كبة المرفأ أولى بالتبرع / أحمد ولد جدو

altعشنا الأيام الماضية على وقع حالة من الاستفزاز والاستهتار بمشاعر الفقراء والمسحوقين والسبب هو أن من يتحكمون في أمور بلدنا ثلة من هواة إذلال الشعوب وعكس كل المفاهيم والقيم ...

ففي هذه الأيام ظهرت الطبقة الحاكمة في مشهد كرنفالي تعيس وهي تستعرض قدراتها على التبرع لقضايا لا تمس المطحونين بل تهدف لإلهائهم عن همومهم الحقيقية، فقد هرولوا للتبرع في تليتون نظمته وزارة الثقافة والشباب والرياضة واستمرت تلك المسرحية لمدة 30 ساعة وحصدت 600 مليون أوقية ولم يكن التيلتون من أجل قضية خيرية ولا مساعدة منكوبين ولا ضحايا كارثة انسانية، بل لمشاركة منتخب المرابطون في بطولة افريقيا للمحليين. وقدم الأمر على أنه انتصار للوطنية وروحها، ولم يناقش المتبرعون لماذا يضعون هذه الأموال؟، ولماذا لا تقوم الجهة الوصية على توفير الإمكانيات اللازمة من أجل مشاركة منتخب المرابطون ؟، ومتى كانت المشاركة في البطولات الإقليمية كارثة انسانية تتطلب التبرع ؟، ولم يتساءلوا أين ذهبت ثروات وطننا وأي ذهبت ضرائبنا ؟ وماذا حل بخزائن الدولة التي يصرخ بنا الجنرال كل حين إنها مليئة بالأموال؟

طبعا لم يتساءلوا لأن الهدف من التبرع ليس خدمة الوطن بل هو المشاركة في جوقة التصفيق وإثبات الولاء للحكام العسكر !!

المهم، بعد هذه الحالة الجنونية التي عشنا فيها في الأيام الماضية، استيقظنا على حريق كبة المرفأ و سحق النيران لأكثر من ستمائة عريش كانت تؤوي عائلات موريتانية طالما اشتكت وتظاهرت من أجل أن توفر لها قطع أرضية وأماكن للعيش بكرامة،وصرخوا أن أي حريق سيؤدي إلى القضاء عليهم لأن الأبراج والأعرشة المكونة لهذا الحي مصنوعة من الحطب،لكنهم لم يجدوا من يستمع لهم ولا يحقق لهم مطالبهم -فقط لأنهم مواطنون بسطاء .

قام الجنرال عزيز بعد هذه الحادثة بزيارتهم ووعدهم كما يفعل دائما ولم يزد الأمر عن ذلك -ومن يعرف الجنرال ويعرف وعوده العرقوبية لن تزيده تلك الزيارة إلا احباطا -، وتم منع الصحفيين من تغطية مأساة سكان هذا الحي المنكوب وكذلك تم منع أحد الأحزاب من مساعدة سكانه ولم نسمع لحد الاَن أي من اللذين تبرعوا لمنتخب المرابطون يدعو لمساعدتهم، و لم يصرخ كذلك الجنرال في المواطنين من أجل التبرع لهم ولم يعلن عن تليتون ولا ما يشابهه .

هذه القصص تثبت لي أننا في وطن تسير فيه الأمور بشكل معكوس يبعث على الغثيان والاشمئزاز، فالكوارث الانسانية لا تجد من يتضامن مع المتضررين منها ولا من يمد لهم يد العون والحكومة والحاكم العسكري يتجاهلونها و يمنع مساعدة ضحاياها وتغطية أخبارهم، أما المشاركة في البطولات الاقليمية واعداد منتخبات كرة القدم التي من المفترض أنها تتبع لجهة وصية فتجد حملات التبرع لهم والصراخ من أجل المساعدة .

هذه الحالة تثبت مدى الانحطاط والسخافة التي وصلنا لها حيث لا قيمة ولا كرامة للانسان ... وأننا نعيش أزمة قيم بامتياز وحالة من السقوط الفاضح.

وقبل أن أنهي سطوري أتمنى أن نبدأ حملة لمساعدة المتضررين من حريق كبة المرفأ فالتبرع لهم أولى من المهازل التي استفزنا بها النظام

10. يناير 2014 - 13:14

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا