طالعت – كما طالعتم وتطالعون – تلك الموجة الآثمة من المضامين الإعلامية أو شبه الإعلامية المسيئة إلى المسلمين عموما، وإلى المسلمين الموريتانيين (وكل الموريتانيين مسلمون رغم أنف من تستفزّه تلك العبارة) على وجه الخصوص، والتي استمرت
وتيرتها بشكل متدرج؛ بدءا بنشر بعض الأخبار الفاحشة وإجراء المقابلات المتهتكة مع شخصيات وهمية تصفها المواقع المعنية بالأمر! بأنها "جريئة" (رغم أنها تحجب صورتها وتتكتم على هويتها) مما يعزز فرضية أن كتّاب هذه الأخبار ومختلقي هذه المقابلات الوهمية هم أصحاب هذه المواقع (هداهم الله)
مرت تلك المرحلة - بما تحمّله أصحابها من وزر – دون أن تحدث الصدمة المرغوبة أو المخطط لها، في نفوس الموريتانيين. فكانت الخطوة الثانية مع تصوير وبث الأغاني المصحوبة ببعض الصور الخليعة. قبل أن يتم تكريس هذه الحملة المهزومة والمهزوزة في "المقال" البائس الذي تطاول فيه كاتبه المسكين، على جناب وحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (فداه أبي وأمي) أخيرا.
لن ينال "المقال" وصاحبه من مقدار رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كفاه ربه – جلّ وعلا - المستهزئين، ووصفه بأنه على خلق عظيم، وأخبر أنه قد رفع ذكره، ووعده – ووعده الحق – أن يعطيه فيرضى... لن ينال من شأن نبي الرحمة الذي شهد له أعداؤه – قبل أتباعه – بالأمانة والصدق والعدل والرفعة الخلقية والخلقية... فلم يبق إلا كما يقول الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها *** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
الحقيقة المرّة التي يجب علينا الاعتراف بها، هي أن هنالك تيارا فكريا وسياسيا معروفا! يسيئه تديّن الموريتانيين، دون أن يمتلك من الشجاعة ما يسمح له بمواجهة المجتمع بفكره كما هو، وبمعتقده كما هو، وبأهدافه السياسية كما هي! فلم يبق له إلا هذه المحاولات اليائسة لإعطاء انطباع وهمي عن وجود موجة انحلال وإلحاد تجتاح المجتمع الموريتاني، علّه يجد في ذلك موطأ قدم يسمح له بالإفصاح عن نفسه كما هو!
إن علينا كموريتانيين أن نجعل من هذه المحنة (محاولة النيل من الإسلام ومن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم) منحة؛ وأن نتخذها وسيلة ومناسبة للتمسك بسنته صلى الله عليه وسلم، وموسما للتواصي بالحق والصبر على سبيله صلى الله عليه وسلم وسبيل أتباعه؛ التي هي الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة.
أن نتخذها موسما لنشر السيرة النبوية العطرة في بيوتنا وأسواقنا ومكاتبنا ومراكبنا... وأن نتخذها مناسبة – كذلك – للوقوف مع القائمين على الدعوة إلى الله تعالى وإلى نهج رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من الدعاة الصادقين والعلماء الربانيين والسّاسة المصلحين؛ حتى يرى الحيارى حملاتهم تبوء بالفشل وسحرهم ينقلب على ساحرهم ومكائدهم ترتد في نحورهم. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.