواقب، الصحيح أن الرجل لم تعد تصرفاته منطقية البتة ولم تعد أفكاره مرتبة كذلك، والظاهر من حاله أن لوبيا من التوراتيين الصهاينة والمتطرفين المسيحيين الذين يسعون إلى تطبيق تعاليم " تلمودية " من إدارته الجديدة صارت لهم السيطرة على عقله وتفكيره، مما جعله يفقد البوصلة المنطقية للسياسة الأمريكية، وهو توجه من شأنه التعجيل بانهيار الإمبراطورية الأمريكية، التي صار البعض يتكلم عن قرب أفول نجمها، ونعتقد ان ذلك قد يحصل من خلال ابروسترويكا صاعدة عكس ما حصل في الاتحاد السوفيتي السابق .
و ترامب بتفكيره هذا، يتجه إلى تسريع ذلك، إن هو نجح في لي ذراع المؤسسات الأمريكية
التي تسيطر على السياسة الأمريكية وعلى توجهها الاستراتيجي منذ زمين بعيد .
ونشك أن معتوها مثل ترامب يتمرد على الثوابت الدبلوماسية المعروفة لدولته لجشعه ولحاجة في نفسه أو لضعف في عقله أو لخوف من بعض بطانته الصهيونية، أن يثني تلك المؤسسات العريقة التي تسيطر منذ عقود طويلة على آمريكا، ويتأكد ذلك عندنا حين نجد إحدى الشخصيات الكبيرة الامريكية تفكر عكس ترامب، كالمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط توماس اوريك، وهو على بصيرة كبيرة بالملف، نجد هذا المسؤول توماس، يحرض
القادة العرب ويدعوهم أن يتكلموا بلغة واضحة وبعبارات دقيقة مع ترامب، وبشكل مباشر وواضح وصريح وليس بطريقة مهذية ويقولوا له " ان شعب غزة لن يذهب إلى أي مكان " .
وهناك الكثير من الشخصيات الأمريكية التي تنحو مثل توماس، ولا تقبل أي تغيير في الاستراتيجية الأمريكية الحالية في المنطقة والعالم.
ومهما يكن من شطط في تفكير ترامب، ومن احتمال إصابته بالذهان وما قد ينجر عن ذلك من تصرفات وقرارات تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط بشكل عام وتغير حال الوضع في فلسطين المحتلة ، فان الأمر بات يطرح علينا كعرب خاصة، وكمسلمين عامة مسؤولية تاريخية للتصدي، لهذا التوجه التصعيدي الخطير في المنطقة، وقد صار ذلك فرض عين علينا، ولهذا علينا ان نحسم الموقف على الفور في الأمر، من خلال خطوات عملية سريعة:
ْ_ اولها تعني الفلسطينيين بالدرجة الأولى، فعليهم تشكيل
حكومة وفاق وطني على الفور تضم كل الفصائل الفلسطينية لقطع الطريق على مخطط ترامب ونتانياهو؛
_ ثانيها، إجتماع فوري للقادة العرب يعلنون فيه بشكل موحد رفض تصريات ترامب ؛
_ ثالثها، اجتماع موسع للدول العربية والإسلامية، تصدر فيه بيانا موحدا برفض تصريحات ترامب ؛ _رابعها، تحرك عربي إسلامي، على جميع الدول الصديقة للعرب والمسلمين
- ومطالبتهم بدعم أي تحرك في الأمم المتحدة وجميع الهيئات الدولية ذات الصلة بحقوق الشعوب المحتلة، رفض أي تغيير يمس المنطقة وثوابتها المختلفة.
- وخامسها، دعوة القوي العربية وجماهيرها والقوي الإسلامية وأنصارها وأحرار العالم إلى هبة عالمية تعارض وترفض تصريحات ترامب ومخططه؛
- وسادسها، دعوة الشعب الأمريكي ومؤسساته الديمقراطية للمحافظة على خط السياسة الأمريكية الثابت منذ أمد بعيد في المنطقة والعالم، لتجنب ما لا تحمد عقباه على الشعب الأمريكي، وإبعاد الولايات المتحدة الأمريكية عن سياسة التأرجح بين التدمير والتهجير للفلسطينيين، وتفادى خطر تفكير ترامب بعد مصابه بأعراض الذهان الذي أصبحت مظاهره بادية عليه، ظهرت في تصريحاته بتهجير شعب غزة عن أرضه واتخاذها منتجعا سياحيا لجني المال..!