
في هذا المشهد الوقور ، حلّ معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي على دار العلم والتجديد، زائرًا العلامة المجدد الشيخ عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، ذاك الذي جعله الفكر الرصين، والقلم الحاذق، أحد أركان الاجتهاد ومشاعل الهداية في زمن التبست فيه السبل، واضطربت فيه الموازين.
فليست هذه الزيارة محض تلاقٍ بين السياسة والعلم، أو مجرد تكريم لعَلَمٍ يُستحق له التكريم، بل هي أبعد غورًا، وأعمق دلالة. إنها رسالة تحمل بين طياتها خيطًا ناظمًا من العرفان، تمتدّ جذوره إلى صرح الجمهورية، حيث يُؤْمِن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بأن الأمم التي لا تعلي شأن علمائها، ولا ترفع قدر حكمائها، هي أممٌ تُطفئ مصابيح مسيرتها بيدها، وتترك سفينتها نهبًا للتيه.
لقد كانت بلاد شنقيط ولا تزال وستظل مستودع الفكر، ومنبع الفقه، ومهوى أفئدة السالكين في دروب العلم والمعرفة، بمحاظرها العريقة و منارات العلم الزاخرة، وبرجالاتها السفراء الذين تبوؤوا مواضع الريادة قبل أن يعرف العالم معنى الدبلوماسية، يحملون رسالتها في كل مجلس ، ويصدحون بحكمتها في كل منبر، فما خبت لهم جذوة، ولا انطفأت لهم قبس.
إن تكريم هذه القامات العلمية السامقة، وتقديمها على الملأ في مقام يليق بمكانتها ، ليس منة تُمنح، ولا زينة تُعلق على جدران البروتوكول، بل هو استدعاء لروح الأصالة، وإعلان أن الفكر الرصين لا يُغلب، وأن العقول التي تُحسن قراءة الزمن هي التي تصوغ مجراه، وترسم تضاريس مستقبله.
بوركتْ هذه الخطوة و بوركت مثل هذه المجالس و التي بمثلها يُحفظ المجد، وتُشيَّد أركان الدول على أسٍّ لا يَهوي، وعمادٍ لا يلين.
ذ.محمد ولد حويه