العراب الأمريكي، نذير شؤم برؤيته العدمية، و توجهه الخاطئ..! / د. إشيب ولد اباتي

في قناة " الحل إيه" المصرية، كانت المقابلة مع العراب الأمريكي،، ولعل التقديم الباذخ الذي فتح شهيته على الكلام، والتنرجس، وإعطاء لنفسه، حقها في أن يظهر جالسا تارة، ويشارك بكلتا يديه في الكلام لإقناع المشاهد بانفعالاته، لكنها متكلفة، بدليل الأتكاء المفاجئ، والأسترخاء  على الخصر في المقعد - وكأنه ليس الذي كان يتكلم بانفعال منفلت - ليظهر بطنه المنتفخ..!

ولا يهمه أن يستحضر المشاهد العربي، ما حمل بطنه منذ ثلاثين عاما، ويحمل  من " بخشيش" تلقاء توقيعاته العديدة على القرارات الأربعة عشر(١٤) التي أصدرتها الأمم المتحدة ضد العراق في تسعينيات القرن الماضي..

حيث كان " العراب الأمريكي"، حينئذ نائبا لرئيس الأمم المتحدة - على ما قال الدكتور عبد الله الأشعث في صوتية  مازالت موجودة على" اليوتوب" عن أسباب استقالته من الخارجية المصرية - 

ولو تتبعنا المعدل التراكمي " للبخشيش " الذي كان بمثابة عامل الارتباط   بين ما يفكر فيه العراب، وبين ما في البطن المنتفخ..

فقد نحتاج لكتابة أكثر من مقال تحت عناوين  " الشواغ" المتفجرة.  ولو نسى الكثيرون في الوطن العربي، أن مسيرة العراب الأمريكي، ارتبطت بتاريخ المؤسسة الرامزة للأمة، ولو أنها ، ليست أكثر من اسم بلا مسمى  مع اغفال كونها مركزا للعاطلين عن العمل في هذه الفترة الحالكة من تاريخ أمتنا العربية..!

فلن ينسى التاريخ ، أن يكتب في صفحاته السوداء،  القرار الاجرامي في حق امتنا، حين قام هذا " العراب الامريكي "  باستدعاء حلف الأطلسي الأمبريالي لإرجاع  ليبيا إلى ما قبل الدولة الحديثة، ليبيا التي فرط  فيها كان قائد الأمة جمال عبد الناصر، أول من  تبني الأحداث  فيها بدون أي اعتبار للعواقب، باعتبار ليبيا الشعب العربي الذي يجب مؤازرته ، لا بيع  حاضره ومستقبل اجياله، وتدمير كيانه السياسي الحديث …!!

كما باع العراب الامريكي، حاضر المجتمع،  وقلاع المدائن في سورية  تلقاء السيارات الفارهة، بتجميد عضوية  سورية من جامعة" أبو الغيط "، وعلى ذكر أبو الغيط، فإن الأمة العربية تراهن على رجولته، ووعيده السابق للغزاويين بتكسير عظامهم، إن هم فكروا بالخروج الفردي من غزة إلى سيناء..!

لذلك نذكره، مستغيثين بوعيده السابق، إنما ليوجهه ل" ترامب"، هذا العلج الذي هو بلا منازع كالفونسو في اسبانيا يومئذ، كان ملك ملوك الطوائف، وقرينه اليوم  "ملك الملوك والرؤساء الأعراب".
 لذلك  فالأمة تطالب " الجدع" - بالجيم المصرية -  برفع رأسه، ووجهه عاليا، ولو مرة واحدة  في عمره، ليعيد التهديد،  لا للغوازيين الذين لا يحبون سيناء، وااهجرة إليها، بل ل " ترامب" الذي يريد أن يهجر الغزاويين، ويقهر الأمة معهم، بالتهجير القسري…!

ولا تكن يا " أبو الغيط"  أسدا على الغزاويين، وأرنبا أمام " ترامب"، والنتن إياه"..!

العرض:

           في بداية المقابلة، اعترف " العراب الأمريكي"، بأن "ما بعد طوفان الأقصى، ليس  كما قبله"، لكن لم يعرض للأحداث، والمعارك، والإبادة، والتجويع، والحصار من الجانبين العربي والصهيوني،، ولا النتائج الأولية، كهزيمة جيش العدو الصهيوني الذي كان يروج له الاعلام المتصهين على أساس أنه  لا يهزم، وقد هزم في غزة في معركة خلال سنة وخمسة أشهر، كما هزم في جنوب لبنان شر هزيمة خلال  شهر ونيف، فضلا عن هزيمته  بالصواريخ الإيرانية التي فشلت  محاولات اسقاطها من طرف الأمريكان، وحلف الأطلسي، وحتى الدور المساند من الأردن ببسالة الجيش العربي الاردني دفاعا عن الصهاينة..!!

 كما هزمت جبهات طوفان الأقصى  الحلف  العسكري  الأمريكي لبريطاني، الألماني، الإيطالي، الإسباني، الهولندي، والفرنسي،،

وقد غرقت سفن أساطيلهم  في البحر الأحمر في  باب المندب، باب الانتصار العربي اليماني  بصواريخه المجنحة، فضلا عن ضرب مدن الكيان الصهيوني:  تلابيب، وحيفا، وإيلات  بصاروخي"فلسطين"١، و"فلسطين  فضلا٢"، وبالمسيرات…!

فهذه من  نتائج طوفان الأقصى، يا عراب أمريكا الذي  لم يتطرق لواحدة منها، بل استبدلها بنتيجة لم تخطر ببال واحد من محللي الأخبار  في قناتي الدعاية الصهيونية، مثل  "كان " و "(العربية)"، العبريتين..

والسؤال الذي يطرح نفسه، هو:

 أي شيطان ماكر، خبيث،  أوحى  " للعراب الأمريكي"  بأن يربط  بطوفان الأقصى  تلك  النتيجة المطلوبة، و المركبة آليا، كما تركب حاوية العفش بالعربة…؟!

فطوفان الأقصى، يا هذا ليس عربة تقاد، لأنه القدر الآتي بالمنقذين لهذه الأمة، ولن ينجو منه، إلا من في سفينة الطوفان  المتوقفة في ذرى " الجودي" السامق القيم في التضحية، والجهاد المقدس، والدفاع عن العرض، والأوض، والمقدسات..؟!

 أما " الفصل الثاني من الشرق الأوسط الجديد"، يا عراب أمريكا، فهو الحاوية المجرورة التي تناثرت  قواها، وطفت شغاياها على أطراف اللجج  جراء طوفان الأقصى، ولكن لن يعترف بالهزيمة  عرابو " الشرق الأوسط الجديد" بدليل ما عبرت عنه   الدعوة للهرولة إلى أمريكا، ولكن لغاية من؟!

لعل الغاية الأولية، الوسيلية، هي  لإحياء نظرية " الحياة تفاوض" بعد أن عفا عليها زمن طوفان الأقصى، وغيب مشروع ' أوسلو' الذي أصيب بموت سريري منذ  تلقيحه  في انبوبة الخيانة…! 

غير أن العراب الأمريكي، يريد استئناف فصل خارج زمن طوفان الأقصى الذي اعترف له، بأن ما بعده ليس كما قبله، دون أن يفكر  وفق ذلك  بنتائجه الموضوعية المفارقة  للدعوة للتفاوض الذي يشكل محاولة " الشيطان الخبيث" لسرقة النتائج  العظيمة لطوفان الاقصى، ليتحول الانتصار إلى الاستسلام، لأمريكا..!

 ولو سئل العراب لماذا الذهاب الى أمريكا بقيادة مبعثين من مصر، والسعودية، والأردن، ونيابة عن الأمة العربية..؟!

فجوابه  الجاهز، هو لتثبيت المسبات في  النتيجة التي يراهن عليها المتصهينة العرب، أكثر من الصهاينة، وذلك رفضا لتعضيد  المقاومة..

وإلا لم طرح العراب الامريكي مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، وهو يعلم، أن الذي دشنه جورج بوش الابن بغزو كل من أفغانستان، والعراق،، ولما فشل المشروع الأمريكي الاحتلالي، فإن  اتباعه اليوم، ومن ضمنهم " العرابين"  استأنفوا التفكير في توظيف نتائج الطوفان على غرار توظيفهم، للأنتفاضات  العربية سنة 2011م، لصالح أمريكا، و الاحتلال الصهيوني، الأمر الذي استدعى  استحضار العوامل التي ذكرها العراب في قناة " الحل إيه"، وهو لا يريد الخروج عن الثوابت التي أدت إلى الاحتلالات، وتتويجها لشرق أوسط جديد.. وتلك الثوابت التي ركز عليها الشيطان الماكر، هي : 

(( 1-  كامب ديفيد التي  أقرت الحكم الذاتي للفلسطينيين في فلسطين - على رأيه - 

2 - مؤتمر بيروت 2002، الذي  شرعن " التطبيع " مع الكيان الصهيوني، وأن الخلاف مع الكيان الصهيوني بعد ذلك، صار حول الشروط  فقط - على رأيه -

3 - الإسلام المعتدل الذي قاده " أردوغان، لاحتواء الإسلام المتطرف،،

4 - الدعوة  للحوار مع قيادة تركيا في شأن تمددها خلال توظيفها لكل من تياري الإسلام المعتدل، والمتطرف معا - على رأيه - 

5- الدعوة لتبني الإسلام المعتدل في مصر، كما هو الحال في السعودية في اصلاحات محمد بن سلمان - على رأيه -

6 - الدعوة لقيادة مصر والسعودية، والأردن، للحوار مع أمريكا، والغرب ..))

وما سكت عنه " العراب" في الدعوة إلى الذهاب لأمريكا من أجل تجديد دور الحكام العرب في التبعية، وطلب طوق النجاة لهم من المتغيرات الآتية، ولهذا، هو  يطالبهم  بالذهاب على غرار ما قام به يومئذ " الملك الصغير، أو الملك الأجير" - على حد  تعبير جمال عبد الناصر -  عندما  ذهب  ذلك الملك  سنة 1960م. إلى أمريكا ليحرض على كل من الجمهورية العربية المتحدة، والجزائر، والاتحاد السوفييتي، والتنديد بسياسة الحياد الإيجابي"، ويقابلها اليوم الذهاب الى امريكا، وذلك للتنديد بالمقاومة العربية الإسلامية، وإيران، والعمل معا على تفريغ  الانتصار من مضمونه، مستحقاته، وتوجيه بوصلة التغيير لينعكس على المقاومة الفلسطينة، واللبنانية، واليمانية،، وللحفاظ على الوضع الراهن في مصر، والأردن، ومشيخات الخليج المتأمرك..! 

فماذا يمكن أن يقدم عبد الله الثاني غير اتباع سياسة شد العصا من منتصفها،، كسياسة حربائية، سيعتمدها كل المندوبين: المصري، والسعودي، وربما يكون  وزير الخارجية المصري سبق الملك عبد الله  لذلك في لقائه مع وزير خارجية ملك  ملوك ورؤساء الأعراب  ..!

لكن الذي فات على العراب، الشيطان الماكر، بخبيثه، أن " ترامب"، سيقود حكام العرب  إلى الجحيم "الدانتي"، ولا أسف في التعجيل برحيلهم المحتوم..لان دورهم قد انتهى، و" المتغطى بأمريكا عريان" ،،!!

  

    الخاتمة :

إن الدعوة التي روج لها العراب الأمريكي، كانت دعوة ماكرة، وجاحدة للحقائق الموضوعية، والمستحقات العربية في فلسطين، وتحديدا في غزة، وهي  محاولة لاختطاف نتائج طوفان الاقصى بعد توقيف  امريكا لحرب الإبادة الجماعية في غزة، والتلكؤ في تعميرها، وانتظار دور المرابين، باستئناف مشروع التفاوض لتحوير نتائج الانتصارالعظيم الذي رمى صيادوه بصناراتهم الخارخة لحلق المشروع الصهيوني، وبدأ سحبه من فلسطين، وسيظهر قريبا على شواطئ المتوسط الشمالية في شكل مستوطنات في الجزر اليونانية، و في شكل هجرة الجماعات اليهودية التي غرر بها الصهاينة  خلال قرن، ولكن سيتكيفون مع المجتمعات الغربية  بعد القضاء على المشروع الصهيوني إلى الأبد..

 والسؤال الذي يدق ناقوس الخطر لتكثيف  خبث" الشيطان الماكر"، هو: كيف استسهل  الغبي التحكم في انتصار طوفان الأقصى بأثر رجعي، بحياكة خيوط المؤامرة وتوسيع مجال المبعثين إلى أمريكا، وإرسال وفد من (حكماء السياسة) المتصهينة في زمن الهزائم، من أمثال عمرو موسى، ووزير خارجية قطر السابق، والامير تركي الفيصل  الذي أظهره الإعلام رافعا الكوفية الفلسطينية، ولأول مرة، وهو الذي كان يحضر المنتديات الفكرية في الجامعات، ومراكز البحوث الصهيونية..؟! 

وحري بنا القول، إن هؤلاء لن يجلبوا للأمة، إلا نتائج بائسة، كفرض الهزيمة على أمتنا العربية وفق المعطيات السابقة ما قبل طوفان الاقصى، كالتطبيع الخياني منذ اتفاقية: كامب ديفيد التي شرعنت الحكم الذاتي للفلسطينيين بدلا من إقامة الدولة العربية الفلسطينية، التي كانت الدعوة لها بمثابة الفجر الكاذب، في العتمة التي استولدت: أوسلو، ووادي عربة، ومبادة الأمير عبد الله في مؤتمر بيروت سنة 2002م. وفاحشة الإبراهيمية: الإماراتية، البحرانية، السوادنية، والمغربية…؟!

 إن القوى العربية السياسية، و العسكرية الوطنية، حان وقتها، لتقوم بالدور المتوقع منها، فتقلب ظهر المجن على أنظمة الذل، والمهازل، والمظالم، والتبعية المقيتة بعد أن فقدت كل مبررات وجودها  بالمحاولات الفاشلة، وانهزام الدولة القطرية، وقياداتها التي تدور في حلقات مفرغة من: المداهنات، و الهادنات، والحروب البينية، والفساد ، والعشائرية، واخيرا - وليس آخرا -  تقاسم كعكعة الحكم مع الداعشيين..!

 لذلك على القوى السياسية، و العسكرية  الوطنية، والقومية التحرك لقلب الأنظمة الكرتونية، فلا عقد اجتماعي مع حثالات الصهيونية، لان لا ثوابت عندها…و ما أسهل من اسقاطهم واحدا بعد الآخر  بالمظاهرات اليومية في كل العواصم، والمدن الكبرى، وذلك لصد هذا التوجه  الذي تقوده نماذج ممثلة للطوابير الخماسية التي تتصدر  الظهور الإعلامي، والترويج للاستسلام، واستبدال نتائج طوفان الأقصى، كما استبدلت أمريكا  نتائج  الانتصار العظيم في 6  أكتوبر1973م. 

فما اسخف التفكير في اعتبار الأسلام المعتدل  في تركيا، يختلف عن الإسلام المتطرف بعد أن تساندا، وتحالفا، وشد بعضهما البعض، و تبادلا الأدوار ، والوظائف في اسقاط الأنظمة في ليبيا، وسورية..!

وأي  محاولة  خارج إطار العمل على اسقاط الانظمة، والنخب الفاسدة،،  فلاقيمة لها، وما اقصر النظر في توجيه أنظار القوى الحية في  الأمة حول الجزئيات، والتناقضات الأفتعالية  بين  تياري الإسلام السياسي  وبين الأنظمة الفاسدة، وكل منهم  صناعة  أمريكية في الوطن العربي، وتركيا، وباكستان، واندونيسيا…!

17. فبراير 2025 - 0:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا