كفي مزايدة علي الثوابت الوطنية.. / محمد الراظي بن صدفن

لا جدال في أهمية الأركان الثلاثة التي تقوم عليها المبادى الأساسية للمواطنة وهي الإنتماء للأرض و المشاركة و المساواة في الحقوق و الواجبات.وذلك إستنادا إلي النظريات المعيارية حول المواطنة التي تحاول تحديد الحقوق والواجبات التي ينبغي أن يتمتع بها المواطنون و كذا النظريات التجريبية التي تركز علي ضرورة تمتعهم  بتلك الحقوق و إلتزامهم بتلك الواجبات.
في هذا السياق، تبرز أهمية البعد السياسي للمواطنة الذي يشير إلى الحقوق و المسؤوليات السياسية حيال النظام السياسي الذي هو مطالب بالدرجة الأولي بتعميق قيم الولاء للوطن و تجذير الوعي الجماعي بالحفاظ علي مكتسباته و صون وحدته و إستقراره.
و قد تبنت الدولة الموريتانية في ظل قيادة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فلسفة جديدة لإدارة الحكم قائمة علي تهيئة الأذهان لإستيعاب مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان و تكريس ثقافة الحوار والتشاور في مجمل القضايا الوطنية و الإيمان بالتسامح و نبذ الإقصاء و التهميش ومحاربة التطرف و العنف في جميع صوره و هي أمور جوهرية لإعادة البناء و التأسيس لدولة موريتانية عصرية قوامها العدل و الإنصاف متصالحة مع ذاتها ، تتسع لجميع أبنائها حيث يكون التمايز بينهم فقط علي أساس الإستحقاق و النزاهة و القدرة علي الإنجاز.و قد تصدرت هذه المبادىء العامة برنامج فخامة الرئيس " طموحي للوطن " الذي أختاره شعارًا لمأموريته الثانية . و يحقق هذا البرنامج اليوم نتائج طيبة حيث عملت الحكومة برئاسة الوزير الأول المختار ولد أجاي علي تسريع و تيرة إنجاز المشاريع و الوفاء بالجدول الزمني المخصص لها. و مما يزيد دهشتنا و إستغرابنا ، أنه في الوقت الذي تبذل فيه كل هذه الجهود للوفاء بتعهدات الرئيس تتعالي بعض الأصوات في بعض المنابر الإعلامية و في بعض وسائل التواصل الإجتماعي مخلفة لغطًا واسعًا حول الإستحقاقات الرئاسية لسنة 2029م و حول مرشحين محتملين في هذه الإستحقاقات لخلافة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي لم يكمل بعد العام الأول من مأموريته الثانية.
  فأي مفارقة تلك و ما المقصود منها في هذا الظرف الدقيق من تاريخ بلادنا؟.
الأكيد أن الرجل يتمتع بشعبية واسعة داخل البلاد و يحظي بدعم لافت من المؤسسة العسكرية و من أغلب النخب السياسية و الفكرية ومن المرجعيات الإجتماعية علي إمتداد التراب الوطني . و قد حقق نجاحات كبيرة في علاقاته الخارجية الإقليمية و الدولية، عززت الثقة مع الدول الشقيقة و الصديقة و دفعت بالعمل المشترك معها إلي أعلي المستويات.
اليوم ، و إنطلاقا من هذه المكتسبات التي تحققت ،يبدو الرئيس مصممًا أكثر من أي وقت مضي للمضي قدمًا وفقًا للمقتضيات الدستورية ، لإستكمال الإصلاحات التي وعد بها الشعب و التي أنتخب من أجلها.
و في نفس هذا السياق، يري المراقبون السياسيون أن أي مواقف تبني أو تصريحات تطلق خارجة عن سياق الأطر الدستورية المحددة للعقد الإجتماعي أو مناقضة لقوانين الجمهورية هي تدخل فقط في خانة المزايدات علي الثوابت الوطنية ليس إلا ، و التشويش علي مسارنا الديموقراطي التوافقي و خلط الأوراق بهدف المساس بأمننا القومي و بالإستقرار السياسي الذي تم تحقيقه في ظل هذا النظام . و هو ما يتطلب تضافر جهود الجميع لوقفة وطنية حازمة لنشر الوعي المطلوب في أوساط المجتمع للمحافظة علي إستدامة المكتسبات و صونها خدمة للمصالح العليا لشعبنا .
 

10. فبراير 2025 - 14:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا