
ينتشر في موريتانيا العديد من حوادث السير المروعة، التي كشفت عن حجم المأساة التي تعيشها البلاد نتيجةً أسباب، من بينها رداءة الطرق، وعجز السلطات عن تطوير البنية التحتية، وافتقارها لوسائل الإنقاذ الأساسية.
هذه العوامل مجتمعة جعلت الطرق الموريتانية من بين الأخطر في العالم، حيث احتلت البلاد المرتبة الأخيرة من أصل 137 دولة شملها تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول جودة الطرق، وهو ما يعكس الوضع المتردي للبنية التحتية المرورية في البلاد.
أسباب تفاقم حوادث السير:
تعود مشكلة حوادث السير في موريتانيا إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، التي تتعلق بالبنية التحتية، وسلوك السائقين، وغياب الصرامة في تطبيق القوانين. ومن أبرز هذه العوامل:
1. سوء حالة الطرق، حيث يعاني معظم الطرق الموريتانية من التشققات والحفر وعدم الصيانة، مما يجعلها غير آمنة للسائقين، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
2. ضعف الرقابة المرورية: هناك نقص في الدوريات الأمنية على الطرق الرئيسية، مما يشجع البعض على التهور في القيادة دون خوف من العقوبات.
3. غياب وسائل الإسعاف والإنقاذ: كثير من الحوادث تتحول إلى كوارث بسبب التأخر في نقل المصابين إلى المستشفيات، نتيجة ضعف تجهيزات الإسعاف وقلة المراكز الصحية القريبة من الطرق التي تقع فيها الحوادث.
4. الاستهتار بقوانين المرور: أغلب من السائقين لا يلتزمون بإجراءات السلامة، مثل ارتداء حزام الأمان، والالتزام بالسرعة المحددة، واحترام إشارات المرور،كما أن بعض المركبات تسير بحمولات زائدة، ما يزيد من خطر وقوع الحوادث.
الجهود الحكومية للحد من الحوادث:
في محاولة للحد من هذه الحوادث المميتة، سنت السلطات الموريتانية العديد من القوانين الرامية إلى تحسين السلامة المرورية، مطالبة الجميع بالالتزام بقواعد السير، مثل ارتداء أحزمة الأمان، وتجنب السرعة المفرطة، وعدم تجاوز الحمولة المسموح بها، فضلاً عن احترام إشارات المرور والتقيد بمسافات الأمان بين المركبات، كما تم إطلاق حملات توعية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لحث المواطنين على الالتزام بقوانين المرور.
إضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية من خلال مشاريع ترميم وتوسيع بعض الطرق، إلا أن هذه الجهود لا تزال غير كافية مقارنة بحجم المشكلة، إذ إن تنفيذها يسير ببطء، ما يجعل الطرق المتهالكة مستمرة في حصد الأرواح.
دور المجتمع في تعزيز السلامة المرورية:
إلا أن الحد من حوادث السير لا يقتصر فقط على سن القوانين، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، بدءًا من السلطات التي يقع على عاتقها تحسين البنية التحتية وتطبيق القوانين بصرامة، مرورًا بأجهزة الأمن التي يجب أن تكثف الرقابة على الطرق، وصولًا إلى السائقين الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في اتباع إجراءات السلامة والقيادة بحذر.
كما أن للمجتمع المدني ووسائل الإعلام دور مهم في التوعية بمخاطر التهور أثناء القيادة، وتعزيز ثقافة احترام قوانين المرور، فمن الضروري تنظيم حملات توعية تستهدف جميع الفئات العمرية، خاصة الشباب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من ضحايا الحوادث بسبب التهور أثناء القيادة.
حلول مقترحة للحد من الحوادث:
للحد من حوادث السير في موريتانيا، يجب تبني استراتيجية متكاملة تشمل عدة محاور:
* تحسين البنية التحتية: تطوير الطرق وصيانتها بشكل دوري، ووضع علامات مرورية واضحة في جميع المناطق.
* تعزيز الرقابة المرورية: زيادة عدد الدوريات على الطرق، وتطبيق القوانين بصرامة ضد المخالفين.
* توفير وسائل إسعاف حديثة: إنشاء مراكز إسعاف قريبة من الطرق السريعة، وتجهيز سيارات الإسعاف بأحدث المعدات.
* نشر الوعي المروري: تكثيف حملات التوعية عبر وسائل الإعلام والمدارس والجامعات، لإرساء ثقافة احترام قوانين المرور.
* فرض عقوبات رادعة: تشديد العقوبات على المخالفين، مثل فرض غرامات مالية كبيرة، وسحب رخص القيادة للمتهورين، وتطبيق عقوبات قانونية على السائقين الذين يتسببون في الحوادث نتيجة الإهمال.
أخيرا
إن الحد من حوادث السير في موريتانيا يتطلب تضافر جهود الجميع، بدءًا من الحكومة التي يجب أن تضع السلامة المرورية ضمن أولوياتها، مرورًا بالسائقين الذين يتحملون مسؤولية الالتزام بالقوانين، وانتهاء بالمجتمع المدني والإعلام في نشر الوعي. فلا يمكن التقليل من خطورة هذه الحوادث إلا من خلال استراتيجية شاملة تركز على تحسين الطرق، وتعزيز الرقابة، وتوفير وسائل إنقاذ متطورة، بالإضافة إلى نشر الوعي حول أهمية القيادة الآمنة، فالحفاظ على الأرواح مسؤولية جماعية يجب أن يتحملها الجميع.