بعد الإثارة التي أثارها النائب والمحامي محمد ولد احمد سالم ولد طالبان حول هذا الموضوع أحببت أن أدلي بدلو في هذا النقاش القانوني المطروح الآن في الساحة السياسية بعد انتهاء الانتخابات النيابية والبلدية وستكون مناقشتي لهذا الموضوع قانونية بحته بحكم خلفيتي القانونية وذلك لإجابة علي السؤال التالي وهو : هل يفقد النائب البرلماني مقعده بعد استقالته من حزبه ؟
اعتقد انه لإجابة علي هذا السؤال الجوهري فان التعديلات التي أجريت علي القوانين الانتخابية وخاصة القوانين المتعلقة بالشيوخ والنواب والبلديات والتي تم نشرها في العدد رقم 1262 من الجريدة الرسمية بتاريخ 30 ابريل 2012 والتي نتجت عن الحوار السياسي بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة نصت كلها باستثناء القانون النظامي المتعلق بالنواب علي فقدان المنتخب لمقعده إذا استقال من حزبه .
حيث نصت المادة 9 من القانون النظامي رقم 2012/030 الذي يعدل بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91/029 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ في فقرتها قبل الأخيرة علي انه : (( يفقد الشيخ الذي يستقيل من حزبه أثناء انتدابه مقعده تلقائيا وتبدأ عملية إبداله حسب الصيغ المنصوص عليها في القانون )).
ومن المعروف أن الهدف من هذه المادة هو القضاء علي ظاهرة الترحال السياسي التي كانت هي الميزة السائدة عند الساسة الموريتانيين والهجرة دائما نحو الحزب الحاكم والعكس غير صحيح.
وقد برز للسطح هذا المطلب في الآونة الأخيرة حيث اتفقت عليه الأحزاب المتحاورة في الحوار السياسي الأخير بين أحزاب الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة وتم تقنينه .
كما نصت المادة 113 من القانون النظامي رقم 2012 / 032 من الأمر القانوني رقم 87/ 289 الصادر بتاريخ 20 أكتوبر 1987 الذي يلغي ويحل محل الأمر القانوني رقم 86/ 134 الصادر بتاريخ 13 أغسطس 1986 المنشئ للبلديات في فقرتها قبل الأخيرة علي انه : (( يفقد المستشار البلدي الذي يستقيل من حزبه أثناء انتدابه مقعده تلقائيا وتبدأ عملية إبداله حسب الصيغ المنصوص عليها في القانون )).
وحيث إن كل هذه المواد صريحة في أن أي شيخ أو مستشار بلدي استقالا من حزبهما يفقدان مقعدهما تلقائيا .
وتبقي الإشكالية الكبيرة في أن القانون النظامي رقم 2012/029 الذي يعدل بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91/ 028 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية وخاصة المادة 22 منه لم تنص أو حتي تشير إلي فقدان النائب لمقعده في حالة استقالته من حزبه حيث نصت علي مايلي :
(( تتم الترشحات باسم الأحزاب السياسية المعترف بها قانونا . يجب أن تحرر التصريحات بالترشيح علي راسية الحزب السياسي ويجب أن توقع من قبل المترشحين أنفسهم بحضور الممثل المحلي للجنة الوطنية المستقلة اللانتخابات وتتضمن : 1- الصفة المعطاة للائحة عند الاقتضاء
2- أسماء وألقاب وأعمار ومساكن المترشحين
3- اسم الممثل المدعو بالوكيل
علي كل مترشح لانتخابات النواب أن يودع الخزينة العامة كفالة بمبلغ 20.000 أوقية .
و لا ترد هذه الكفالة إلا للمترشحين أو اللوائح التي حصلت علي أكثر من 5% من الأصوات المعبر عنها .)).
وحيث إن هذا خلل كبير لم تفطن له الأحزاب المتحاورة أو تم عن قصد منها وبالتالي فان الترحال السياسي تمت مكافحته جزئيا وبقي البرلمان الذي هو أهم المؤسسات السياسية بمناي عن ذلك. وعليه فان النائب المستقيل من حزبه لا يمكن أن يفقد مقعده بقوة القانون لان القانون لم ينص علي ذلك صراحة أو ضمنيا.
ومن المعروف إن المادة 22 من القانون السابق الذكر لم يتم تعديلها من طرف البرلمان ولو قام البرلمان الحالي بتعديلها فإنها لا تسري عليه لان القانون لا يسري بأثر رجعي.
وبالتالي فان الترحال السياسي جائز ا في هذا البرلمان الجديد وهذا يطرح سؤال جوهري وهو :
هل حقق الحوار السياسي بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة أهدافه فيما يخص الترحال السياسي ؟ أم انه حققها فقط جزئيا ؟
وخلاصة القول أن النائب البرلماني لا يفقد مقعده إذا استقال من حزبه وهذا بقوة القانون الذي يجب ان يخضع له الجميع .
وفي الأخير أرجو أن تكون هذه السطور فتحت النقاش القانوني والسياسي أمام المهتمين بهذا الموضوع المهم .
المحامي الأستاذ/ عبد الله ولد البشير