إذا وضعت أحدا فوق قدره، فتوقع أن يضعك دون قدره. الإمام علي كرم الله وجهه أيها العمال الشرفاء:
منذ أسبوعين: بدأتم اعتصاما، واخترتم “جوار” القصر مطالبين بتطبيق القانون وردع كينروس عن تجاوزها في حقكم، لم تطالبوا سوى بتطبيق القانون.. تجاهلناكم،
وتجاهلتكم وسائل إعلامنا (قنواتنا التلفزية، والإذاعية، مواقعنا، صفحاتنا الاجتماعية المليئة بالسجالات الترفيهية..) تجاهلتكم القوى السياسية بأحزابها ومنظوماتها، وتجاهلتكم المنظمات المدنية بأطيافها.. تجاهلكم النظام، برأسه ووزرائه ومفتشي شغله.. البارحة: أبلغتكم الشرطة بأن تفضوا الاعتصام بموجب “أوامر عليا” لأن زيارة سيؤديها رئيس دولة أجنبية للبلاد يستحسن أن تكون الشوارع “نظيفة” من أي مظهر ديمقراطي!! ولكنكم رفضتم، وأجبتم بثقة: يمكن حل مشكلتنا قبل الزيارة. وعلمنا بما حصل.. لكن ذلك لم يحركنا من مخادعنا الدافئة، ولم نغادر دفئها وعطر بخورها لنقف دقيقة عند أقدامكم لنعبر لكم ـ على الأقل ـ عن مؤازرتنا لقضيتكم، لم تأت صحافتنا ولا نشطاؤنا السياسيون والحقوقيون والشبابيون ليتأكدوا من عزمكم على الصمود، ويروا رباطة جأشكم، والثقة التي تتقد من عيونكم، بل تجاهلناكم مجددا وتركناكم لنفخ الرياح الباردة في رئاتكم الممتلئة أملا في نصرتنا، ولآلة القمع الممتلئة غيظا على “مستخدمها” لتفرغ حقدها وساديتها فيكم. لقد تجاهلكم حتى جيرانكم في المُعْتصَم: الشباب الذين كانوا معتصمين نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذين غادروا بانقياد وتسليم عندما طلبت الشرطة منهم ذلك دون أن ينظروا خلفهم إليكم!! حتى المستشفى “الوطني” تجاهل علاج مصابيكم من القمع..!! وهكذا.. فجر اليوم تخلت دولة بأكملها عنكم،قدها وقديدها، نخبوييها وعوامها، سياسييها وحقوقييها، ناشطيها وخامليها، جميعنا تخلينا عنكم. فهل ستعذروننا إذا قلنا لكم بأننا لم ننجز دولة بعد؟!! أيعقل أن نكون دولة ونحن نسمح لشركة أجنبية باستغلال ثرواتنا في مقابل زهيد، ونسمح لها بالتلاعب بالقانون مقابل إرضاء جيوب حفنة منا؟!! أيمكن أن نعتبرها دولة تلك التي تعتبر اعتصاما سلميا مظهرا سلبيا في شوارعها يجب أن يزال ويجتث كما تزال الأوساخ، ولأجل إرضاء رئيس دولة أجنبية؟!! أيمكن أن نعتبرها دولة تلك التي يحدث فيها قمع على مرمى أمتار من القصر الرئاسي ـ الذي تظلمتم إلى ساكنه وهو خصمكم ـ وهو (دستوريا) حامي الدستور الذي يكفل حرية التظاهر، وعلى بعد أمتار من المجلس الدستوري؟!! أيعقل أنها دولة ويعجز مئات ـ إن لم يكن آلاف ـ الصحفيين عن التقاط صورة واحدة من القمع الوحشي الذي حصل لكم؟!! عذرا.. عودوا للاعتصام “جوار القصر”عندما يكون لنا دولة ديمقراطية، دولة مؤسسات.
سيد ولد محمد الامين
10 يناير 2014