
شهد العالم الرقمي تحولا جذريا في طرق إنتاج المحتوى الإعلامي، حيث انتشرت تقنيات البث عبر الإنترنت بشكل واسع، مما ساهم في ظهور مصطلحات جديدة مثل "البودكاست" و"الفودكاست". ومع ذلك، يلاحظ وجود خلط في استخدام هذين المصطلحين، حيث يتم إطلاق "بودكاست" على المحتوى السمعي البصري، هنا عندنا في موريتانيا وبعض الدول العربية الأخرى. هذا الخلط قد يؤدي إلى غموض في فهم طبيعة كل من البودكاست والفودكاست، مما يستدعي توضيح الفروق الجوهرية بينهما
في هذا المقال، سنوضح الفرق بين البودكاست والفودكاست من الناحية العملية، ونناقش كيف يمكن تطبيق هذه المفاهيم على المحتوى الرقمي في موريتانيا، التي تشهد طفرة في صناعة المحتوى المحلي.
البودكاست والفودكاست: هل هناك فرق؟
يخلط الكثير من الناس بين "البودكاست (Podcast)" و"الفودكاست (Vodcast)"، معتقدين أنهما وجهان لعملة واحدة، بينما هناك فرق جوهري بينهما:
البودكاست: هو محتوى صوتي رقمي يتم إنتاجه وتوزيعه عبر الإنترنت، ويتميز بكونه غير متزامن مع البث المباشر، مما يتيح للمستخدمين تحميل الحلقات والاستماع إليها في أي وقت.
ويتميز البودكاست بأنه يشبه البرامج الإذاعية، ولكن مع حرية أكبر في اختيار المواضيع وطريقة التقديم.
الفودكاست؛ على النقيض من البودكاست، هو محتوى رقمي يجمع بين الصوت والصورة، مما يجعله أقرب إلى البرامج التلفزيونية الرقمية. يتم بث الفودكاست على منصات مثل يوتيوب وفيسبوك، ويستخدم لتقديم محتوى مرئي متكامل، سواء كان ذلك مقابلات، أو نقاشات، أو عروض تقديمية.
لماذا يحدث هذا الخلط؟
1. تطور صناعة المحتوى: في الماضي، كان البودكاست محصورًا في الصوت فقط، لكن مع زيادة شعبية الفيديو، بدأ العديد من صانعي المحتوى في تسجيل الحلقات بالكاميرا، مما أدى إلى تداخل المفهومين.
2. التسويق الرقمي: بعض صناع المحتوى يطلقون على الفودكاست اسم "بودكاست" للترويج له، مما ساهم في انتشار المفهوم الخاطئ.
3. غياب التربية الإعلامية: لا تزال المفاهيم الإعلامية الحديثة غير واضحة للجمهور وحتى بعض صناع المحتوى انفسهم، مما يجعل المصطلحات تُستخدم بشكل غير دقيق.
التأثيرات السلبية للخلط بين المفهومين
1. تشويه الهوية الإعلامية للبودكاست: عندما يتم اعتبار البودكاست محتوى مرئيًا، يتم فقدان طبيعته الأصلية كوسيلة صوتية تتيح الاستماع أثناء أداء مهام أخرى، بما أنه ينتمي لوسيلة ساخنة كما سماها "مارشال ماكلوهان" لأنها لا تحافظ على التوازن في استخدام الحواس عكس المتحوى السمعي البصري الذي يقوم عليه "الفودكاست"
2. إرباك المستمعين والمشاهدين: قد يؤدي الخلط إلى ارتباك المستهلكين للمحتوى، مما يجعلهم غير قادرين على التمييز بين البودكاست والفودكاست عند البحث عن محتوى معين.
3. التأثير السلبي على صناع المحتوى: بعض صناع البودكاست المتخصصين قد يجدون صعوبة في الترويج لمحتواهم، بسبب الاعتقاد السائد بأن البودكاست يجب أن يكون مرئيًا.
الاستنتاج والتوصيات
من الضروري تصحيح هذا المفهوم الخاطئ من خلال التوعية والتثقيف حول ضرورة التربية الإعلامية خصوصا في الوقت الراهن.
استخدام المصطلحات الصحيحة في التسويق والإعلان عن المحتوى.
تحفيز صناع المحتوى الصوتي على إبراز الهوية الأصلية للبودكاست.