لم يتعود الموريتانيون على تصريحات للوزير الأول بشأن القضايا الأساسية بل إنه من النادر أن نسمع الرجل يتحدث في منبر إعلامي محلي أو دولي إذا استثنينا خطابه السنوي أمام الجمعية الوطنية , ولعل هذا ما جعل من الصعب الحكم على الرجل
من حيث قدرته كرجل دولة يفترض أن لديه نظرة ما بشأن قضايا الساعة ومن ثم العمل على تجسيدها في برنامج حكومته ,,,,,, لكن مقابلته الأخيرة مع جريدة الأهرام المصرية و تصريحه بشأن مشكل العبودية وحقوق الإنسان لا يمكن أن يمر دون أن يطرح بعض التساؤلات و الإستفهامات سيما إذا علمنا أنه تصريح صادر من رجل بهذه المرتبة و بخصوص قضية كانت ولا تزال تمثل مصدر قلق وخطرا حقيقيا يهدد وحدة مجتمع بأسره ,
لم أطلع على نص المقابلة لكن ما لفت إنتباهي هو حديث الوزير غن علاقة لإسرائيل بشأن نشاط بعض المنظمات الحقوقية التي تعمل و تناضل بشكل أو بآخر في سبيل مكافحة الرق و آثاره وكذا قضايا الوحدة الوطنية وحقوق الإنسان وما أشبه الليلة بالبارحة فلطالما سمعنا تصريحات و إتهامات من هذا القبيل في عهذ العقيد ول الطايع متستر و مخفيا عجزه عن حل المشاكل الخطيرة أو عدم إرادته الحقيقية في هذا الإتجاه ,,, وهي مشاكل تسبب في الكثير من تجلياتها بنظامه القمعي العنصري
لكن ما يثير دهشتي و استغرابي هو محاولة الوزير الأول الرجوع بنا إلى أساليب رجعية عفى عليها الزمن ولم تعد تقنع السذج و الأغبياء ,, ولعل أبرز هذه الأساليب هي نظرية المؤامرة التي لم تعد تتماشى مع الموضة إن صح التعبير في قاموس الخطاب السياسي للدول المتحضرة ,,,إن أسلوب كهذا في التعامل مع المشاكل السياسية و الإجتماعية هو نوع من الهروب إلى الأمام و إنتهاج لسياسة النعامة بدل مواجهة الخطر أو المشكل ,,,كماأنه قد يعكس غياب نظرة حقيقية لدى رئيس الحكومة التي يفترض أنها تسعى لحلحلة أوضاع متردية أكثر من ذي قبل.
لكن الأدهى من ذالك و الأمر أن هذا التصريح يعكس تناقضا صارخا ومفارقة كبرى في حكومتنا الموقرة ,, ففي الوقت الذي أنشأت فيه ما يسمى بو كالة التضامن التى سيعهد إليها با لعمل على حل مشكل الرق و آثاره و كذا إنشاء محاكم خاضة بجرائم الرق يطل علينا الوزير الأول بخطاب ينطوي من بين أمور أخرى على تخوين مناضلين يرجع لهم الفشل في نفض الغبار و إماطة اللثام عن ملفات و قضايا يمثل السكوت عليها جبنا و خيانة ووصمة عار في جبين الكثير من مثقفي و سياسيي هذا البلد ,
لقد كان حريا بولد محمد لغظف في تلك المقابلة أن يتحدث بشكل أكثر جر أة و يقدم إقتراحات ملموسة أو برنامجا للوكالة التي أنشأتها حكومته لهذا الغرض حتى تفهم أن إنشاءها نابع كما قال بعض المتثاقفين من إرادة حقيقية لحل المشكل و ليس ذرا للرماد في عيون المحرومين والبؤساء من شريحة لحراطين التى يرزخ أبناءها تحت وطأة الجهل والفقر نتيجة للطلم الذي عاشه أجدادهم في فترات مظلمة من تاريخ هذا المجتمع,,
إن المتتبع لتاريخ الأنظمة المتعاقبة في بلدنا يدرك بجلاء كيف أن تعاطيها مع مشكل العبودية لم يختلف كثيرا حيث لم يكن أبدا وليد إرادة سياسية حقيقية لإستئصال المشكل و إنما اقتصر على بعض التدابير البيروقراطية مثل القوانين الغير مطبقة و كذا إنشاء بعض الوكالات أو الهيآت الإدارية التي يعهد إليها بحل المشكل وترصد لها أموال طائلة كما حدث في عهد ول الطايع ,,, وإن كنت لا أتمنى المصير نفسه لحمد زل محجوب رغم إعتراضي و تحفظاتي على سياسات محمد ول عبد العزيز..
وكما قد أشرت في مقال سابق فإن الوقت قد حان للتفكير في خطوات فعلية ملموسة من أجل حل المشكل في الأفق القريب حتى لا نعرض السلم والتعايش الإجتماعيين في هذا البلد للخطر فلسنا بدعا من المجتمعات التي عرفت في معظمها مشاكل و ظواهر إجتماعية من هذا القبيل ولربما بشكل أفظع لكنها سرعان ما تجاوزت تلك المشاكل با لحنكة و الحكمة,,,,, و لننتهز فرصة النقلة النوعية في وسائل الإعلام لإطلاق حملة توعوية يشارك فيها الجميع من أجل تغيير العقليات و تهيأتها لتكون أكثر إنفتاحا ... كما أن على الوكالة أن تعتمد خطة واضحة المعالم تستهدف الشرائح المعنية في التعليم و الصحة و التشغيل و تشجيع الملكية الفردية و أن يكون ذالك كله با لتشاور مع المجتمع المدني و الهيىآت المختصة ,,,,, وهكذا نسحب البساط من تحت أو لئك الذين نتهم أحيانا بالخيانة وتارة با لعمالة و يسجل لنا التاريخ أننا قد قضينا أو ساهمنا على الأقل في القضاء على مشكل و طني في المقام الأول قبل أن يكون مشكل شريحة بعينها