تشارك موريتانيا عادة باقي أقطار الوطن العربي الاحتفال في الثامن عشر من شهر كانون أول/ ديسمبر من كل عام بيوم الشرطة العربية، وهو تقليد سنوي تعارفت عليه أجهزة الأمن والشرطة العربية استذكارا ليوم 18/12/ 1972 اليوم الذي إلتئم فيه شمل قادة الشرطة والأمن العرب في أول مؤتمر عربي لهم بمدينة (العين) في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان للشرطة الموريتانية حضور فاعل في كل المؤتمرات المعنية بالأمن العربي منذ انطلاقتها، وكانت ومازالت من الداعين الى تنسيق الجهد المشترك بين مختلف أجهزة الشرطة العربية لصيانة أمن الأمة العربية ومواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه أمنها واستقرارها انطلاقا من حقيقة أن أمن كل قطر عربي يهم أمن سائر أقطار الوطن العربي وبالتالي فإن الأمن القومي العربي ينبغي أن يهم جميع أقطار الوطن العربي.
إن احتفال موريتانيا مع سائر أقطار الوطن العربي بيوم الشرطة العربية، ذكرى انطلاقة التعاون الأمني العربي،يأتي إيمانا بوحدة المجتمع العربي، واستذكارا وتحية للجهود الجهادية التي يبذلها حماة الأمن العربي رجال الشرطة، الساهرون على أمن أوطانهم، والدور الذي يقومون به في تعزيز الأمن القومي العربي والأمن الوطني لكل قطر عربي ومكافحة الانحراف والجريمة وترسيخ دعائم أمن المجتمع العربي.
لقد تتابعت بانتظام مؤتمرات قادة الشرطة والأمن العرب على مدى 41 عاما وكان لموريتانيا والخبراء الموريتانيين، دور فاعل وبارز في ترسيخ أسس مسيرة الأمن العربي القومي ورسم أطر التعاون الأمني المشترك بين الأقطار العربية، من خلال الحضور والمشاركة الفاعلة والتواصل مع كل تجمع ولقاء عربي ينشد الأمن والطمأنينة لوطننا العربي العزيز.
إن الاحتفاء بيوم الأمن والشرطة العربي مناسبة تستحق أن يحتفى بها ليس على صعيد أجهزة الأمن العربية حسب، بل على صعيد كل مواطن عربي غيور يقدّر (نعمة) الأمن، ويتلمّس السكينة والحياة الواعدة في أرجاء وطنه الصغير ووطنه الكبير، بعيدا عن كل ما ينغّص أو يكدّر صفو الحياة، ويهدد حقوق وكرامة الإنسان، وهي الأهداف التي كُرِّست لبلوغها رسالة أجهزة الشرطة العربية، فأكتسبت من جرائها كل هذا الاهتمام وحظيت بتقدير المجتمع العربي والإنساني، و مؤسسة الشرطة حين تفلح في صون الأمانة وكفالة اعتبارات الأمن والنظام العام، وفرض هيبة القانون، وتكتسب من جراء ذلك محبة وثقة الجمهور، فإنها بذلك تعطي إشارة البدء بإنطلاق عجلة التنمية والتخطيط والتقدم، إذ لا تنمية دون أمن، وباتت النظرة الى رسالة الشرطة المعاصرة أن أجهزة الأمن تشكل جزءاً حيوياً وفعالاً في حركة التنمية بكل جوانبها وأشكالها، وأضحت وظيفة الشرطة تعد من الوظائف الإنتاجية وليست من الوظائف الاستهلاكية المكلفة وبات الأنفاق على الأمن إنفاقا إنتاجيا.
يا ترى لماذا ألغت السلطات الموريتانية الاحتفال الذي كان سينظم بمناسبة عيد الشرطة العربية ؟؟؟
ففي هذا اليوم تكرم الدول والشعوب مبدعو ومميزو تلك الفئة التي سهر افرادها كي ينام الآخرون، وتعب أفرادها كي يرتاح المواطنون وينعمون بالأمن والسكينة والاستقرار.
وفي هذا اليوم تبرز من جديد عظمة الرسالة السامية وحجم الخدمة الكبيرة التي تؤديها المؤسسة الأمنية الشرطية ، فقد انقضى العصر الذي كان فيه الفرد بقوته وعزوته وماله وذويه يشكل دولة يتفيأ بظلالها وينعم بأمنها فالأمن بات هو الظرف الضروري لنمو الحياة الاجتماعية واطراد تقدمها، فكل نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي، وكل تقدم اقتصادي بل وكل ترفيه اجتماعي لا بد له من الأمن كشرط أساسي لضمان خدمته وحمايته، ولا أدل على هذا من دعاء سيدنا ابراهيم من ربه سبحانه وتعالي: ."ربِّ إجعل هذا بلدا آمنا "
وحيث ان تحقيق الأمن هو من أولى أولويات الدولة الحديثة ومن أهم وظائفها وأسمى أهدافها في سبيل الوصول إلى بناء مجتمع عصري و متحضر، قادر على الوفاء باحتياجات المواطن الأساسية و إحترام حقوقه ، وعلى التعامل مع متغيرات العصر وتحدياته، فإن عمل الأجهزة الأمنية بأسلوب عصري وحديث يشكل وسيلة هامة في هذا المجال لا سيما في المجتمعات النامية التي فرض عليها التخلف لسنين طويلة، من أجل اللحاق بركب التقدم.
(نحن نستحق ان نعيش حياة أفضل ... بإصلاح أحوالنا وتأمين مستقبلنا من منطق فكر اقتصادي تنموي عربي عصري جديد).
وهنا يبرز دور جهاز الشرطة في ضبط إيقاع الحياة في موريتانيا وهي من أكثر المهن وأكبرها تناقضات .. وأكثرها اختلافا في الرأي والحكم عليها وعلي أدائها .. وأكثر الأجهزة الحكومية انتقادا من كل فئات الشعب .. بداية من المواطن البسيط وحتى أكثر المواطنين ثقافة وعلما ومركزا ... جميعهم اتفقوا علي أنها ملامة .. وعلي أنها مقصرة وعلي أنها هي السبب في كل مشاكلنا ... و كأنه لا يوجد غيرها نلقي عليها كل مشاكلنا اليومية ونصفها بالتجاوزات في المعاملة وفي القرار ... ودائما ما نحتكم الي رجال العدل ليفصل بينها وبيننا في مشاكلنا.
هكذا هو حال الشرطة العربية.. واعتقد أنها في العالم كله ... ولكن في موريتانيا الوضع يختلف قليلا ، في موريتانيا المجتمع فيه من الاختلافات والتناقضات الكثير .. من فئات تقع تحت خط الفقر وتحاول ان تجد لها مكانا في المجتمع وان تجد لها رزق بأي طريق حتى ولو كان ضد القانون والعرف ... وبين فئات تشعر بالرخاء والرفاهية المترفة .. وتبحث عن ما هو أكثر من هذا راحة لها ... وتحارب لتكون منفردة بالحماية الي جانب الثراء..والسلطة والعلم والرزق علي حساب فقراء في رؤيتهم وفقراء في أموالهم وفقراء في مواقعهم ولا يملكون أي سلطة .. يصدون بها التجاوزات مظلومة .. وملامة .. في نفس الوقت
مع أن ضباط الشرطة والعاملين بأقسامها، هم أبنائنا وأخواتنا .. ولهم همومنا وقضايانا .. ومواقع عملهم مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحياة اليومية لنا من فرض الأمن وضبط الحركة اليومية .. في الحياة .. تخيل لو ان هذا الجهاز غير موجود .... كيف لنا أن نشعر بالأمان الشخصي ونأتمن علي بيوتنا من الخارجين علي القانون وممن فقدوا الشعور بالمسؤولية ؟؟؟
ربما يكون هذا الكلام مكرر في مناسبات كثيرة وفي أعياد الشرطة ... ولكنني أري انه ضرورة ان يتكرر هذا الكلام علي فترات .. حتى نعطي المخلصين منهم حقهم في الشكر والتقدير .. وهم الأغلبية العظمي ...و عندما تقع جرائم غير نمطية وغير تقليدية .. وجديدة علي المجتمع .. ( مثل المنزلقات الأمنية الخطيرة التي حدثت في السنة الماضية في نواكشوط .. )لا نجد منقذ لنا من فك شفرتها .. سوي جهاز الشرطة بمختلف إداراته نضع علية كامل ثقتنا ... ونتابع إجراءاتهم وخطواتهم لحظة بلحظة، ....
خطايا وأخطاء التخطيط .. وتشابك القوانين وتعدد القرارات من كافة الوزارات تقع مسؤولية تنفيذها علي جهاز الشرطة ... وهو تحت أي ظروف وفي كل الأحوال .. أقل حجما وتعدادا وأقل إمكانيات تقنية وعلمية تكفي لتنفيذ القرارات والقانون علي مدينة مثل مدينة نواكشوط.
ولابد من وجود آليات أخري تساعد أفراد الشرطة لتكون أكثر تلاحما مع المواطنين علي كافة مستوياتهم. مظلوم المواطن الموريتاني ... وهو بين قوانين تصدر و لا تنفذ، وبين قوانين قد تكون متضاربة ...ما بين ضرورة ان يحمل في سيارته مثلث ( تحذير ) وبين شنطة إسعاف، .. مظلوم المواطن الموريتاني الذي يعاني كل يوم عندما يريد ان يضع سيارته في مكان آمن قريب لحد ما من بيته ومسكنة .. ولا يجد مترا واحدا علي امتداد عدد من الشوارع المحيطة به ..!شوارع ضيقة ولا تستوعب كم السيارات التي تسير فيها ... وكأن نواكشوط كلها أصبحت" كراج" مزدحم . مظلوم المواطن الموريتاني البسيط عندما يسير بشوارع جانية وتقاطعات تخلو من الإشارات الضوئية.... ويتصرف من واقع ثقافته في المرور في التقاطعات .. عقلي قبل قلبي .. مع رجال الشرطة .
قديما كانت الشرطة أداة في يد الحاكم لكبح جماح المعارضين .. أما اليوم فهي أداه شعبية للحفاظ علي الحياة الشرطة هي أحد الأجهزة الموكل إليها حفظ الأمن في أوقات السلم حيث أنها من الأجهزة المدنية. لماذا لم يتم اكتتاب داخل الشرطة منذ سنة 2006؟؟؟؟ لماذا لا يتخذ رئيس الموريتاني قرارا شجاعا بحل الشرطة الوطنية إن كان نظامه يستغني عن خدماتها، بدل تهميشها والتهويل بها ليشتفي فيها كل من دب و دب؟؟؟