كلمة حق.. ودعم.. وتبرئة.. وتوجيه.. / محمد ولد أواه ولد آجه

altلكل شخص، وكل فئة الحق في التعبير عن الغضب، والامتعاض، والرفض لأي نوع من أنواع الظلم، أو التهميش، أو الإقصاء، وعلى كل الأحرار، والخيرين دعم أي توجه من هذا القبيل، مهما كان من يتبناه ؛ ولا يمكن أن يخلو أي حراك نضالي مبرر من بعض الأشخاص،

 والأفكار المتطرفة، والمغالية التي قد ترتكب حماقات وتتبنى أفكارا يكون هذا الحراك، أو ذاك بريئا منها، ولا تمثله البتة، كما أنه لا بد لكل حراك من طريق مرسوم بعناية محدد المعالم، ومسوَّر بالأفكار المعتدلة التي تمنع انزلاقه إلى هاوية التطرف، والمغالاة.

وليس حراك لمعلمين خارجا مما سبق فهم قد عانوا، ويعانون من شتى صنوف الظلم، والتهميش، والإقصاء في مجتمعهم، ووطنهم سواء كان هذا الإقصاء عن قصد، أو عن غير قصد، وسواء كان تدبيرا من جهة أجنبية (المستعمر) لا تبغي الخير، ولا التقدم لهذا البلد، أو من جهات، أو فئات محلية نتيجة للتخلف، أو للجهل، أو لأمراض القلوب، وسأحاول من خلال النقاط التالية أن أقول كلمة حق في حق لمعلمين الذين أتشرف أنني رضيعهم، وأعتبرهم أخوالا لي بالرضاعة :

امعلم : ليست نسبا بل هي مهنة، ومهنة شريفة أيضا؛

لمعلم : إنسان كغيره من بني الإنسان يكرُم ويشرف بالتقوى، وبما يقدمه من إنجاز في سبيل خدمة الوطن، والأمة، وإعمار الأرض؛

لمعلم : شخص يكسب من عمل يده وكسبه حلال إن لم تشبه شائبة من شوائب الحرام الأخرى؛

لمعلم : شخص ذكي في الغالب الأعم متقن، وماهر، وقل أن يتجه "امعلم" إلى فن مهما كان ذلك الفن إلا أتقنه، فمن يداني علماءهم علما، وأدباءهم أدبا، وشعراءهم شعرا، وصناعهم صناعة، ورساميهم رسما، وخطاطيهم خطا.

لمعلمين : فئة كان لها الفضل على المجتمع الموريتاني في توفير ما يحتاجه من آلاته، ردحا من الزمن فالراحلة، والكدحة، والتاسفرة، وأبراد، والتزاي، ولحصيره، والخنجر، والموس، وأمنگاش، ولكْشَاط، وأشقاب، والتينه، واشكاره، والشكوه، إلى غير ذلك من الأدوات والآلات هي من صنع لمعلمين؛

لمعلمين : فئة كان لها الفضل في تقوية المقاومة المسلحة التي واجهت المستعمر قبل نشوء الدولة الحديثة بما أنتجوه من آلات الحرب، ووسائل الدفاع؛

جميع الفتاوي التي أصدرت ضد لمعلمين تبقى آراء لأصحابها، إن كانوا قالوا بها تناقض صريح كتاب الله تعالى، وصحيح سنة رسوله محمد، وتؤكد أن ما تستند عليه تلك الفتاوى من أحاديث، أو آثار كلها موضوعة ومكذوبة على الله وعلى رسوله؛

جميع الإشاعات والأقاويل التي نسجت حول لمعلمين عارية من الصحة ويكذبها الواقع.

ولو أنصف الدهر، وكنا في دولة حقيقية لارتفع شأن لمعلمين ولتم إنشاء معاهد متخصصة تحتضن نوابغهم، ومهندسيهم، ولاستخدمت مهاراتهم، وقدراتهم، في بناء وتعمير هذا الوطن المتهالك، ولتم تكريمهم، والاعتراف بالفضل لهم، وحملهم على الأعناق، ولكانوا طبقة يتشرف كل أحد بالانتماء إليها، ولكننا دولة تشجع الاتكال، والكسل بدل أن تشجع المهارات، والعمل.

إن لمعلمين ثروة قومية بالمعنى الكامل للكلمة، وبالمفهوم الاقتصادي، إنها فئة من الموارد البشرية، والأدمغة التي لو تم استغلالها لتقدمنا أشواطا في مجال الصناعة، ولربما اكتفينا ذاتيا في بعض الصناعات الهندسية.

إننا في مجتمع يعاني من أزمة في الفكر، والثقافة؛ مجتمع اختلطت فيه المفاهيم؛ مجتمع يقود فيه الجاهل العلماء، والكسول المجتهدين، والعاجز الأقوياء، مجتمع يحمل المتطرفين، والجهلاء، والخامدين، على الأعناق.

إن المقال المعنون بـ "الدين والتدين ولمعلمين" الذي كتبه العمل غير الصالح – إن لم يتب إلى الله من فعلته- لإحدى أسر فئة لمعلمين العريقة، والمتميزة علما، وفكرا، وأدبا، لا يمثل حراكهم لمعلمين وكاتبه لا يمثلهم، ولا يمثل ما تميزوا ويتميزون به على مر العصور من حب لله ولرسوله وتمسك بدينه وإجلال للصحابة والتابعين والعلماء والصالحين، فهم منه برءاء وحراكهم من مقاله وتوجهه بريئ.

وأنتم أيها لمعلمين واصلوا في حراككم، وناضلوا عن حقوقكم، وطالبوا بها، مع المحافظة على الأمور التالية :

عدم تحميل الأجيال الحالية ما وقع من ظلم في الأجيال السابقة؛

عدم الحكم على فئة أو جهة بفعل فعله بعض أفرادها؛

عدم الغلو والتطرف في الفعل ورد الفعل؛

عدم الوقوع في نفس خطأ الآخرين (تهميش الآخر وإقصائه والإساءة إليه)؛

دحض الأفكار والآراء التي تسيئ إلى لمعلمين دون التعرض للأشخاص فشخصنة الأمور لا تؤدي إلا إلى التفرقة والبغضاء وتعصب كل لرأيه أو رأي من يرى أنه ينتمي إليه؛ السير بخطى حثيثة وثابتة ومرسومة بالأفكار البناءة الموحدة للمجتمع والخلاقة وقطع الطريق أمام كل تطرف وغلو قد يودي بحراككم المشروع إلى هاوية التطرف والغلو؛ وأختم بقولي إن كل ما سطرته بالنسبة للمعلمين، ينطبق على كل فئات المجتمع الأخرى مع اختلاف كل فئة عن الأخريات، من حيث المميزات، ومواطن القوة ومكامن العطاء.

وأقول للجميع على مختلف فئاتهم، وانتماءاتهم، ومشاربهم، إنه يجب علينا التركيز على مواطن الاتفاق، وتنميتها والسعي إلى الحفاظ عليها، ومن أهم تلك الأمور الدين الإسلامي الحنيف، وحب الوطن، والدفاع عنه، وخدمته بكل غال، ونفيس.

وأقول للسلطة الحاكمة واجبك الديني، والوطني هو قطع الطريق أمام كل تطرف ديني، أو عرقي، عن طريق احتضان كل حراك مبرر، ورفع الظلم الواقع على أهله، عن طريق الملتقيات الفكرية، والمشاريع التنموية، وإرساء دولة القانون، والمؤسسات، التي لا تميز بين المواطنين على أساس انتماءاتهم

كما أقول للسياسيين، والمتنفذين، ورجال الأعمال، والفكر، والعلم، والأدب، والإعلام كفاكم تكريسا للتفرقة بين المجتمع وتكريسا لمفاهيم كالقبلية، والطائفية، والجهوية، والعنصرية؛ أعلم أنها تخدم جيوبكم، ومصالحكم الضيقة، وتمكن لكم لفترات لاحقة، ولكن خرق السفينة التي نبحر بها سيغرق الجميع إن عاجلا ام آجلا.

ولله الأمر من قبل، ومن بعد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

الأديب والناقد والباحث : محمد ولد أواه ولد آجه

E-mail : [email protected]

 

4. يناير 2014 - 18:33

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا