لا يحتاج النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلى دفاعنا عنه، لأن الله كفاه المستهزئين إلى اليوم العقيم، لكننا نحن في أمس الحاجة دواما إلى الغضب لعرضه الشريف ومقامه المنيف، لننال رضا المولى سبحانه ولتبقى جذوة الإيمان متقدة في نفوسنا، ولنستحق شفاعته وهي لكل مؤمن ومؤمنة حفظ الله في نبيه وصحابته.
مقدساتنا باتت في خطر، وفي صدرها حرمة النبي الأكرم وشريعته وربما يصل التطاول إلى الملائكة المقربين ثم إلى الحق سبحانه تعالى وتقدس.
وإذا كان الله تعالى لا تلحقه المعرّة، فإن التطاول على أسمائه وصفاته سيكون الحلقة الأخيرة من مسلسل الكفر والردة والفسوق في هذه البلاد الإسلامية التي "أسلم أهلها عليها" ولم تفتح لا صلحا ولا عنوة وهي خصوصية من ميزاتها الكريمة.
وما اجترأ هذا الرويبضة الأخير على الجناب النبوي إلا وقد رأى من السلطة تساهلا في إيقاع العقوبة المستحقة عليه وعلى أمثاله من الجهلة واللئام.
ولم تتصل هذه الحلقات القذرة من المساس بالمقدسات إلا بعد أن صوّح نبت المعارف النقدية الإسلامية والإنسانية المستنيرة التي تجمع بين النقل والعقل، وتمد الشباب بالجواب عن السؤالات القلقة التي تبثها مراكز الوثنية الجديدة وعبادة الشيطان والمنظمات السرية الخبيثة.
وهي النتيجة المنطقية لقتل الجامعة الوطنية وتحويلها إلى مركز للتخابر والنميمة والجهالة، فلم يعد لها أي دور في بناء القيم والرأي والمشروع الحضاري العام.
ساستنا يغضبون للحقوق العامة ويثبتونها في دستورهم، ثم لا يطالبون بوضع مادة قاطعة وحاسمة لدابر من تسوّل له نفسه التطاول على مقدساتنا العقدية والشرعية والأخلاقية وأضعف الإيمان سحب الجنسية من أولئك المعتدين وتركهم يتسكعون في شوارع العالم بلا هوية وبلا سند وليتلقفهم من يشاء من الكفرة أو الفسقة أو المنحرفين.
مسلسل المروق من الدين والخلق والجماعة، ليس عبثيا ولا صدفة، بل يبدو وثيق الصلة بمناخ الضلالات العالمي وغياب الرادع الدستوري والقانوني والمجتمعي القاطع لدابر هؤلاء الرويبضات المنحرفين خلقيا ونفسيا.
نتحمل جميعا مسؤولية هؤلاء الرويبضات المتطاولين على الجناب النبوي وعلى حرمة الدين والأخلاق والجماعة.
لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق ولي الأمر وأهل حله وعقده، ليقوموا بوضع مادة دستورية تحفظ المقدسات وسن قوانين رادعة لمن ينشر أي كلمة تمس من حرمة المقدسات مستقبلا وأقلها سحب الجنسية والفصل من العمل.
والمسؤولية تقع أيضا على أولئك الذين يوهّنون من غضب المؤمنين فيتحدثون أحاديث باردة وتأويلات رخيصة عن عدم وجود حد الردة في الإسلام ويجهلون أن آية (لا إكراه في الدين) لا تعني بتاتا من ارتد عن دينه بل هي لمن لم يدخل فيه ابتداء. أما الحديث:(من بدل دينه فاقتلوه) فهو صمام أمان للجماعة الإسلامية من تلاعب الكفرة والفسقة بهذا الدين، وإلا لدخلوه صباحا وخرجوا منه مساء وقد يعبثون بحرمة الأسرة المسلمة وغيرها من المعاملات، وكأنهم في سياحة ونزهة.
إن القلوب لتقطّعُ ألما للتطاول على رسولنا المعصوم، لكن الدموع تسيل فرحا وهي ترى جموع الشباب المسلم تنتفض غضبا لله ولرسوله ولدينه لا تخشى في ذلك لوم لائم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد
كتبه عبد ربه الغني به
حماه الله ولد السالم
في التاسع من ربيع الأول سنة 1435 من هجرة خير البرية