أيها الموريتانيون لا تلوموا الدانمارك بعد الآن / محمد فاضل عبد الرحمن

altمنذ ايام و أنا أتابع بهلع شديد و ألم عظيم ما أقدم عليه أحد الفتيان المسلمين في بلد الاسلام "موريتانيا" حيث تجرأ على سب رسول الله صلى الله عليه و سلم، أو بالأحرى قيل أنه تجرأ على الرسول، لأنني شخصيا لم أقرأ المقال الذي كتبه، حتى أتمكن من فهم الأسباب التي دعته للقيام بهذا الفعل المشين.

و لكن متابعتي للموضوع جائت دون المستوى لأنه لم يكن يوما من طبيعتي متابعة موضوع لم ألم بحيثياته و لم أتمكن من معاينته بصورة مباشرة، لذلك أرى أن المقال له دلالة واضحة قد تؤثر تأثيرا سلبيا على حق الشعب الموريتاني في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ذلك لأن وشمة عار قد طبعت على جبين هذا الشعب، حيث خرج من رحمه ساب لرسول لله صلى الله عليه وسلم، و هنا سيقول الدانمركيون، حين نهب للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، أنظروا كيف هبوا للدفاع عنه و هم يسبونه حيث سبه المواطن الموريتاني فلان ابن فلان !!!!!!.

طبعا سيقول البعض من القراء الكرام أن هذا التعميم لا يجوز، إلا أنه من الجلي أن الفتى لم يولد من فراغ و ليس ولدا بلا أب و لا أم، و لا مجتمع، و لا دولة، فهو ابن أم موريتانية و أب موريتاني، حتى لو تبرءوا منه، و كذلك هو نفسه مواطن مولود في المجتمع الموريتاني، و يخضع لسلطة الدولة الموريتانية لا بل إنه كان يتقاضى راتبه من الدولة الموريتانية و طبقا لقوانينها و من مؤسسة وطنية تابعة لأعرق مؤسسة في موريتانيا.

الغريب في الأمر أن هذا الذي سب الرسول ـ أو قيل عنه أنه سبه ـ بحسب ما ورد من أنباء، سيحاكم محاكمة فلوكلورية، إن حوكم أصلا، و قيل يطلق سراحه، بعدما أن تهدأ نفوس الموريتانيين كما فعل مع الذي حرق الكتب، و فعل مع الذي قتل، و الذي سرق، و لذي أغتصب، و الذي اختلس، و الذي هدد، و الذي أطلق النار، و الذي و الذي .....، إلى آخر اللائحة التي تطول.

موريتانيا لا تحافظ على الحق العام، و تتلاعب بالحق الخاص، ففي غالب الأحيان يخرج من السجن أعتا المجرمين و أكثرهم خطورة على المجتمع، و في موريتانيا كذلك يطبق القانون بشكل غريب، بشع، لا ينم عن روح المسؤولية لا عند القاضي و لا عند المنتخب، و لا عند السياسي و لا حتى عند الإداري، فكل الذين يتولون شؤون المواطنين يقررون في مصير المواطنين بصورة سخيفة و بتلاعب كبير.

إن هذا المقال و صاحبه ظاهرة لها أسباب عدة، سأحاول إيجازها كالآتي :

أولا : الحرية المفرطة للصحافة الإلكترونية و الصحافة عموما. و خاصة نظرا لضعف القوانين الرادعة للتهاون،

و سوف أعطي مثالا على هذا، في بعض الأحيان أكتب مقالا فيه نبرة "قبلية" تضطرني لها معالجة الموضوع الذي أتحدث عنه، فأجد أن المقال مرفوض من قبل عديد المواقع، و للمفارقة هنا، فإن الموقع الذي نشر المقال المسيء قد رفض ذات مرة نشر مقال لي لمجرد أن له طبيعة قبلية، لكنه نشر المقال المسيء دون وعي إداري و نظرا لغياب المساطر الإدارية و عدم وجود آليات رقابة داخل نظام الموقع رغم إمكانية وجود تلك الآليات في كل لغات البرمجة التي تنشأ بها المواقع الإلكترونية، و لا ينبؤكم مثل خبير.

و هنا تتبادر للذهن الأسئلة التالية :

ما فائدة إدارة المواقع الألكترونية، و حتى ما فائدة الهابا نفسها ؟، هل يمكن للهابا أن توضح لنا المساطر التي تمر بها المواد الإعلامية التي تنشرها الموقع الألكترونية ان وجدت لذلك رقابة استباقية ؟

ما فائدة إدارة الإتصال بالوزارة الوصية على الإعلام، و حتى ما فائدة الوزارة نفسها ؟

ثانيا : إنعدام الوازع الأخلاقي و وسائل الردع لألئك الذين تسول لهم أنفسهم كتابة مواضيع تجرح مشاعر الموريتانيين ؟

القانون الموريتاني لا يطبق بشكل دقيق ثم إن السماح لخطيئة بسيطة بالمرور مر الكرام، يتيح الفرصة لضعفاء العقول بالوقوع في خطيئة أكثر فظاعة، كالتي وقع فيها هذا المذنب.

ثالثا : الإستغلال السلبي للإعلام

فهنا يمكن القول أن كل الإعلام الموريتاني سواء الخاص منه أو العام، سلبي و غير هادف، فهو لا يعالج القضايا بعدل و اعتدال و هذا طبعا مع بعض الإستثناءات البسيطة لبعض المؤسسات الإعلامية التي هي الأخرى لها سلبيات كثيرة. و سأعطي مثالا على هذا :

حيث أن برامج التلفزيون كلها لا طائل من ورائها لأنها ما بين المبارك للمارسات السيئة أو المغالي في رفضها، فلا تجد الوسط في معالجة القضايا و لا تجد التحليل العلمي و المنطقي لأي قضية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو حتى دينية.

ثالثا : عدم ملائمة مستوى الحرية الممنوح مع مستوى الوعي الجماهيري في موريتانيا و كذلك مستوى المهنية و الاستقلالية لدى الصحفيين الموريتانيين (أرجوا أن لا يكتب موقع الأخبار أني اتهمت الصحافة بعدم المهنية).

و أذكر هنا أن بعض المواقع يمكن أن تنشر أي شيء مهما كان و يتحدث في أي موضوع حتى و لو لم يكن ذا فائدة على المواطن، فتجد المواطن المتلقي ينقاد لمجهول، و سأعطي مثالا على ذلك ، تجد على موقع ما من مواقع موريتانيا خبر حول فتاة ما بإسمها الذي يوحي لك بأنها موريتانيا و بأنها قامت بعمل ما سيء جدا، بل مخل بالآداب و انتهاك حرمات الله، فتستغرب ـ هذا يحدث حتى مع أشخاص مثقفين ـ و تتابع قراءة الموضوع لتكتشف في نهايته أنها تركية مثلا أو غربية و أن لا علاقة لمجتمعك بهذا الفعل المخجل، ثم تتساءل لماذا سمح لهذا الموقع بنشر هذا الخبر عديم الفائدة و عديم حتى القيمة بالنسبة لعموم الشعب ؟ و تتوقف عن قراءة الموضوع و تغلق الصفحة. لكن يا ترى ماذا يفعل شخص بسيط لا فكر له، ربما يواصل البحث حتى يرى بأم عينه الفيديو المخل بالآداب، أو الصورة، و قيل يقوده ذلك الموقع لما هو أخطر من ذلك. فمن المسئول  ؟

و في الأخير أعتقد أنه على الدولة الموريتانية محاسبة كل مخل بالآداب دون امكانية العفو لا من طرف ممثل القانون و لا من طرف حتى رئيس الجمهورية نفسه، و كذلك أعتقد أنه على الحكومة تفعيل الهابا أكثر، فهي بلا جدوائية إذا كان عملها يقتصر فقط على مراقبة بعدية، فلا بد من مراقبة استباقية لكل الأحداث، تتيح الفرصة لمنع مثل هذا الخدش أو ذلك التجريح، أو حتى هذا السب الخطير لذات الرسول صلى الله عليه و سلم.

و في الأخير أذكر كل ألئك المدافعين عن الرسول صلى الله عليه و سلم أنه أعظم و أنقى من أن يؤذيه سب الجاهلين بحقيقته، و لكي ندافع عنه، فليس علينا الخروج للشارع، بل علينا المواظبة على متابعة إذاعة و قناة القرآن الكريم، و منع أطفالنا من متابعة برامج و مسلسلات غريبة علينا.

السلام عليكم.  

7. يناير 2014 - 17:09

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا